الرقة – نورث برس
بدأ الحرس الجمهوري تعزيز وجوده في دير الزور، شرقي سوريا، منذ مطلع العام الجاري، يأتي الأمر في ظل تصعيد إيراني أمريكي، وتسريبات عن نية إيران وروسيا التحضير لهجمات تهدد القواعد الأمريكي.
هذا الوجود للحرس الجمهوري يرى خبراء عسكريين، أن غايته ليست لتحضير القوات الحكومية لهجمات ضد القوات الأمريكية المتواجدة شمال شرقي سوريا، إنما لـ “شرعنة” وحماية الوجود الإيراني.
وبحسب مصادر عسكرية تواصلت معها نورث برس، دخلت وحدات الحرس الجمهوري إلى دير الزور بداية عام 2020، ولكن كان تواجدها يقتصر على المدينة، وبأعداد قليلة لا تتجاوز الـ 200 عنصر، ولكن مع مرور الوقت، أنشأت لها نقاط حراسة في مناطق البادية، وقرى السبع المهجرة، لتنتشر حديثاً في مناطق ريف دير الزور الشرقي.
تعزيز التواجد
تقع نقاط الحرس الجمهوري بالقرب من نهر الفرات في مناطق حويجة صكر جنوبي دير الزور، وفي قرى، (مظلوم، مراط وطابية) في خط الجزيرة، مع وجود نقطتين مشتركتين في هذه البلدات مع القوات الروسية.
وفي ريف دير الزور الشرقي، يستحوذ الحرس الجمهوري على نقطتين في بلدة “العباس”، وأخرى في بلدة “المجاودة”، كانت قد استحوذت عليها مطلع الشهر الجاري، بعد سحب عناصر الفرقة الرابعة منها، كما واستحوذت بعدها بأيام على نقطة جديدة، في بلدة “المجاودة” بريف دير الزور الشرقي.
وتوجد عدة نقاط مشتركة للحرس الجمهوري، مع فاطميون الأفغاني ترفع عليها رايات القوات الحكومية تنتشر في مناطق (هرابش، محكان، الجفرة والبوليل) بريف دير الزور الشرقي.
ويصل عدد عناصر الحرس الجمهوري بدير الزور إلى 400 عنصر يقودهم المدعو “سامر صوفان”، تحت اسم مجموعة “الهادي”.
“سامر صوفان” مقرب جداً من الحرس الثوري الإيراني، وينشط مع أبنائه الثلاثة المتواجدين في الحرس الثوري، باستقطاب أشخاصاً من دير الزور من أصحاب التسويات، وفتح مراكز خاصة في بيوت مصادرة بحويجة صكر، لتدريس المذهب الشيعي، ليتم تخريجهم بعدها من المركز الثقافي الإيراني بدير الزور.
ووفقاً لمصدر عسكري، فإن الحرس الجمهوري في دير الزور، يمتلك أسلحة ثقيلة صواريخ ومدفعية، وله صلاحيات مطلقة في مناطق تواجده، ويلتزم بالسرية التامة في العمل، ولا يسمح للمدنيين بالاقتراب من نقاطه، ويشرف على المجموعات في دير الزور قياديين من الجنسية السورية، وجميعهم “علويون” من مناطق الساحل، وآخر إيراني الجنسية.
ترجيحات
يرجح عناصر من القوات الحكومية، أن أسباب انتشار الحرس الجمهوري، لتقليص نفوذ الفرقة الرابعة، المنتشرة على ضفاف الفرات والتي اشتهرت بعمليات التهريب، ولعدم ارتياح “النظام” لعناصر الفرقة الرابعة، خاصة بعد تمرد قيادات محليين، بسبب خلافات على معابر التهريب.
وكذلك لكثرة الخلافات بين الفصائل الموالية لإيران وعناصر الفرقة الرابعة في دير الزور، ولتعزيز نشاط وتقدم الحرس الجمهوري على النقاط المحاذية لـ “قسد”، خاصة أن عناصره مدربون على تكتيك الحرب بشكل جيد.
وعناصر الحرس الجمهوري بدير الزور من عدة اختصاصات، منهم خريجي معسكرات “الشيباني” في قاسيون بدمشق، ومتخرجين من معسكر “صمد” المختص بالمداهمات، بالإضافة لعناصر مدربين على عمليات الإنزال الجوي.
