غرفة الأخبار – نورث برس
تتجه الأنظار إلى ما سيراهن عليه المرشح الرئاسي في الانتخابات التركية كمال كليجدار أوغلو بعد تخلفه بـ5% من نسبة الأصوات عن الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، مما يمهد لمعركة صعبة يوم 28 أيار/ مايو الجاري رغم أن أرقام استطلاعات الرأي كانت لصالحه قبل ظهور نتائج الجولة الأولى.
وأكثر ما تلمح إليه التصريحات والتحليلات التركية الواردة من وسائل الإعلام والمحللين الأتراك، هو ما سيعتمد عليه كليجدارأوغلو، بين استقطاب أصوات ناخبي الخارج والمترددين والعازفين عن التصويت في الجولة الأولى، كذلك نسبة من المرشح الثالث الخاسر، فضلاً عن إعادة ترتيب وتوحيد تحالف المعارضة بقاعدته الجماهيرية، لكي يتمكن من كسر الفارق مع خصمه رجب طيب أردوغان.
ويقول المحلل التركي بكير آغيردير في مقال له نشرته وسائل إعلام تركية أمس الأحد: “لا أعرف ما إذا كان أحد يعلم، أن الانتخابات لم تنته بعد ، وأن كل شيء ممكن”.
حديث المحلل التركي سلط الضوء على نسبة متوقعة من هؤلاء الذين يعتقد أنهم ذو “معنويات محطمة” ويرون أن النسبة الفارقة بين كليجدار أوغلو وأردوغان كبيرة وتحتاج إلى معجزة.
وبنظر مسؤولي حزب الشعب الجمهوري وهو العمود الفقري لتحالف الأمة، فالنسبة الفارقة بين المرشحين الفائزين في الجولة الأولى لازالت ضئيلة بغض النظر عما تصفه بـ “التلاعب” الذي مارسته السلطات وهي تحت قبضة تحالف الشعب بما في ذلك وسائل الإعلام.
وحطمت النتيجة الفائتة نسب استطلاعات الرأي التي كانت تشير إلى تفوق تحالف “الأمة” بقيادة زعيمها كمال كليجدار أوغلو، مما أشعل جدلاً كبيراً واتهامات موجهة إلى السلطات بما في ذلك وسائل الإعلام الكبرى، بالاصطفاف الواضح إلى جانب رئيس البلاد الحالي خلال الجولة الأولى.
ودخلت تركيا ولأول مرة في انتخابات إعادة (جولة ثانية) لاختيار رئيس جديد لها بعد أن فشل أردوغان في جمع أكثر من نصف عدد الأصوات في الجولة الأولى يوم 14 أيار/ مايو الفائت.
أصوات الخارج
بدأت الانتخابات الرئاسية بجولتها الثانية بالفعل يوم أول أمس، حيث يحق لأكثر من 3.4 مليون ناخب، الإدلاء بأصواتهم من مجموع عدد الأتراك في المهجر والذي يبلغ أكثر من 6.5 مليون شخص.
وفي الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، صوّت أكثر من 50% من الناخبين، ما يعني أن النسبة المتبقية جديرة بوضع الرهانات عليها، وهذا مايطمح إليه كليجدار أوغلو.
بالرغم من أن نسبة كبيرة من الأتراك في الخارج لديهم خلفية إسلامية قومية، إلا أنه يعتقد أن النسبة التي عزفت عن التصويت قد تكون أقرب إلى الحزب الجمهوري بما فيهم الكرد الموالين غالباً لحزب الشعوب الديمقراطي.
ولأن الجولة المقبلة تظهر تحدياً أكبر، لا يستبعد مراقبون حدوث مفاجآت في فارق الأصوات بين المرشحين.
النتيجة صفر مقابل صفر
حصل رجب طيب أردوغان على أصوات 49.52 في المائة من الناخبين بـ 27 مليوناً و133 ألفاً و849 صوتاً، وحصل كمال كيليجدار أوغلو على 44.88 في المائة من الناخبين بـ 24 مليوناً و595 ألفاً و178 صوتاً.
هذه النتيجة السابقة وبحسب آخر تصريحات القيادي في الحزب الجمهوري أكرم إمام أوغلو “لم تعد تهم”، حيث قال أمس الأحد، إن الجولة الثانية ستبدأ بـ “صفر مقابل صفر” بعد أسبوع.
وأضاف “لذا فإن انتخابات الأسبوع المقبل هي الرئيسية، والمباراة النهائية هي التالية”.
وفي اتهام مباشر لوسائل الإعلام الرسمية، قال إمام أوغلو: “نحن نعرف أرقام صناديق الاقتراع الخاصة بهم، ونعرف أيضاً أرقام وكالة الأناضول الخاصة بهم، لن يساعدونا بشيء، لهذا السبب نعلم أنهم إلى جانب السلطة. وليس إلى جانب الحق والعدل”.
