بعد شلل الجسور.. الباركيات وسيلة نقل أساسية في الرقة السورية

الرقة  NPA
مصطفى الخليل – رامان علي 
يضطر أهالي مدينة الرقة السورية لاستخدام وسائل بدائية للتنقل ما بين ضفتي نهر الفرات ذهاباً وإياباً من وإلى المدينة، وذلك بسبب خروج عدة جسور واصلة بين الضفتين عن الخدمة نتيجة الأعمال الحربية التي جرت في الرقة شباط /2017/ بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية الذين أعلنوا الرقة عاصمةً لخلافتهم المزعومة عام /2013/ من جهة أخرى.
وتُعد العبّارات أو ما تُعرف شعبياً بالـ “الباركيات” والسفن والزوارق الصغيرة وسائل النقل الوحيدة التي يستخدمها أهالي الرقة بالتنقل على ضفتي نهر الفرات، بسبب خروج جسريّ الرقة القديم والجديد عن العمل نتيجة قصفها بغارات جوية لطائرات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
وترسو العبّارات على ضفتيّ الفرات اليمنى واليسرى قبالة مدينة الرقة مشكّلةً تجمعاً أشبه بالكراج، في نفس المكان الذي كان يعبر منه أهالي الرقة قديماً من وإلى المدينة قبل إنشاء جسر الرقة القديم عام 1942م جنوب المدينة.
وسائل غير آمنة لنقل المدنيين
فإلى جانب كونها وسائل نقل أساسية مساعدة لتلبية حاجات الأهالي في الرقة، فالعبّارات تُعد مصدر رزق للعشرات من العوائل التي يعمل شبابها في التنقل بين ضفتي النهر فضلاً عن انتشار البطالة نتيجة لتضرر البنى التحتية بشكل كبير.
حيث تبلغ أجرة الشخص الراجل على العبارات /100/ ليرة سورية (عشرين سنت أمريكي)، بينما أجرة عبور السيارات الصغيرة /500/ ليرة سورية (دولار أمريكي واحد)، فيما تبلغ أجرة عبور سيارات الأجرة “التكسي” /300/ ليرة سوريا (حوالي نصف دولار أمريكي)، أمّا أجرة عبور الشاحنات المتوسطة تصل إلى /1000/ ليرة سورية (دولارين أمريكي).
وتصنف هذه الوسائل ضمن وسائل النقل غير “الآمنة” نتيجة صعوبة التنقل عبرها، إذ يكتنفها الكثير من المخاطر، منها الغرق إضافة إلى الأضرار التي تلحق بالسيارات أثناء صعودها للعبارات الكبيرة حيث تعرّض طفلين في الشهر السابع من العام الماضي للغرق.
بالإضافة لكونها تتأثر بالرياح الشديدة والأمطار مما يجعلها تتوقف عن العمل حفاظاً على حياة العمال والركاب.
هذا وكانت قد غرقت عبارة سياحية بمدينة الموصل في العراق في نهر دجلة في الحادي وعشرين من آذار/مارس العام الحالي، ما أدى لغرق /120/ شخصاً من ضمنهم نساء وأطفال نتيجة ضعف وسائل الحماية وزيادة عدد الركاب.
مناشدات لتوفير فرص العمل في حال إعادة تأهيل الجسر
شيبون العلي /20/ عاماً، أحد الشباب الذين يعملون في العبارات في الرقة، ويتركز عمله كمحاسب على أحد العبارات براتب يومي قدره /4000/ ليرة سوريا (8 دولارات أمريكية) ناشد عبر حديثه لوكالة NPA بلدية الرقة من أجل تأمين فرص عمل للشباب العاملين في مجال العبارات بعد الانتهاء من إعادة إعمار الجسر القديم في الرقة، والذي سيضع نهاية لعمل العبارات بشكل عام.
فيما يأمل شيبون الذهاب إلى منطقة دير الزور شرق سوريا، للعمل في العبارات هناك لكسب معيشته، وذلك بعد تجهيز الجسر و انقطاع مصدر رزقه الوحيد.   
من جانبه تحدث محمد عبد الجليل أحد سائقي سيارات الأجرة /43/  عاماً في الرقة عن معاناته الشخصية ومعاناة أهالي الرقة بشكل عام في العبور والتنقل من خلال العبارات، موضحاً بأن هذه المعاناة بدأت بعد خروج من سماهم بـ”الإرهابيين” في إشارة منه لمسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
الأهالي يتهمون المجلس المحلي والمنظمات بالانشغال بأمور أقل أهمية
ووضع السائق اللوم على المجلس المدني (التي شكلته الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا والمنظمات العاملة في الرقة، التي وعدت الأهالي بإعمار الجسر خلال شهرين أو أقل، بحسب ما وصفه الجليل) لتأخرهم عن قيامهم بالعمل الرئيسي، قائلاً بأنهم مشغولين بأعمال ليست لها أهمية حيوية مثل إعادة تأهيل الجسر.
وبين أن معاناة الاهالي نتيجة تأخر وعود المجلس والمنظمات لإعادة تأهيل الجسر أدت إلى غرق بعض المدنيين والعربات في نهر الفرات، اثناء تنقلها بالعبارات، موضحاً أن أصحاب سيارات الأجرة عانوا كثيراً من الأضرار والأعطال أثناء مرورهم بعرباتهم من خلال العبارات الكبيرة للعمل داخل المدينة.
والجدير بالذكر أن تعداد سكان مدينة الرقة قبل بدء الأزمة السورية في آذار/مارس 2011 بلغ /300/ ألف نسمة، غالبتيهم من قبائل عربية وبعض العوائل الكردية والأرمينية والشركسية، وتُعتبر مدينة الرقة مركز محافظة الرقة التي يتبع لها بعض المدن والبلدات ومنها الطبقة والسبخة ومعدان وعين عيسى وتل ابيض ويصل تعداد السكان في كامل محافظة الرقة ريفاً ومدينة حوالي مليون نسمة قبل بَدء الأزمة السورية.
وكانت تعتبر الرقة المدينة قبل طرد مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية”، عاصمةُ للخلافة الإسلامية، والتي أعلنها التنظيم في سوريا والعراق، لحين قامت قوات سوريا الديمقراطية وبدعم من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بطردهم، الأمر الذي نتج عن عملياتهم الحربية تدمير كبير للمدينة وبناها التحتية بشكل خاص.