لاجئون مرحّلون من لبنان “قسراً” يحلّون نازحين في مخيم شمالي الرقة

فاطمة خالد – الرقة

“حُكم القوي على الضعيف”، تصف أم أحمد ،حالها وبقية العوائل التي رُحلت قسراً من مخيمٍ للاجئين السوريين في لبنان، بعد قراره بترحيلهم، نتيجة الأزمات المتلاحقة التي تضربه، وفي جميعها يحمّل السوريين المسؤولية في ذلك.

بين مأساة العودة قسراً إلى بلدها، والحيرة في مأوى آخر يحتضنها وعائلتها، استبدل اسمهم من لاجئين، إلى نازحين في منطقة لا يوجد فيها منزل لهم.

تروي أم أحمد (30عاماً)، أمام احدى الخيام التي أوت إليها في مخيم الحكومية، شمالي الرقة، قصتها لنورث برس، عن كمية المعاناة التي لاقتها في طريق سفرٍ لم تختره.

تقول المرأة، وقد رفضت ذكر اسمها كاملاً، إنها وعائلتها وبقية العوائل السورية، أُجبروا على الرحيل من مخيم 001 جزيرة في مدينة البقاع اللبنانية، بعد أن فوجئوا فجر أحد أيام شهر رمضان، بهجوم لعناصر في الجيش اللبناني على المخيم.

“عاملونا بطريقة عنيفة ضربوا أبنائنا منهم من هرب خارج المخيم، ومنهم من لقي نصيبه من الضرب على أيديهم. أصحاب الأرض أيضاً هاجمونا بالرصاص لمجرد اعتراضنا على المغادرة، هددونا بحرق الخيم أو هدمها فوق رؤوس الأطفال”، تروي.

بعدها، لم يُجدِ الاعتراض والتوسل نفعاً، فقد وضع الجيش اللبناني “أم أحمد” والبقية في سيارات بالإجبار “النساء والأطفال لحال والشباب لحال”، دون علمهم إلى أين الوجهة، لتشرق الشمس عليهم عند الحدود السورية اللبنانية.

اضطرت المرأة ومن معها من النازحين للبقاء يومين على الحدود اللبنانية السورية، فعند الترحيل قسراً لم يأتوا بشيء من لوازمهم، ولا حتى أوراقهم الثبوتية التي تخولهم الدخول إلى بلدهم الأم.

هنا ازدادت المأساة، فالأطفال يبكون جوعاً دون طعام ولا شراب، أما الكبار فقد باتوا صائمين ليومين ليلاً مع نهار، حتى تم الأمر بإدخالهم إلى الأراضي السورية.

تشير “أم أحمد” أن عدداً من الشباب الذين رحلوا قسراً، تم إيقافهم عند الحدود السورية منهم من أكمل طريقه إلى هنا ومنهم من لا يزال إلى الآن موقوفاً هناك.

وبعد معاناة لأيام، وصل النازحون إلى مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وتم استقبالهم لتستقر 13 عائلة منهم في مخيم الحكومية، غالبيتهم من منطقة تل أبيض، “حالتنا يرثى لها، حالة مأساوية”، تقول لنورث برس.

وتضيف، أنهم يضطرون للإقامة مع العائلات النازحة الموجودة سابقاً بالمخيم، وذلك لعدم توفر الخيم لهم أو حتى المال، فقد تركوا كل شيء كانوا قد جمعوه منذ العام 2014، وحتى الآن في مخيمهم بلبنان.

بينما لا يزال الخوف والقلق يراود أم محمد (41عاماً)، إحدى النساء النازحات، حتى بعد الوصول إلى بر الأمان، وذلك بسبب ما عاشته في ذلك اليوم.

لم يكن لدى أم محمد، كما عرفت عن نفسها، كلمات تعبر عن مدى مأساتها التي عاشتها في يوم الترحيل من مخيم 001 جزيرة في لبنان، فكلما نطقت بكلمة جاءت بعثة الخوف وربما عدم التصديق بأنها قد نجت من الموت يومها.

تقول لنورث برس: “عند الهجوم على المخيم والبدء بضرب الرصاص ركضت إلى خيمتي لآخذ ابنتي ذات العامين والتي تعاني من إعاقة في قدميها، وإذا بوابل من الرصاص تحت قدميّ”.

وتصف شعورها في ذلك اليوم بأنها قد ماتت وعادت للحياة من جديد.

هنا في مخيم الحكومية شمالي الرقة تعيش اليوم، أولئك النازحات منتظرات تقديم الدعم والمساعدة أو على الأقل إيجاد مكان مخصص لهم ليقيموا فيه.

وأمس السبت، قالت هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في الإدارة الذاتية، إنهم بعد مبادرة الإدارة الذاتية، سيستقبلون كافة النازحين القادمين من لبنان، وستخصص لهم مخيماً جديداً أيضاً، لاستقبال المزيد منهم.

وقال عبد الناصر علي، المتحدث باسم لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني، إنهم قاموا بتجهيز مكان مخصص لإيواء النازحين، وسيتم تحديد موقع المخيم في أقرب وقت وذلك لتقديم الاحتياجات اللازمة لهم.

وحالياً، يوجد 12 عائلة نازحة قادمة من لبنان في مخيم الحكومية، إضافة لعدد من العوائل التي تقيم في المدينة حالياً “بشكل مؤقت”، وفقاً لـ علي.

وقال إن اللجنة “لم تنسق بعد مع أي من المنظمات الدولية”، وناشد المتحدث باسم اللجنة، هذه المنظمات بتقديم الدعم للنازحين سواءً القادمين من لبنان أو من تركيا، “فهم يحتاجون المأوى والمساعدات الإنسانية”.

تحرير: أحمد عثمان