الدعاية الإعلامية
يحتاج حزب الشعب الجمهوري إلى “التخلص من مناقشاته واتهاماته الداخلية، وإيجاد طريقة لإعطاء فكرة أن الانتخابات لا تزال جارية، وإعطاء الشعور بأن الأمر لم ينتهِ بعد”، هذا ما قاله المحلل التركي بكير آغيردير.
ويرى المحلل التركي أن الجهات الفاعلة في تحالف الأمة ( الأحزاب المشاركة فيه) يتحملون مسؤولية عدم القدرة على إنتاج تلك الإثارة الكبيرة في الجولة الأولى، حيث كان على المعارضة أن تبني الثقة في أن التغيير ممكن دون فوضى وتردد.
وغيّر المرشح كليجدار أوغلو من خطابه بشكل جلي، حيث قال في آخر بيان له، إنه من الخطأ القول “نحن متقدمون، لقد فزنا” أو “نحن متأخرون، خسرنا” بالنظر إلى الجولة الأولى.
وحثّ الناخبين بشدة للتوجه إلى الصناديق “هذه لم تعد انتخابات، إنها استفتاء. نتيجة الاستفتاء السابق واضحة (..) يجب أن نكافح سوياً ضد هذه الحقارة لنشر رسالتي. شاركوها في كل مكان.. فليأتي من يحبون وطنهم إلى صناديق الاقتراع”.
وعاد كليجدار أوغلو إلى التركيز على ملايين اللاجئين السوريين في تركيا، وقال “ألا يكفي ذلك، هل يجب أن يأتي الملايين الآخرين؟ إذاً تذكر أنك ستصوت لنفسك وليس لي. إذا تعال إلى صندوق الاقتراع”.
أصوات “أوغان” منقسمة
من جانب آخر الـ 2 مليون و800 ألف صوت الذين صوتوا لسنان أوغان لا يذهبون إلى أوغلو أو أردوغان، لأن هذه الأصوات لا يمكن تفسيرها من خلال القومية وحدها، بل من المتوقع أنه استياء من كلا الجانبين.
و عندما انتقلت الانتخابات إلى الجولة الثانية، تحولت الأنظار إلى قاعدة المرشح عن تحالف “آتا” سنان أوغان، والذي حصد نحو 5 % من الأصوات.
ومن الطبيعي أن يذهب بعض هؤلاء إلى أردوغان، وسيذهب بعضهم إلى المعارضة، بسبب اختلاف الرؤى في القاعدة الشعبية لأوغان بين معارض لسياسية أردوغان وبين قومي وهي صفة تتوافق معه، لا يمكن للتحالف الذي يرى نفسه “المفتاح” التحكم بتوجيه ناخبيه.
وعلى الرغم من أن أوغان، مرشح تحالف “آتا”، لديه موقف قومي وفقاً للمعلومات والانطباعات من مصادر مختلفة، فإنه يبدو أقرب إلى تحالف الشعب الذي يقوده أردوغان.
وأصبحت أكثر الأسئلة شيوعاً في مرحلة ما بين الجولتين تتعلق بمقدار دعم الناخبين لأردوغان في الجولة الثانية إذا دعمه أوغان صاحب الـ 2 مليون 796 ألفاً و370 صوتاً، وما إذا كانوا سيبتعدون عنه بسبب تحالفه مع “هدى بار” المتشدد.
ويعلن أوغان بوضوح رفضه للعلاقة مع الأحزاب الكردية عموماً وبشكل أساسي حزب الشعوب الديمقراطي الذي أعلن ومن دون تحالف معلن دعمه لكليجدار أوغلو.
ويرى أعضاء في حزب “ظفر” بقيادة أوميت أوزداغ، المكون المؤسس لتحالف آتا ( الأجداد) و(تتألف من أحزاب يمينية صغيرة هي حزب ظفر، حزب العدالة، التحالف التركي وحزب بلدي)، أن 50 % من مؤيدي أوغان سيصوتون لأردوغان بسبب الخطاب القومي.
وبالمقابل يتوقع عزوف النسبة الأخرى عن التصويت لأردوغان، لسبيين وهو تحالفه مع “هدى بار” كذلك باعتبار أن أحزاب “آتا” قد تشكلت بالأساس على أنها معارضة للسلطة، ما يعني أن أي إعلان رسمي من التحالف بالوقوف مع أردوغان قد يتسبب بشرخ في قاعدته الجماهيرية البسيطة أصلاً.
وظهر في خطاب كليجدار أوغلو الأخير محاولة واضحة لكسب جماهير “آتا” من خلال إطلاق بعض التصريحات القومية، ورفع إشارة الذئاب الرمادية المتطرفة، فضلاً عن مهاجمة خصمه أردوغان بأنه يتلاعب بالمشاعر القومية وهو بالأساس لا يعمل لمصلحتهم.