بعد خسارة المستثمر المحلي.. هل تتمكن الحكومة السورية من جذب مستثمرين خارجيين؟

ليلى الغريب ـ دمشق

تتحدث الجهات الرسمية في سوريا عن الإجراءات الكثيرة التي تتخذها بهدف تشجيع الاستثمارات، خاصة بعد عودة العلاقات العربية والإقليمية.

ولكن على أرض الواقع ظلت المشاريع المنفذة محدودة جداً، ومن الأنواع الخفيفة. حيث أشار مصدر في هيئة الاستثمار إلى أن عدد المشاريع المرخصة في عامين بلغ 50 مشروعاً.

ويعيد الكثير من المسؤولين الأسباب إلى العقوبات الخارجية التي تحول دون تشجع الكثير من المستثمرين على الاستثمار في سوريا، خاصة أن غالبية أصحاب الفعاليات الاقتصادية من أبناء البلد “خرجوا” بسبب مشاكل العمل الكثيرة سواءً من حيث سوء الخدمات المطلوبة من خدمات بنية تحتية وعوامل الطاقة من جهة، أو بسبب عدم الشعور بالأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي.

مشاكل العملة

أحد المستثمرين السوريين المقيمين في مصر بمجال المواد الغذائية، أجاب ضاحكاً عن أسباب عدم استثماره في سوريا ونقل عمله إلى مصر، بطرح مجموعة كبيرة من التساؤلات مثل: “هل تم حل مشكلة نقل البضائع وحركة سحب ونقل الأموال، وتجريم التعامل بالدولار؟ أو هل تم الغاء قرار التمويل عبر المنصة التي ابتدعوها لتمويل المستوردات؟

وأشار المستثمر لنورث برس، إلى أن الحكومة تتدخل بفرض نسبة ربح قليلة عن طريق تقديم بيان تكلفة تجعل فترة استرداد رأس المال طويلة, والاستثمار غير مجد.

أما عن العقبات الإدارية للترخيص، فقال المستثمر: “حدث ولا حرج، من كثرة الموافقات والمراجعات للجهات الكثيرة”.

وأضاف مستثمر تم تهجيره من التكية السليمانية لنورث برس، أنه الآن بصدد حزم حقائبه للتوجه إلى الخليج، بعدما تم إخراجهم من أماكنهم دون أن يعرفوا ما هو مصيرهم، ودون أن يخصص لهم مكان بديل رغم وعدهم بتخصيص أماكن لهم في حاضنة دمر إلا أن هذا لم يحصل.

وتساءل الرجل: “من الذي سيأتي ليستثمر في ظروف كهذه، إذا كانوا لم يستطيعوا الحفاظ على الموجودين منهم؟

سعر الصرف

أضاف المستثمر السوري في مصر، أن مشكلة التقلب السريع لسعر الصرف تتسبب بخسائر كثيرة للتاجر والصناعي بسبب المضاربين، أما مشكلة الطاقة ونقص المحروقات والكهرباء فهي من أكبر المشاكل التي يواجهها أي نشاط اقتصادي في البلد، لأنها تتسبب بارتفاع تكاليف المنتج وتجعله غير قادر على المنافسة في الداخل أو الخارج.

لا تقل أهمية

في حين أشار الخبير الاقتصادي أحمد اسكندر (اسم مستعار) لنورث برس، أن توجه البلاد حالياً نحو تقوية نفوذ الاستيراد والمستوردين أكثر من الإنتاج والمنتجين.

وأضاف “اسكندر” أن معوقات الاستثمار في سوريا متعددة، ولم ينف الاقتصادي تأثير الوضع الخارجي والعقوبات الأمريكية على واقع الاستثمار في سوريا، ولكنه يرى أيضاً أن الوضع الداخلي والإجراءات الحكومية لا تقل أهمية.

وبين الخبير أن المستثمر الخارجي “يتلمس غياب الاستراتيجية لحل الأزمات والمشكلات على المدى المنظور، ويقرأ المؤشرات السلبية للاقتصاد التي تجعل سوريا الأضعف بين دول المنطقة على جذب الاستثمار حيث أن بيئة العمل في الدول المجاورة جاذبة ومختلفة”.

وأشار إلى أن الاستثمار يحتاج إلى استقرار أمني واقتصادي، غير متوفر حتى الآن في سوريا.

وأنه عند انتفاء كل هذه العناصر “تظهر مشكلة التسويق مع انخفاض القدرة الشرائية في الداخل، وصعوبة تصدير فائض الإنتاج، لأن الحصيلة ارتفاع تكاليف المنتج، قياساً بتكاليف دول الجوار”، بحسب الخبير.

يضاف لذلك سوء خدمات البنية التحتية، وعدم الإنفاق عليها، إضافة لتوسع ظاهرة الفساد والمحسوبيات.

خطط على الورق

وكان مصدر سابق  في هيئة الاستثمار بين لنورث برس، أن هنالك خطة لتشجيع الاستثمارات العربية منها خاصة، وأن هذا العمل يقع على عاتق الحكومة بمجملها، وأن قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 يشجع على الاستثمار، وأنه يتم العمل على إطلاق خريطة الاستثمار لعام 2023.

وأضاف أن من الخطوات التي تقوم فيها هيئة الاستثمار هي تنفيذ المرحلة الأخير  من مشروع الربط الشبكي، تعزيز الأداء التشغيلي لمركز خدمات المستثمر.

ولكن “يظل هذا الطرح نظري في ظل بلد يفتقد لكل خدمات البنى التحتية من شبكة اتصالات أو كهرباء، أو قضاء سريع وعادل”، حسب قوله.

تحرير: تيسير محمد