مخيم في الطبقة.. أوضاع كارثية ونداءات استغاثة في مهب الريح

أسامة أحمد – نورث برس

على بعد نحو عشرة كيلو مترات، يقيم نشمي، مع بضعة آلاف من الأشخاص، يتخوف الرجل وأقرانه من كارثة إنسانية قاسية قد تكون وشيكة، بعد أن ساء بهم الحال خلال الفترة الماضية.

يقيم نشمي الرحيم، أو كما يلقبونه أبو مالك (65عاماً)، في مخيم المحمودلي شمالي الطبقة، شمالي سوريا، والذي يعاني النازحون فيه من ظروف “سيئة” نتيجة غياب الدعم عنهم منذ ثلاثة أشهر.

وتوقف الدعم المقدم من الأمم المتحدة لمخيم المحمودلي، منذ ثلاثة أشهر، حيث لم يختر برنامج الغذاء العالمي بديلاً عن جمعية كانت تقدم سلالاً غذائية للنازحين، أوقفتها الإدارة الذاتية منذ نحو شهرين نتيجة مخالفات.

وفي الـ 30 من نيسان/ أبريل الماضي، أوقف مكتب الشؤون الإنسانية في الإدارة الذاتية، “جمعية المودة” عن العمل في شمال شرقي سوريا، لمخالفتها شروط عمل المنظمات وعدم الالتزام بالقوانين، وورود الكثير من الشكاوى عليها، كما جاء في نص القرار.

يقول “الرحيم” لنورث برس، إن أوضاعه وأقرانه تراجعت خلال الفترة الماضية، وزادت سوءاً في الوقت الذي يعاني منه غالبية سكان مناطق الإدارة الذاتية من صعوبات اقتصادية نتيجة تدهور العملة المحلية وارتفاع الأسعار.

وفي تعبير عن سوء الحال، يصفه؛ “الجوع قتلنا. لم يبقَ لنا إلا ماء الفرات نستقي منه”.

ويشير رب العائلة المكونة من 5 أطفال وزوجته، والنازح من ريف حماة، إلى بدء ظهور سلوكيات “غير محمودة”، كـ “السرقة”، ويعلل ذلك “بسوء أحوال النازحين في المخيم”.

ويقطن المخيم 1814 عائلة، بعدد أفراد 9184 فرداً، معظمهم من أرياف ومدن (حلب، حمص، حماة ودير الزور)، التي تسيطر عليها القوات الحكومية.

وفي هذه الظروف، تقف الإدارة الذاتية غير قادرة على تقديم “إعانات للنازحين، وما تقدمه خفيف جداً”، بحسب تصريح لـ أمل العيسى، الرئيسة المشاركة لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في الطبقة.

وبجوار سابقه، يشير نهار ملحم الحمدو (60عاماً)، وهو من ريف حماة أيضاً، بسبابته نحو محيط المخيم، حيث السياج الشبكي، “الحياة أصبحت معدومة داخل هذه الأسوار، حتى السجناء يقدم لهم الطعام فأين حقوق الإنسان؟”، يقول.

ويتساءل: “كيف يمكن حرمان عشرة آلاف إنسان من المواد الأساسية التي من شأنها أن تبقيهم على قيد الحياة؟”

ووصل “سوء” الحال بالبعض من النازحين في مخيم المحمودلي، لأن يبيع أحدهم ملابسه ليطعم أولاده. على حد وصف “الحمدو”.

وبحسرة لا تخلو من الحرقة، يتساءل مرة أخرى في حديث لنورث برس: “أين المنظمات الدولية وحقوق الإنسان؟ نحن نموت هنا ولا يوجد أي استجابة من أحد”.

ويعاني النازحون في المخيم من الإهمال وقلة الدعم الذي وصل إلى حد الانقطاع خلال الفترة الماضية، في الوقت الذي تُحمّل فيه الإدارة الذاتية المسؤولية للأمم المتحدة، خاصة في ظل سوء الأحوال المادية للنازحين وعدم توفر فرص العمل لهم.

وقبل أيام، حذّرت الإدارة الذاتية من كارثة إنسانية تواجه النازحين في مخيم المحمودلي، الذي تديره إدارة شمال شرقي سوريا.

ويبلغ عدد الأطفال في المخيم أكثر من 4500 طفل، فيما يصل عدد الرضع إلى نحو 1150، بالإضافة لـ 276 معاقاً بين حركي وذهني، وكذلك 578 مصاباً بأمراض مزمنة، يُضاف لذلك مئات الرجال والنساء.

تقول سهام العقلة، وهي مديرة مخيم المحمودلي، لنورث برس، إن المنظمات الإنسانية تخلت عن النازحين فيه، رغم النداءات الإنسانية، “لكن دون جدوى”.

وتضيف: “كانت السلال الغذائية تصلنا عبر جمعية المودة، نستطيع القول بأنها كانت جيدة ولكن ومنذ أربعة أشهر والدعم الغذائي متوقف بشكل كامل، والجهات الأممية المختصة لم تعتمد بديلاً للجمعية، تم إهمال المخيم، وعدم الرد على نداءاتنا من أجل إنقاذ هذا الوضع المتردي”.

بالإضافة إلى شح في الأدوية والمنظفات، التي تناقصت كمياتها لأقل من نصف الاحتياج، لكن يبقى فقدان المواد الغذائية الأساسية والضرورية للحياة، بشكل تام هو التحدي الأبرز في المخيم، على حد وصف “العقلة”.

كذلك يقول محمود العيسى الرئيس المشارك للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في الطبقة، إن “الكارثة” لا تقتصر على مخيم المحمودلي فقط، بل تشمل أيضاً ثماني مخيمات عشوائية في الطبقة.

وفي الطبقة 8 مخيمات عشوائية، تقطن فيها 1085 عائلة، ويبلغ عدد نازحيها 6147، ومخيم الطويحينة النظامي الذي يعتبر ثاني أكبر المخيمات، تقطنه 857 عائلة، بعدد أفراد يصل إلى 4235 نازحاً، بالإضافة لـ 15 مركز إيواء تضم 1485 شخصاً.

تحرير: أحمد عثمان