ويعود وجود الحرس الجمهوري في دير الزور إلى أواخر العام 2012، وتحديداً في شهر أيلول/ سبتمبر، بعد فشل كتائب القوات الحكومية المتواجدة في دير الزور من اقتحام أحياء أُخرجت منها وسط المدينة.
حينها، استقدمت القوات الحكومية تعزيزات من الحرس الجمهوري تضم 2400 عنصر، بقيادة الضابط “علي خزام” الذي لاقى حتفه بعد أقل من شهر من قدومه، و”عصام زهر الدين” الذي قُتل بظروف غامضة أواخر 2017.
بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” عاد الحرس الجمهوري إلى دمشق، لا سيما أن مهمته الأساسية حماية العاصمة، وبقي له تواجد قليل في دير الزور.
لكن، استبعد المحلل العسكري أحمد رحّال، وجود تعزيزات للحرس الجمهوري في دير الزور، واعتبر أن الوجود فقط للفرقة الرابعة، للتغطية على الفصائل التابعة لإيران وحمايتها.
ورأى أن “نظام الأسد لا قدرة له على مواجهة القوات الأمريكية، إذ لا يملك القدرات المادية والعسكرية ولا حتى القرار، هناك فقط أجندة إيرانية بدعم روسي”.
قال “رحال”، إن “نظام الأسد ليس لديه أجندة في دير الزور شرقي سوريا، كالبوكمال والميادين أو قاعدة عين علي، فهذه المنطقة أصبحت مركز ثقل للميليشيات الإيرانية، بالإضافة لمناطق أخرى كالسيدة زينب ومحيطها والفرقة السابعة بالكسوة، وحلب التي تتمركز فيها إيران، وبعض المناطق التي يتواجد فيها حزب الله اللبناني في ريف دمشق”.
حماية الفصائل الإيرانية
أضاف في تصريح لنورث برس، أن “نظام الأسد لا يملك القرار في المناطق التي تتواجد فيها إيران، فدير الزور تخضع للمشيئة الإيرانية الخالصة، ووجود النظام هو لشرعنة الوجود الإيراني ولحماية الميليشيات التي تحتمي بعَلمه عند تهديدها”.
في تصريح سابق لنورث برس، قال مصطفى النعيمي، وهو باحث مشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إن رفع راية “النظام” بدير الزور، “يندرج ضمن نطاق الخداع العسكري، تظن دمشق أن من خلالها تمنع الضربات الأمريكية”.
وعن التحركات الإيرانية في غربي الفرات بدير الزور، لفت “رحّال” إلى أن “هناك تصعيد إيراني روسي، إذ أن روسيا تدفع بإيران نتيجة خسائرها في أوكرانيا، وترغب بالانتقام من الأمريكان في سوريا، حيث تعتبر أن الغرب وأمريكا يقفون وراء دعم الجيش الأوكراني، عملاً بمقولة أن الأمريكان لا يتحملون الخسائر”.
ومطلع الشهر الجاري، سربت صحيفة “واشنطن بوست” وثائق استخباراتية أمريكية، تشير إلى أن الفصائل الإيرانية تعمل على استراتيجية جديدة لطرد القوات الأمريكية من سوريا.
حيث تسلح إيران المقاتلين في سوريا لبدء مرحلة جديدة من الهجمات على القوات الأمريكية في ذلك البلد، ضمن جهود جديدة وأوسع نطاقاً، من جانب موسكو ودمشق وطهران لإخراج الولايات المتحدة من سوريا، وفقاً للصحيفة.
ثم إن إيران لم تخف نواياها وخاصة بعد الاجتماع بينها وبين الروس وتركيا، وطالبت القوات الأمريكية بالخروج من سوريا، وكانت رأس الحربة في هذه المواجهة، ونفذت عدة عمليات منها المسيرة التي قصفت مطار رميلان وأدت لمقتل متعاقد في الجيش الأمريكي، وردت عليها القوات الأمريكية بقصف مواقع للفصائل الإيرانية، وفقاً لـ “رحّال”.
وأشار لوجود تحشيد في دير الزور من قبل القوات الأمريكية لقواعدها وتدعيم قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وتدعيم روسي إيراني، وإيراني لفصائل الأخيرة.
ونوّه إلى أن أمريكا وإسرائيل توصلوا لقناعة أن إيران تخطت الخطوط الحمراء، و”الضربات المحدودة لن تجد نفعاً، ويجب تقليم أضافرها في المنطقة”، بضربة “ليست قاصمة لإيران إنما تأديبية تُعيد خطوط الاشتباك ولا تهدد الوجود الأميركي”.