يسعى الزعيم التركي رجب طيب أردوغان، الذي يتمتع بسلطة شبه مطلقة، إلى الفوز بولاية أخرى في الانتخابات الرئاسية. وبعد استلام رئاسة البلاد على مدى عقدين من الزمن، تعرض أردوغان لانتقادات بسبب تعامل حكومته مع أزمة تكاليف المعيشة والزلزالين الكارثيين. وكان قد فشل في الفوز بأغلبية مطلقة في الجولة الأولى من التصويت، مما أدى إلى إقامة جولة الإعادة في 28 أيار/مايو ضد منافسه كمال كيليجدار أوغلو، الذي يحظى بدعم أوسع تجمع لأحزاب المعارضة في البلاد.
1- لماذا الانتخابات التركية مهمة؟
تتخذ تركيا موقعاً استراتيجياً كونها تمتد في أوروبا وآسيا وتتحكم في الوصول إلى البحر الأسود. ولديها ثاني أكبر جيش في حلف الناتو بعد الولايات المتحدة. وتعرض هذا التحالف للتوتر بسبب شراء حكومة أردوغان لنظام الدفاع الصاروخي الروسي إس -400 واعتراضاته المستمرة على انضمام السويد إلى الناتو. وتعهد خصوم أردوغان بتحسين العلاقات مع حلفاء تركيا التقليديين في الغرب وتفكيك الاستبداد الذي تميز به حكمه.
2- ماذا حدث في الجولة الأولى؟
بينما جاء أردوغان في المقدمة بنسبة 49.5٪ من الأصوات، لم يحصل هو ولا كيليجدار أوغلو على نسبة 50٪ المطلوبة لتحقيق فوز كامل، لذلك يتنافس الاثنان الآن وجهاً لوجه لتحديد الفائز. وكان فريق حملة أردوغان متفائلاً حيث توقعت معظم استطلاعات الرأي قبل التصويت فوز كيليجدار أوغلو بفارق ضئيل. وكان العرض المفاجئ لسنان أوغان، المرشح الثالث الذي تبنى سياسة مناهضة للهجرة في الجولة الأولى، أمراً أساسياً في منع المتسابقين الأوائل من الحصول على الأغلبية. حيث أيد أوغان في وقت لاحق أردوغان في الجولة الثانية بينما أعلن أوميت أوزداغ، رئيس حزب قومي صغير، دعمه لكيليجدار أوغلو. وكان قد فاز التحالف الحاكم بزعامة أردوغان بأغلبية في الانتخابات البرلمانية التي جرت بالتوازي مع الانتخابات الرئاسية.
3- ما هي التحديات التي يواجهها أردوغان؟
لا يزال أردوغان السياسي الأكثر شعبية في تركيا، ولكن مع التقلص السريع للقوة الشرائية في البلاد، فقد حزبه العدالة والتنمية بعض الدعم. نادراً ما نسقت أحزاب المعارضة التركية استراتيجية في الماضي، لكن أردوغان واجه هذه المرة تحدياً خطيراً من كتلة من ستة أحزاب. علاوة على ذلك، تأتي الانتخابات في أعقاب زلازل شباط/فبراير المدمرة التي خلفت أكثر من 50 ألف قتيل. واتهم ناجون وأحزاب معارضة الحكومة بعدم الاستجابة الكافية للكارثة.
4- لماذا الأسعار مرتفعة جداً؟
إن أزمة تكاليف المعيشة هي الأسوأ منذ عقدين، وقد أثرت بشكل خاص على الفقراء الذين كانوا من بين أكثر مؤيدي أردوغان. وتباطأ معدل التضخم في تركيا إلى نسبة 43.7 ٪ في نيسان/أبريل بعد أن وصل إلى 85.5٪ في تشرين الأول/أكتوبر وهي أعلى نسبة لها خلال 24 عام. وأدت الاضطرابات الوبائية والحرب في أوكرانيا إلى تأجيج التضخم في العديد من الدول، لكن وجهات نظر أردوغان الاقتصادية غير التقليدية زادت من حدة المشكلة في تركيا.
وفي الوقت الذي زادت العديد من البنوك المركزية أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، يتخذ أردوغان موقفاً مفاده أن القيام بذلك له تأثير معاكس. وتحت ضغط منه، خفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة. ويؤدي التضخم المزمن إلى تآكل “القوة الشرائية للمواطنين حتى بعد أن زادت الحكومة بشكل كبير المعاشات التقاعدية وأجور موظفي الخدمة المدنية والحد الأدنى للأجور. وأعلن أردوغان عن مزيد من الزيادات في أجور موظفي الدولة في الأيام التي سبقت الانتخابات حيث سعى لحشد الدعم. تسبب نجاحه في تصويت الجولة الأولى في عمليات بيع الأصول التركية حيث راهن المستثمرون على استمرار سياساته الاقتصادية غير التقليدية.
5- ما الذي يمثله كيليجدار أوغلو؟
يعمل كيليجدار أوغلو، مدعوماً من قبل مجموعة واسعة من أحزاب المعارضة، على وعد باستعادة سيادة القانون وإصلاح العلاقات المتوترة مع الغرب والعودة إلى العقيدة الاقتصادية. وهو بيروقراطي رقيق الكلام وخبير اقتصادي عن طريق التدريب، ويتهم حكومة أردوغان بالتستر على الحالة الحقيقية للاقتصاد والشؤون المالية للبلاد. لقد وعد بالتراجع عن النظام الرئاسي التنفيذي الذي قدمه منافسه قبل خمس سنوات لصالح برلمان أقوى. كما تعهد كيليجدار أوغلو باستعادة بنك مركزي «مستقل». ويتمتع أردوغان بسلطة تعيين وإقالة محافظ البنك وأعضاء لجنة السياسة النقدية بشكل مباشر.
6- ما هي الأحزاب الإسلامية التي تدعم أردوغان؟
قام أردوغان، الذي دخل حزبه بالفعل في شراكة مع حزب الحركة القومية الأصغر، بتوسيع تحالفه في أواخر آذار/مارس الماضي ليشمل حزبين إسلاميين متطرفين. ويريد حزب هدى بار قطع العلاقات مع إسرائيل ومنع السويد من الانضمام إلى الناتو بعد أن قام ناشط بحرق المصحف في ستوكهولم في كانون الثاني/ يناير. وتأسست هدى بار من قبل أشخاص مرتبطين بجماعة مسلحة موالية للكرد تسمى “حزب الله” لا علاقة لها بالجماعة اللبنانية التي تحمل الاسم نفسه. الحليف الجديد الآخر لأردوغان هو حزب ينيدن رفاه، الذي يديره نجل أول رئيس وزراء إسلامي في البلاد ومعلم أردوغان السابق نجم الدين أربكان. ويسعى إلى تأسيس نظام تعليمي يعطي الأولوية للروحانية بقدر ما يعطي الأولوية للمعرفة العلمية.