“ما حدا حاسس فينا”.. إهمال ومحسوبيات في مراكز استلام القمح بإدلب

هاني السالم ـ إدلب

“ما حدا حاسس فينا، نحنا خايفين على الحنطة تحترق وهنن يأخرونا أيام للتسليم”، جملة قالها سليمان، اختصرت ما يعانيه مزارعو القمح في إدلب من أجل تسليم محصولهم لمراكز الاستلام التي تديرها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً).

المزارع سليمان رحال من سكان خربة الناقوس غربي حماة، يملك أرضاً مساحتها 150 دونماً زرعها بمحصول القمح، تقع على خطوط الجبهة بين تحرير الشام وقوات الحكومة السورية.

وأكثر ما يخشاه المزارع اندلاع اشتباكات بين الطرفين ما يتسبب بسقوط قذائف تتسبب في اندلاع النيران واحتراق محصوله، خاصة أن ما يعرقل “رحال”، عن حصاد أرضه هو “تأخر مراكز الاستلام في إدلب عن استلام المحصول”.

وتتم عملية تسليم محصول القمح، بورقة تسمى “وصل دور”، من المركز، “ورغم حصولي عليها إلا أنهم يجعلوني انتظر لأيام  بحجة وجود حالات استثنائية، وهي محاصيل أراضي هيئة تحرير الشام التي استولت عليها، دون أي اعتبار لمخاطر احتراق أراضينا، التي لا يتم تعويضنا عنها”.

محسوبيات

ويشير عادل المحمد (37 عاماً) وهو سائق شاحنة لنقل القمح، إلى أنهم “أخبرونا أن التفريغ خلال 24 ساعة، لكننا ننتظر لأكثر من 4 أيام وقد يستمر ذلك لأسبوع بحجة أننا لا نملك وصل تسليم، بينما غالبية الشاحنات تقوم بالتسليم دون هذا الإيصال”.

الأمر لا يتوقف على تأخير عملية تسليم القمح وما يترتب عليها من ارتفاع أجور النقل التي يتكبدها المزارع (6 دولار على الطن)، إذ تفاجأ نادر السلامة (42 عاماً) وهو صاحب أرض زراعية ضمن قرية معرة مصرين شمال إدلب، بعملية تقييم جودة القمح.

ويشير “السلامة”، الذي يرافق شاحنات القمح الخاصة به إلى مراكز التوزيع، إلى أنه “في الوقت الذي يكون فيه القمح من الدرجة الأولى يتم تقييمه من الدرجة الثالثة أو الرابعة وهذا يعني خسارة 40 دولار للطن الواحد”.

وأعلنت حكومة الإنقاذ الجناح المدني لهيئة تحرير الشام، عن تحديد سعر القمح المستلم من المزارعين بسعر 320 دولاراً للطن الواحد من الدرجة الأولى بينما تختلف التسعيرة تبعاً للدرجات ونسبة الشوائب فيها، بحسب تقييم الفرق المختصة.

ويضيف لنورث برس: “لا نستطيع التقدم بشكاوى للجهات المختصة، لأنها غالباً ما تنتهي بالرفض أو الإهمال، إلا في حال كنت تملك شخصية مقربة من الحكومة عندها تضمن الدرجة الأولى”.

وقبل ثلاثة أسابيع تقريباً، بدأت عملية استلام القمح من المزارعين بنوعيه الطري واليابس، وفقاً لدرجات الجودة، وذلك ضمن 3 مراكز في إدلب.

وتبلغ الاستطاعة اليومية لمركز صوامع المدينة “نحو 1200 طن يومياً، في ظل ضعف الكوادر المتخصصة و صعوبة التعاطي مع أصحاب المحاصيل من ناحية الاستلام و تقييم الجودة و عملية دفع المستحقات”، بحسب أحمد اليوسف، إداري في مركز استلام الحبوب في إدلب.

وأضاف لنورث برس: “تتم عملية استقبال القمح بموجب وصل تسليم، ولكن هناك حالات استثنائية يتم تحييدها عن هذه المنظومة حيث يتم إدخالها فوراً دون انتظار ودون إيصال بموجب تعليمات من إدارة المركز”، في إشارة إلى الوساطات والمحسوبيات.

ويرى تيسير شعبان (50 عاماً) من سكان بلدة تفتناز شرق إدلب، نفسه مجبراً على بيع القمح لحكومة الإنقاذ، والرضا بشروطهم، لعدم وجود أسواق لبيع القمح أو ممرات لتصديرها، بالإضافة للمضايقات الأمنية والغرامات ومصادرة الحمولة.

ويعرب “شعبان”، عن أمنيته بوجود منافذ تصير أخرى “مما يضمن منافسة أكبر على القمح وبالتالي ازدهار القطاع الزراعي”.

ويشدد المزارع على ضرورة تسريع حكومة الإنقاذ لعملية استلام القمح، كي يحصل المزارعون على ثمن القمح وبالتالي يتمكنون من دفع الديون والالتزامات التي عليهم.

وتم تقييم قمح “شعبان”، من الدرجة الثانية، “كما يدعون”، وبالتالي سيحصل على مبلغ 300 دولار للطن، وهي لا تغطي تكاليف الإنتاج، وهو ما يدفعه للتفكير بزراعة محصول آخر العام المقبل.

وهذا ما أشار إليه أيضاً، عبد العزيز الشيخ (33 عاماً)، وهو مزارع من سكان بلدة أرمناز غربي إدلب، إذ بلغت تكلفت زراعة الطن الواحد من القمح وانتظار نموه وحصاده ونقله إلى مراكز الاستلام نحو 317 دولاراً، وهو ما يعني خسارة نحو 17 دولار للطن الواحد “لأن فريق المخبر المتخصص بتقييم القمح، قيم قمحي المروي كما يقيم القمح اليابس بـ300 دولار من الدرجة الثانية”.

تحرير: تيسير محمد