دير الزور.. أصحاب منازل يستغلون الامتحانات لرفع الإيجارات
ماهر مصطفى – دير الزور
بعد تعب طويل وسؤال غالبية سكان أحياء دير الزور، استطاع علي، العثور على غرفة للإيجار، يسكنها ريثما ينتهي من تقديم امتحاناته الثانوية في مدينة دير الزور.
علي الناصر، وهو طالب متقدم لامتحانات الشهادة الثانوية من سكان بلدة السوسة بريف دير الزور الشرقي، وقد ذهب برفقة أصدقاء وأقارب إلى مدينة دير الزور لتقديم امتحانات الشهادة الثانوية.
بحث عن منزل لاستئجاره والمكوث فيه فترة الامتحانات، لكنه تفاجأ بالإيجارات المرتفعة، فإيجار الغرفة الواحدة يصل إلى 400 ألف ليرة سورية، “رغم أنها لا تسع لأكثر من شخصين، وغير مجهزة، ناهيك عن فواتير كهرباء والمياه”.
ويشتكي طلبة انتقلوا لتقديم الامتحانات النهائية لشهادتي التعليم الأساسي والثانوي، من ارتفاع إيجارات المنازل في دير الزور، وتحكّم أصحابها، في ظل غياب الرقابة من المؤسسات الحكومية.
حاجة ملحّة واستغلال
“بعد تعب يوم كامل استطعت وأصدقائي الأربعة استئجار غرفة كبيرة داخل منزل تقيم فيه العائلة، بمبلغ 250 ألف ليرة، حتى انقضاء فترة الامتحانات، بشرط أن ندفع فاتورة الكهرباء والمياه للمنزل بشكل كامل”، يقول “الناصر”.
ويضيف لنورث برس، أن غالبية الطلاب لازالوا يبحثون عن غرف أو منازل للإيجار، في ظل استغلالهم من قبل السماسرة، وأصحاب العقارات ورفع الأجور بشكل كبير بسبب حاجة الطالب الملحة للإقامة.
تلك الزيادة الكبيرة في الإيجارات تقف عائقاً أمام كثير من الطلاب المتقدمين، لعجزهم عن دفع المبالغ، فيبقى الهم الأكبر المُلقى على كاهلهم تأمين المنزل، على حد وصفه.
وبسبب الدمار الكبير في منازل المدنيين نتيجة الحرب التي دارت في المنطقة آنذاك، والطلب المتزايد على الإيجارات في أحياء المدينة، واقتراب موعد الامتحانات، كان هذا الأمر فرصة لأصحاب المنازل برفع الإيجارات، وتأجير غرف ضمن منازلهم للطلاب بأسعار باهظة، في ظل عجز الطلاب عن دفعها.

ويعاني غالبية السوريين من ظروف اقتصادية صعبة، نتيجة ارتفاع الأسعار، والتضخم الذي ضرب العملة المحلية، بسبب انهيارها المستمر أمام العملات الأجنبية.
مخاوف من مراكز الإيواء
خصصت منظمات دولية بالتنسيق مع مديرية التربية بدير الزور مدارس لتحويلها إلى مراكز إيواء للطلاب القادمين من المناطق البعيدة، يقدم فيها المأكل والمنامة ونقل الطلاب من مركز الإيواء إلى مراكز تقديم الامتحانات بشكل مجاني.
لكن كل تلك الخدمات تمنع غالبية الطلاب من الإقامة فيها بسبب هاجس الخوف من الاعتقال، حيث تشرف القوات الحكومية عليها وتدقق ثبوتيات الطلاب، بالإضافة إلى تداول أخبار عن حالات اعتقال طالت متقدمين في الأعوام السابقة بعد نهاية الامتحانات.
في بداية شهر حزيران/ يونيو من كل عام، تبدأ الامتحانات لشهادتي الثانوية والإعدادية، فيبدأ أصحاب المنازل والعقارات، باستغلال الطلاب القادمين من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، والمناطق الأخرى، ويستاء الطلاب المتقدمين، وذويهم من ارتفاع إيجارات المنازل، حيث أن غالبية المتقدمين يعجزون عن دفع الإيجار الباهظ.
ويعجز عيسى العطية، وهو طالب متقدم للشهادة الثانوية من سكان مدينة الجرذي بريف دير الزور الشرقي، عن دفع إيجار منزل استأجره بحي العرفي وسط دير الزور، عن طريق سمسار في الحي بمبلغ 900 ألف ليرة شهرياً.
ولا يستطيع تحمل ذلك المبلغ، لذا قرر الاستئجار مع 9 من أصدقائه، ليستطيع كل شخص دفع مبلغ مئة ألف تقريباً، بالإضافة لتأمين مفروشات للمنزل وطعام وغيره.
ويضيف “العطية”، أن المنزل الذي استأجره لا يسع لأكثر من خمسة، “لكن بسبب الارتفاع الكبير اضطررنا إلى الجلوس عشرة أشخاص، وأفضل من الذهاب إلى مراكز الإيواء خوفاً من الاعتقال”، ناهيك عن الضجة الكبيرة داخل المراكز بسبب العدد الكبير للطلاب فيها.
ولا يختلف حاله عن حال غالبية الطلاب، فالخوف من الاعتقال يدفعهم إلى دفع إيجارات حتى ولو كانت مرتفعة.
موسم
بينما يقول إسماعيل الحمد، وهو صاحب مكتب عقاري بحي القصور بدير الزور، لنورث برس، إن “إيجار المنازل والغرف يختلف من حي إلى آخر، ناهيك عن كبر المساحة، ففي الأيام العادية يكون إيجار المنزل في حي القصور، والذي يتكون من غرفتين وصالة ومطبخ، لا يتجاوز الـ 300 ألف ليرة شهرياً”.
ويضيف: “في فترة الامتحانات يتجاوز إيجاره المليون ليرة شهرياً، بينما تكون الإيجارات في أحياء الجورة والشيخ ياسين والعمال وجبيلة أقل من ذلك، حيث لا يتجاوز إيجار الشقة 800 ألف في فترة الامتحانات، وفي الأيام العادية لا يصل حتى لـ 200 ألف، بسبب الدمار الكبير في هذه المناطق، ولعدم وجود خدمات أو بنية تحتية فيها”.
ثم إن ارتفاع الإيجارات في فترة الامتحانات، تكون جيدة لأصحاب العقارات والمنازل الأساسيين، لكنها تؤثر بشكل سلبي على المستأجرين ممن تدمرت منازلهم، على حد وصف “الحمد”.
ولا يوجد محاسبة أو تدقيق على التلاعب بالإيجارات، ويعود السبب لحاجة الطلاب وذويهم الماسة لاستئجار منزل للإقامة فيه، ولأن غالبية المكاتب والعقارات وحتى السماسرة يتبعون لقياديين في الدفاع الوطني، فتتجنب المؤسسات الحكومية الاصطدام معهم، وفق روايات سكان.