خبير أمني عراقي: قرار محاكمة عناصر داعش يتطلب ترتيباً دولياً
أربيل – نورث برس
اعتبر خبير أمني عراقي، أن ملف عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ومخيم الهول في شمال شرقي سوريا، أكبر من أن يتم حصرها في قضية محاكمة من عدمها، مشيراً إلى أن خطر أيدولوجية التنظيم على العالم، يتطلب “حلول إنسانية دولية ناجعة”.
وتعد قضية عناصر “داعش” الأجانب من أكثر القضايا الأمنية والحقوقية تعقيداً في الحرب السورية المستمرة منذ 12 عاماً، حيث لم تعيد العديد من الدول رعاياها الذين انضموا إلى “داعش”، خشية أن قوانين مكافحة الإرهاب لن تضمن لهم عقوبات سجن طويلة.
وهذا ما ركز عليه الخبير الأمني عدنان الكناني في تعليقه على قرار الإدارة الذاتية “المفاجئ”، السبت الفائت، بمحاكمة عناصر “داعش”.
وقرار الإدارة الذاتية بخصوص محاكمة عناصر “داعش” والذي لقي صدى إعلامياً واسعاً، كأنما يظهر تقاعساً دولياً لم يترك لها خيار سوى أن تتخذه، بعد أن تخلى الكثير من الدول عن فكرة استعادتهم.
و قال الكناني لنورث برس إن عناصر “داعش” الأجانب إذا اعيدوا إلى بلدانهم، فسيتم اطلاق سراحهم في نهاية المطاف، “لأنهم بنظر قانون بلدهم لم يقوموا بأي جرم على أراضيهم، و بالتالي لن تتم مقاضاتهم، وقد يعودون مرة أخرى إلى بلداننا لارتكاب جرائمهم، أو أي مكان آخر، وهم يحملون الفكر المتطرف القائم على القتل والإرهاب”.
والتساؤلات المطروحة في هذه القضية بحسب الكناني، هو أنه إذا أنشئت محكمة، “فأين المدعين بالحق الشخصي، وما هي التهم التي ستوجه للمتهمين، ومن هم المتهمين، وما هي أعمالهم ومن أي بلدان جاؤوا؟”، مشيراً إلى أن كل ما ذكر آنفاً عوامل ضمان محاكمة حقيقة.
لكن الخبير العراقي أكد أنه إذا كانوا ( المتهمين) سوريين، فمحاكتهم “شأن طبيعي لا بأس به”، مضيفاً القول إنه: “في هذه الحالة إذا ذهبنا باتجاه فرضية وجود قانون يلغي عقوبة الإعدام، فكل ما سيتغير في الأمر بعد المحكمة هو أن يتحولوا من محتجزين إلى محكومين ولن يكون هناك تغيير بالموقف سوى أنهم مرروا بمحكمة تؤدي أدوار شكلية نوعاً ما”.
أما بالنسبة للعراقيين، حيث من المعروف أن الحكومة تقوم باسترجاع العراقيين من شمال شرق سوريا إلى مخيم الجدعة في نينوى، هي بحد ذاتها “كارثة”، بينما بقائهم في سوريا هي أيضاً “كارثة أكبر”، وفقاً للكناني.
وخلال المؤتمر الدولي لمكافحة “داعش” الذي انعقد في العاصمة السعودية الرياض، كشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إعادة قرابة 1400 عائلة، أي ما يزيد علـى خمسة آلاف شخص عراقي من مخيمات سوريا.
كما أعلن إعادة حوالي 3000 عنصر في تنظيم “داعش” من حاملي الجنسية العراقية كانوا محتجزين في سوريا، وقد تمت محاكمة غالبيتهم داخل العراق بعد عودتهم.
وتتمثل الخطورة التي دفعت الإدارة الذاتية لاتخاذ قرار المحاكمة، في عدم رغبة بعض الدول في استعادة رعاياها المنتسبين لـ”داعش” في المخيمات والسجون، وعددهم يتجاوز العشرة آلاف عنصر مشتبهين بجرائم متفاوتة.
قبل ذلك، قال دبلوماسي غربي يعمل في سوريا لرويترز، إن قرار الإدارة الذاتية “مفاجئ” مبيناً إن مثل هذه المحاكمات ستحتاج إلى مستويات عالية من الأمن بشكل خاص وأن خطر هروب عناصر”داعش” سيزداد.
ومن المعروف أن ملف “داعش” في سوريا ليس محصوراً بعناصر أرتكبوا جرائم وشاركوا في القتال في صفوف التنظيم فحسب، بل ثمة ملف آخر يتمثل بمخيم الهول لطالما وصف في أكثر من محفل على أنه قنبلة موقوتة.
وفي هذا الصدد تحدث الكناني عن المخيم بوصفه، “أكاديمية الفكر الداعشي، تلاميذها فتية ونساء وأطفال تغذوا على هذا الفكر، ببينما الظروف البيئية الصعبة التي يعيشونها تهيئ لأن يصروا على أفكارهم، و بالتالي تشكيل خطر كبير في المستقبل”.
ويوجد في مخيم الهول بشمال شرقي سوريا، والذي يعد الأخطر على مستوى العالم، ما لا يقل عن 50 ألف شخصاً بينهم يقرب 30 ألف عراقي، ممن اتبعوا تنظيم “داعش” وعائلاتهم وأطفالهم، ومعظمهم يحملون الفكر المتشدد.
ودعا الكناني المنظمات الإنسانية والحقوقية أن ينظروا إلى المتواجدين في مخميم الهول بنظرة إنسانية وإعادة تأهيلهم بترتيب دولي أقله أن يتم توزيعهم في الأراضي الشاسعة في دول العالم من التي تمتلك القدرات في تهيئة نفوسهم ومعالجتهم وإعادتهم إلى أناس طبيعيين.
وقبل أن تصدر الإدارة الذاتية قرارها الأخير، كانت قد حثت في وقت سابق من خلال نداء موجه إلى المؤتمر الدولي لمكافحة “داعش”، إلى بحث حل مشكلة السجون والمخيمات التي تعتبر بالنسبة الإدارة الذاتية مسؤولية كبيرة وتتطلب جهوداً ودعماً دوليين.