قمح الجنوب السوري.. سعر لا يناسب التكلفة يهدد بخسائر للمزارعين

إحسان محمد / رزان زين الدين ـ درعا/ السويداء

يخرج مروان حسن مع بداية ساعات الصباح، ليتجول بحقل القمح في ريف السويداء الشرقي، متأملاً سنابل القمح، فكل سنبلة تروي قصة تعب، “أشعر بالحزن عندما أرى جهد الفلاح لا يقدر”، يقول المزارع.

ومع اقتراب موسم الحصاد في الجنوب السوري، حددت اللجنة الاقتصادية للحكومة السورية في اجتماع لها برئاسة رئيس مجلس الوزراء، سعر القمح للموسم الحالي بـ 2500 ليرة سورية لكل ١ كيلو غرام، متضمناً تكاليف الإنتاج مع هامش الربح ويضاف إليها مبلغ قدره300 ليرة كحوافز تشجيعية لزراعة وتسليم القمح بحيث يصبح السعر النهائي 2800 ليرة.

وأثار هذا القرار حفيظة المزارعين في السويداء، واعتبروه مجحفاً بحقهم، ولا يلبي حاجة وتعب عام كامل. وهذا ما شدد عليه “حسن” في حديث لنورث برس، إذ قال: “سعر كيلو القمح لا يغطي تكاليف زراعته”.

وتساءل “حسن”: “أين هي هوامش الربح التي تحدثت عنها الحكومة، وكيلو البذار تم شراؤه من مؤسسة إكثار البذار في بداية الموسم بسعر قارب 3000 ليرة وما يضاف إليه من تكاليف وسماد ومحروقات، وتسعيرة الحكومة لا تغطي تكاليف الإنتاج”.

وابدى المزارع استياءه من طريقة تعامل الحكومة مع المورد الأساسي لأهل الجنوب، وكيف يتم استغلال تعب المزارعين، بحسب ما ذكر “حسن”.

وأشار المزارع إلى أن تسعيرة الحكومة للقمح ستؤدي إلى عزوف المزارعين عن بيعه للمؤسسة العامة للحبوب ومحاولة بيعه في الأسواق السوداء بسعر مناسب للتضخم الحاصل في البلد، رغم منع الدولة المتاجرة بالقمح.

مطالبة بالرفع

لا يختلف الحال في درعا أقصى الجنوبي السوري، فمعاناة المزارعين متشابه في محصول القمح المشترك لسكان الجنوب، إذ طالب محمد الزعبي من مدينة طفس بضرورة رفع تسعيرة القمح  وذلك لأن السعر الحالي “غير منصف”.

ولاقت تسعيرة القمح الذي سيتم توريده في محافظة درعا، استهجان مزارعين بسبب انخفاضها في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وأشار “الزعبي” في حديث لنورث برس، إلى أن تلك التسعيرة ستدفع المزارعين لتهريب القمح إلى مناطق سُعِّر فيها كيلو القمح بـ43 سنتاً أميركياً، (ما يعادل 3900 ليرة سورية).

وتقدر المساحات المزروعة في القمح في السويداء هذا العام حوالي 35038هكتاراً للقمح  البعل وللمروي 587هكتاراً، بينما تبلغ المساحة في درعا  المزروعة بالقمح المروي لهذا الموسم 11238 هكتاراً، متجاوزة الخطة البالغة 10500 هكتار، والمساحة المزروعة بالقمح البعل 69872 هكتاراً من أصل المساحة المخططة البالغة 82887 هكتاراً.

أسعار عالمية وخبز مدعوم

التناقض بين مفهوم دعم الخبز في مناطق سيطرة الحكومة، وبين الدخل الشهري المتدني للسكان، الذي يجبر الدولة على الاستمرار في الدعم، وبين أسعار القمح العالمية المرتفعة، ورغم جودة القمح السوري، إلا أنه يبقى أقل سعراً من القمح الروسي الذي ستضطر الدولة لاستيراده في الأشهر القادمة “ليبقى القمح  السوري غير مدعوم كما يجب”، بحسب سكان الجنوب السوري

ونوه عبد الحكيم المصري وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة في حديث لنورث برس، إلى أن “النظام السوري دائماً يضع السعر غير  مكافئ للتكاليف وغير مجزي للمزارعين”.

 وأضاف أن “النظام يحاصر الفلاح ويمنعه من بيع المحصول له، في حين يفرض عقوبات كبيرة جداً على المتاجرة بالقمح، ليضطر المزارع لبيع القمح للحكومة من أجل تسديد الديون المتراكمة عليه خلال الموسم”.

وأوضح “المصري” أن “النظام السوري مجبر على شراء القمح سواء من روسيا أو من غير دول، والشراء يتم بالسعر العالمي الذي يتراوح بين 280 – 300 دولار أمريكي للطن الواحد عدا أجور الشحن، بينما يبلغ سعر طن القمح المنتج في سوريا إذ أنه من النوع القاسي، عالمياً، أكثر من 375 دولار أمريكي”.

تحرير: تيسير محمد