مؤيد الأشقر ـ درعا
لا يفكر محمود التوجه إلى مركز التسوية بسبب معرفته المسبقة بأن الوعود التي تتحدث عنها قوات الحكومة السورية ما هي إلا حبر على ورق.
محمود العمري (42 عاماً) اسم مستعار لأحد عناصر المعارضة سابقاً في مدينة درعا، أشار إلى أن “التسوية الأولى التي تحصلنا عليها في شهر تموز من عام 2018، كانت تتضمن وعوداً بإشراف قوات روسية، وأبرزها إطلاق سراح المعتقلين ووقف عمليات الملاحقة والاعتقال، إلا أن كل ذلك لم يحصل”.
و”العمري”، أجرى ثلاث تسويات منذ أن دخلت القوات الحكومية إلى درعا في عام 2018، ولم يستفد منها في شيء حتى اللحظة، حيث لم يتم شطب اسمه من قوائم المطلوبين حتى اليوم، حسب قوله.
ولذلك اعتبر “العمري” التسوية الجديد كغيرها من التسويات التي تحمل وعوداً “كاذبة”، إلا أنها أصبحت كل عام “لأسباب نجهلها حتى اللحظة”، لذلك قرر عدم التوجه إلى المركز لإجرائها.
وقاطع أكثر من 50 بالمئة من شبان محافظة درعا، جنوبي سوريا، التسوية التي أعلنت عنها القوات الحكومية مؤخراً بسبب عدم ثقتهم بالوعود التي تطلقها ووصفوها بـ”الكاذبة”.
وقبل أيام توجه عبد العزيز مطيري، (29 عاماً) اسم مستعار لأحد شبان مدينة درعا، إلى مركز التسوية في مبنى قصر الحوريات، لإجراء تسوية ومن ثم البدء بإجراءات الحصول على جواز سفر للخروج من البلاد.
ولكن “المطيري” تعرض لمعاملة سيئة جداً من قبل عناصر مجموعة عسكرية تابعة لفرع الأمن يتزعمها المدعو مصطفى المسالمة الملقب بـ الكسم أمام مركز التسوية، وتهديد بالاعتقال إذا لم يدفع لهم المال.
ودفع “المطيري” 100 ألف ليرة سورية مقابل التخلص من تهديداتهم ومساعدته للدخول إلى المركز دون انتظار، حيث تجاوز عدد الشباب أمام المركز الـ250 شاباً.
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل واجه “المطيري” معاملة من قبل عناصر القوات الحكومية داخل المركز أسوأ من التي واجهها خارجه، حيث يطلقون عبارات مسيئة على الشبان، ويعتبرون كل من هو مقبل على إجراء التسوية “إرهابي” وجاء بعد الإحساس بالذنب، بينما معظم الشباب هدفهم الحصول على جواز سفر بعد إجراء التسوية ولولا ذلك لما توجه إلى المركز أحد.

وتحدث فاروق السبسبي، (33 عاماً) اسم مستعار لأحد المنشقين عن القوات الحكومية في ريف درعا الغربي، لنورث برس، أن قرار تسليم المنشق نفسه بعد شهر “دفعني إلى اتخاذ قرار عدم التوجه إلى المركز لإجراء التسوية”.
وأضاف “السبسبي”: “بالرغم من أن أوضاع المنشقين هي الأصعب منذ اتفاق تسوية عام 2018 ودخول القوات الحكومية، بسبب الغموض الذي يلف مصيرهم حتى الآن، لكن ليس هناك نيه لتسليم أنفسنا مهما كانت النتائج في المستقبل”.
وأكد “السبسبي” على أن اجراء التسوية بالنسبة للمنشقين لا تقدم ولا تأخر لأنه بعد شهر واحد فقط من اجراءها سيعود إلى لوائح المطلوبين من جديد وهو أساساً ليس عنده نيه للعودة إلى الخدمة العسكرية.
وأوضح “السبسبي” أن بعض المنشقين سلموا أنفسهم بعد دخول القوات الحكومية إلى محافظة درعا، “لكن كان مصير معظمهم الإعدام الميداني وتسليم جثثهم لذويهم، بالرغم من الوعود بعدم التحقيق معهم وعودتهم إلى خدمتهم العسكري من جديد دون أي مسألة”.
وقال أحد أعضاء اللجنة المركزية سابقاً في درعا، رفض الكشف عن اسمه، لنورث برس، إن التسويات التي تعلن عنها القوات الحكومية بين الحين والآخر “ماهي إلا للماطلة بتنفيذ بنود التسوية الأولى التي توصلنا إليها مع ضباط القوات الحكومية برعاية روسية في عام 2018”.
وكان أبرز هذه البنود هو الإفراج عن المعتقل، رفع القبضة الأمنية، عدم اعتقال كل من يحمل تسوية، عودة الموظفين إلى أعمالهم بعد انقطاع، “لكن حتى اللحظة وبالرغم من مرور خمس سنوات تقريباً لم يتم تنفيذ أي من هذه البنود”.