طرطوس – نورث برس
يعيش حافظ عوض (65 عاماً)، من سكان حي العريض في طرطوس في الساحل السوري، في مدينة تعتبر الرقم واحد في السياحة السورية ويقصدها السياح من كافة أنحاء العالم، ولكن الحكومة ورغم كل ذلك لا يمكنها رفع الفقر عن سكانها، حسب قوله.
ويقتات الرجل الستيني منذ عام 2014 من راتبه التقاعدي، الذي وصل بعد التعديلات الأخيرة إلى 98 ألفاً و340 ليرة (حوالي 11 دولاراً) بعد انتهاء سنوات الخدمة الوظيفة في معمل إسمنت طرطوس.
وانتقل “عوض” للعمل ضمن إحدى المنتجعات السياحية غربي المدينة، براتب يصل إلى 150 ألف ليرة (حوالي 17 دولاراً أميركياً) وبدوام من 8 مساءً وحتى 7 صباحاً، حتى يوفر لعائلته احتياجاتهم اليومية.
معفاةٌ من التقنين
تمتلك مدينة طرطوس على الكورنيش والأرياف التابعة لها نحو 182 منشأة سياحية مرخصة لدى وزارة السياحة السورية، وهي معفاة من التقنين الكهربائي منذ منتصف العام المنصرم بقرار مشترك بين وزارتي الكهرباء والسياحة.
إضافةً إلى أن طرطوس تمتلك نحو 1.975 منتزه يعمل على تقديم الخدمات للزائرين في أنحاء المدينة وريفها، وتنشط خلال فترة الذروة في فصل الصيف، ضمن إحصائيات مجلس المدينة لعام 2022.

فيما تمتلك محافظة اللاذقية، من أكبر المدن السورية التي يقصدها السياح خلال العام، ضمن المدينة وأريافها نحو 345 منشأة سياحية مرخصة لدى وزارة السياحة السورية، جميعها معفاة من التقنين.
وتدعم الحكومة هذه المنشآت بكافة الخدمات التي توفر في دورها فرص عمل كبيرة للسكان خلال فترة الاصطياف خاصة، وباقي الأشهر.
بغصة عميقة يقول “عوض” بلهجته الساحلية: “بس هل مدينة قتلت سكانها وفقدت جمالها من بداية الحرب، وطرطوس هي مدينة الدم المهدور”.
وتفتقر طرطوس إلى الدعم الحكومي وخاصة أنها تعيش الجحيم من نقص مياه الشرب والتقنين الكهربائي الذي يصل إلى 20 ساعة قطع وساعة وصل في معظم الأحيان.
موسم سياحي يواجه صعوبات
يصف رائد ونوس (45 عاماً)، مسؤول في أحد المنتجعات السياحية على الطريق الدولي طرطوس اللاذقية، بداية الموسم بـ”المخجلة” ويأمل أن تحمل الخير بعد انتهاء الامتحانات الجامعية والطلابية.
ودعا وزير السياحة في الحكومة السورية رامي مرتيني، في تصريح لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية نهاية الشهر المنصرم، المغتربين السوريين وخصوصاً في الخليج أن يزوروا بلدهم وأهلهم حتى يكونوا داعمين لاقتصاد بلدهم.
وأضاف ونوس، أن الحجوزات من خارج سوريا تبدأ في منتصف شهر تموز/ يوليو القادم، والمنتجعات تنقسم إلى قسمين، منها يعتمد على السياحة الداخلية وهي ضمن النطاق الشعبي ومخصصة للرحلات الداخلية والآخر على المغتربين والطبقة المخملية في سوريا.
وتوقع وزير السياحة أن يبلغ عدد القادمين إلى سوريا خلال هذا العام نحو 2.5 مليون منهم نحو 700 ألف سائح، مشيراً إلى أن نسبة القدوم إلى سوريا في تزايد مستمر، فيما بلغ ما يقارب مليون و754 ألف زائر لعام 2022 بنسبة نمو 141% عن عام 2021.
وكان ونوس، يختلف مع رأي الحكومة لهذا العام بقوله: “بعيداً عن السياسة لأنها لا ترتبط في السياحة، الحكومة تعول على السياحة لإدخال العملة الصعبة إلى البلد، لكن الأصعب ما يمنعها داخلياً، نحن في السياحة نعيش في طوق أمني ولن تتحقق رؤية الحكومة مع وجود هذه المعوقات”.
وتسعى الحكومة السورية جاهدة لجباية المال وتعزيز خزينتها المنهارة حتى أصبح يطلق عليها بين السكان والتجار والصناعيين “حكومة جباية متى النهاية” ومن الجانب السياحي لها نصيب باهتمام وزير السياحة.
وقال الوزير للصحيفة إن “المشاريع السياحية التي تتابعها الوزارة وخصوصاً فيما يتعلق بالسياحة الشعبية والعديد من المشاريع السياحية منها ما سوف يتم افتتاحه العام الحالي ومنها العام القادم”.
وأضاف: “وضع فندق طرطوس الكبير في الخدمة بعد توقفه لسنوات”، مشيراً إلى أنه تم تأهيل هذا الفندق ليصبح على المستوى الدولي “خمس نجوم” وخصوصاً أنه سوف يضم أكثر من 250 سريراً فندقياً.
أحياء بدون مياه لأسبوع
وقال رامي النعمان (35 عاماً)، من سكان منطقة الحميدية جنوب طرطوس، إن سكان المنطقة يعانون من نقص كبير في مياه الشرب مما يجبرهم على تأمينها من الآبار التي تسبب الأمراض والالتهابات المزمنة والتكلفة العالية في تأمينها.

وأضاف “النعمان” بلهجته المحلية لنورث برس: “شعب طرطوس فقير، بتدخل على مدينة بتقول واو كونها سياحية، جمال طبيعة سبحانك ربي، بس نحن كـشعب فقير ما حليتنا غير راتب الموظف وإذا كان معلق في عمل تاني”.
وأشار إلى أنه خلال سنوات الحرب تراجع بشكل كلي الاهتمام الحكومي في مناطقهم حتى بات رب العائلة منهم يعمل لمدة 20 ساعة في اليوم حتى يتمكن من دفع 600 ألف ليرة سورية لإيواء عائلته.
وتعاني مناطق كثيرة من أرياف طرطوس وباقي المدن على خط البحر بشكل كبير من قلة مياه الشرب وضعف الإمكانيات المعيشية واتجاه شبابهم للتجنيد في القوات الحكومية كونها تعتبر وظيفة عيش لا أكثر.