دير الزور.. ارتفاع “جنوني” في الأسعار وسكان يستاؤون من غياب الرقابة

ماهر مصطفى – دير الزور

يشتكي إسماعيل من عجزه عن شراء حاجياته، في ظل ارتفاع الأسعار المستمر، ورغم أنه يتقاضى راتباً شهرياً، إلا أنه بات يعاني من توزيع الراتب على أساسياته وعائلته.

إسماعيل الحمد، من سكان بلدة الطيانة بريف دير الزور الشرقي، وهو معلم في إحدى مدارس قريته، يقول إن راتبه الشهري لا يكفيه تكاليف فواتير الكهرباء، ومياه الشرب وأدوية لأطفاله.

يأتي ذلك بعد التدهور في قيمة العملة المحلية، والتي أدت لفقدان القدرة الشرائية له وغالبية سكان شمال شرقي سوريا، خاصة في ظل ارتباط الأسعار بصرف الدولار الأمريكي بشكل طردي، بينما الرواتب ثابتة، ويؤثر تدهور قيمة الليرة على عمل الرقابة التموينية في ضبط الأسواق.

ويستاء سكان في دير الزور من عدم القدرة على تأمين احتياجاتهم بسبب “الارتفاع الكبير” في الأسعار، في ظل واقع اقتصادي متردٍ، وتقلب سعر صرف الدولار الأمريكي، وغياب الرقابة التموينية على أسعار المنتجات والسلع، واحتكار غالبية التجار للبضائع والتحكم في الأسعار.

وفي ظل ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية المستمر، يعجز “الحمد” عن تدبير حاجات المنزل الضرورية من غذاء والتزامات أخرى، إذ لا يكفيه راتبه كمعلم لإعالة عائلته.

وفي محاولة منه لتغطية جزء من احتياجاته، يعمل الرجل بحراثة الأراضي الزراعية على “جراره” بعد انصرافه من دوام المدرسة، “لعل وعسى أستطيع بذلك تأمين ولو نصف احتياجات المنزل”.

يقول “الحمد” لنورث برس، إن أسعار المنتجات في الأسواق التجارية “باهظة جداً” وتتفاوت من متجر إلى آخر، في ظل غياب دور المؤسسات التموينية، ويناشد الجهات المعنية بإيجاد حلول للتجار الذين يتحكمون بأسعار السلع ومحاسبتهم ووضع مرابح تتفق مع قيمة شراء السلعة.

ويسبّب ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة، حالة استياء كبيرة بين السكان بدير الزور، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها المنطقة، عقب انهيار قيمة الليرة السورية، “واتفاق التجار للتحكم في سعر السلعة واحتكارها”، وفق رأي سكان.

وسجلت قيمة المواد الغذائية أسعاراً باهظة، حيث يصل سعر لتر الزيت 15 ألف ليرة، ونصف كيلو رب البندورة 10 آلاف ليرة، أما السكر فقد بلغ 14 ألف ليرة للكيلو الواحد، والرز حسب نوعيته من الـ 8 آلاف إلى 16 ألف ليرة للكيلو، فيما سجل كيس الطحين 50كغ سعراً بأكثر من 200 ألف.

كل هذا الارتفاع “الكبير والجنوني”، لا يتناسب مع الدخل اليومي والشهري لغالبية العائلات في دير الزور، حيث لا يتجاوز متوسط الدخل الشهري للعائلة الـ 500 ألف ليرة.

لا يختلف حال ووضع خضر السبيل، وهو “دلال” في سوق المواشي بمدينة هجين بريف دير الزور الشرقي، عن سابقه ومئات العائلات في البلدة، حيث يصف عمله لتأمين معيشة عائلته بـ “الجهاد”.

ويجهد الرجل بالعمل في سوق المواشي، والسعي لتأمين حاجيات عائلته، إذ لا يكاد يكسب أجره معظم الأوقات، بسبب عزوف غالبية السكان عن شراء اللحوم والمواشي، لارتفاع أسعارها مقارنة بالوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه المنطقة.

وفي كل مرة يذهب لشراء حاجات منزله كالسكر والرز وغيرها، من المتجر المجاور لمنزله، يتفاجأ، بارتفاع جديد في أسعار السلع، والتي يربطها التجار بسعر صرف الدولار، أو بحجة إغلاق المعابر.

وأثر إغلاق معبر سيمالكا الذي يعتبر متنفساً يؤثر بشكل مباشر على معيشة سكان المنطقة وحركتهم التجارية.

ويستاء “السبيل” من الصمت الذي تتخذه الرقابة التموينية حيال التلاعب بالأسعار وتفاوتها بين متجر وآخر، واحتكار التجّار لبعض السلع والتحكم بأسعارها.

وشهدت قرى وبلدات عدة بدير الزور مظاهرات تخللها قطع للطرقات، ورفع يافطات وشعارات تناشد المسؤولين بالنظر إلى واقع السكان المعيشي “المفجع”، وتأمين فرص العمل ورفع الأجور لتواكب ارتفاع الصرف، لتغطية تكاليف احتياجاتهم وعائلاتهم.

بينما يقول علاء الدين عبد المنعم، وهو عامل مياومة من سكان مدينة البحرة بريف دير الزور الشرقي، إنه يعيش “واقعاً اقتصادياً مريراً” بسبب تقلبات أسعار الصرف، والتي يتخذها غالبية أصحاب المتاجر حجة لرفع أسعار سلعهم.

ويضيف لنورث برس: “تقطّعت بنا السبل فلا نستطيع شراء غالبية الأطعمة بسبب غلاء أسعارها، فيقتصر طعامنا على البقوليات وبعض الخضار في موسمها، وحتى الخبز في أغلب الأوقات لا نستطيع تأمينه بسبب غلاء الطحين”.

ويتشابه “عبد المنعم” في الحال مع غالبية سكان البلدة، ممن يعيشون تحت خط الفقر، رغم أنهم يعملون في أكثر من مهنة، ليستطيعوا تأمين الطعام وبعض متطلبات الحياة الأساسية.

ويناشد الرجل الجهات المسؤولة والمنظمات الإنسانية والإغاثية بدعم تلك العوائل عبر بطاقات تؤمن لهم شراء السلع الأساسية بسعر يتناسب مع حالتهم المادية.

وبيّنت دراسات أُجريت مطلع العام الجاري، أن العائلة السورية المكونة من 5 أفراد تحتاج إلى 4 ملايين ليرة سورية لتكاليف معيشتها، حينها كان الدولار الأمريكي يساوي 6400 ليرة، بينما تجاوز سعر صرفه الـ 9 آلاف ليرة خلال الفترة الماضية.

تحرير: أحمد عثمان