عوضاً عن تأمين الكهرباء لحلب.. الأمبيرات تصل دمشق وإشارات استفهام حول المستفيدين
ليلى الغريب ـ دمشق
ليست المرة الأولى التي يأتي فيها قرار يناقض تصريح وزير بمدة لا تتجاوز الأيام. فلم يمر وقت طويل على تأكيد وزير الكهرباء في الحكومة السورية، غسان الزامل، أن استخدام الأمبيرات “أمر غير اقتصادي وغير مجد، ولن يتم تعميمه”، وأن انتشاره في حلب فرضته ظروف الحرب والحصار. ليعلن عضو في محافظة دمشق أن الأمبيرات أصبحت أمراً واقعاً في دمشق، وأن المحافظة بدأت بإعطاء التراخيص المطلوبة لمن يرغبون باستخدامها.
قد تكون بداية انتشار هذا المشروع من ثلاثة أسواق هي الأشهر في دمشق” الصالحية، الحمرا والشعلان”، بداية لتعميم استخدام الأمبيرات في دمشق، والدليل استمرار الاعتماد على الأمبيرات في حلب رغم كل الوعود بتحسين الواقع الكهربائي في المدينة.
تختلف الآراء، بين من يرى أنه لا ضير من استخدام الأمبيرات طالما أن الحكومة غير قادرة على تأمين الكهرباء، وبين من يرى أن تجربة حلب في استخدام الأمبيرات “مريرة” وعلى الحكومة معالجة مشاكل توليد الطاقة الكهربائية وليس تعميمها على بقية المحافظات، بسبب مشاكلها الكثيرة من تلوث وضجيج واستنزاف جيوب المواطنين، خاصة أن تكاليف بدائل الطاقة الكهربائية أكثر استنزافاً لموارد البلاد، حيث تقدر إحصاءات أنه في حلب 1300 مولدة، دفع سكان حلب مقابل خدمة الحصول على الكهرباء ما لا يقل عن 35 مليار ليرة لغاية حزيران/ يونيو الماضي.
بناء محطات
يقول مدير شركة كهرباء سابق في دمشق، لنورث برس: “يجب عدم التهليل لهذا الخطوة، لأن ما صرف على بدائل الكهرباء يكفي لبناء عدة محطات للطاقة”.
وطالب الدولة بمنع استيراد الأمبيرات، لأن كل مقومات توليد الكهرباء متوافرة من غاز وفيول وبترول، وأن تجارب استخدام الأمبيرات سواء في حلب أو لبنان لا تشجع على انتشار هذه الأنواع الخاصة بتوليد الطاقة.
ولفت اقتصادي لنورث برس، إلى أن السماح باستيراد الأمبيرات يخالف المرسوم الذي يسمح ببيع واستثمار الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة وهي الشمس والرياح فقط، وأن “هنالك أحاديث تشير إلى وجود شخصيات نافذة خلف هذا القرار الخاص باستخدام الأمبيرات”.
وعن كيفية تأمين مخصصات الأمبيرات من المحروقات خاصة أن استهلاكها كبير، قال المصدر، إن السماح باستخدام الأمبيرات “هو بمثابة تشريع لتجارة المازوت في السوق السوداء، وتشجيع على زيادة سرقة المازوت من وسائط النقل العامة، وتشجيع على سرقة المازوت من الدولة، لأن ما سيحصل هو سرقة المازوت من الدولة لتعبئة المولدات”.
ولفت المصدر إلى أن الحكومة تتحدث دائماً عن قانون قيصر الذي حال دون إمكانية تأمين الكثير من الخدمات كقطع الغيار لمحطات الكهرباء الممنوعة، “لكن يمكن للجهات المعنية أن تحضر الأمبيرات وقطع غيارها بسرعة كبيرة”.
وفي قراءته لهذه الخطوة، قال عضو سابق في مجلس الشعب لنورث برس، إن معظم “الحلول” التي تضعها الحكومات المتعاقبة، “تأتي على شكل خيار وحيد تفرضه الحكومة بعد أن تجعل المواطن يعاني أشد المعاناة مع مشكلة هي خلقتها، وهي ستضع الحل المناسب لها”.
خصخصة
“فالأمبيرات” تجربة لا يمكن أن ينظر إليها إلا على أنها نوع من خصخصة قطاع الكهرباء، وهو أسوأ أنواع الاستثمار، “إذ أنه يحقق أرباحاً كبيرة على حساب مواطن لم يعد لديه ما يقدمه لتلك الحكومة التي تستثمر في كل شيء”، بحسب المصدر.
وإضافة إلى ذلك، فإن فرض هذا النوع من الحل لأزمة الكهرباء، يساهم في زيادة التلوث الهوائي، والسمعي. وكما “نفضت” الحكومة يديها من أي خدمة كانت تقدمها لدافع الضرائب السوري، “فها هي تفرض أسوأ أنواع خصخصة الكهرباء”.
وذلك كما فعلت في فرض أسعار جنونية لكثير من السلع بعد أن تُفرغ السوق منها، وتتركها نهباً للاحتكار، ومزاجية التجار، فتقفز أسعارها أضعافاً، قبل أن تتدخل الحكومة لتضع السعر الذي تريد، بحسب ما قاله العضو السابق في مجلس الشعب.