التكاليف المرتفعة تدفع سوريين لركن سياراتهم جانباً لتوفير مصاريفها

ليلى الغريب ـ دمشق

إذا كان هنالك مشكلة في الأكل والشرب عند السوريين، فهل بقي مكان لأدوات الرفاهية كالسيارة؟. خلال فترة التسعينات حصلت تسهيلات مكنت الموظف من شراء سيارة على البنك بالتقسيط، ولكن حالياً أصبح مصروف السيارة أكثر من مصروف الأسرة بأكملها بسبب ارتفاع تكاليف المحروقات والصيانة وقطع الغيار.

تقول الموظفة الحكومية حنان العيسى، لنورث برس، إنهم بعدما تخلوا عن رفاهية السيارة، وركنوها أمام البيت تبين أن وضعهم المادي أصبح “أقل ضغطاً بكثير”.

وبينت “العيسى” أنهم يسافرون إلى محافظات أخرى لزيارة الأهل، إلا أنهم أصبحوا يستخدمون المواصلات العامة، رغم كل سوئها، ولكن الموضوع أقل من ناحية الضغط المادي، لأن المحروقات التي يحتاجونها في كل سفرة لا تقل عن 500 ألف ليرة، لأنهم يضطرون لشراء البنزين الحر، فمخصصات المدعوم تحتاج منهم البقاء مدة لا تقل عن الشهر في بعض الفترات لتصلهم الرسالة الثانية.

أما التكاليف الأخرى من صيانة وقطع غيار فهي أشبه بـ”النكبة الحقيقية”، حسب قول “العيسى”، لكل هذا تقول إن “الحياة بلا هذه الرفاهية أصبحت أكثر راحة.

اقرأ أيضاً:

الحكومية أيضاً

ورغم الارتفاع الكبير في أسعار السيارات وعجز غالبية الناس عن شرائها بعدما أصبح سعر أسوأ أنواع السيارات لا يقل عن عشرات الملايين، ظهرت مشكلة جديدة وهي عدم تمكن كثير ممن يملكون  السيارات من الصرف عليها، والمشكلة تطال حتى السيارات الحكومية أيضاً.

تقول مديرة في إحدى المؤسسات الحكومية، لنورث برس، إنها ركنت السيارة الحكومية جانباً وأصبحت تستخدم المبيت المخصص للمؤسسة لأن مخصصات السيارة، حسب قولها، “لا تتجاوز 69 ليتر بنزين”، وهذه الكمية لا تكفي أكثر من 10 أيام للذهاب من مقر عملها إلى بيتها، وليس لديها فائض مالي لتخصصه لرفاهية الوصول إلى العمل بالسيارة ومن الأفضل لها أن تستفيد من مخصصاتها في أماكن أخرى تحقق راحة مادية خير من رفاهية السيارة.

في حين لم يخف مدير آخر، أن كل ما كان يريده من المنصب الذي شغله هو “الحصول على مخصصات السيارة وبيعها لكي تعينه على تكاليف الحياة الصعبة”، وأنه لا يرى مشكلة في استخدام المواصلات العامة أو سيارات المبيت في المؤسسة.

استهلاك كبير

صاحب محل لصيانة السيارات في البرامكة بدمشق، يشدد في حديث لنورث برس، على أن كلفة الصيانة والمحروقات الشهرية المدعومة للسيارة “تقارب المليون ليرة”.

كما يتسبب سوء الطرقات العامة باستهلاك كبير للإطارات التي ارتفعت أسعارها كثيراً، وأن السيارات التي تركن بقصد التصليح تقلصت أيضاً، لأن أغلب الناس ركنت سياراتها بعدما عجزت عن تحريكها وتأمين المحروقات وقطع الغيار أو تكاليف الإصلاح.

ولفت إلى أن الأسر الميسورة مادياً سواء من عملها أو من  الحوالات التي تأتيها، هم فقط من يستخدمون سياراتهم الخاصة ويستطيعون شراء قطع الغيار لها.

وأضاف مستورد قطع غيار في منطقة الفحامة بدمشق، لنورث برس، أن قطع الغيار ارتفع سعرها بنسبة فاقت 50% بعد قرار رفع سعر الدولار الجمركي من 4500 -6500 ليرة، لأن جميع أنواع قطع الغيار مستوردة من دبي أو كوريا والصين.

وبين المصدر أن ارتفاع قطع الغيار بقفزات كبيرة بدأ مع انتشار جائحة كورونا، حيث ارتفعت أسعار الشحن  إلى أكثر من 200%، وهذا بدوره انعكس على سعر القطع.

وقال صاحب محل تصليح سيارات إنهم في أغلب الأحيان يتقاضون أجوراً أقل من التكلفة، لكي تتناسب مع واقع الناس عموماً، كأن يطلب على تنزيل المحرك 500 ألف ليرة رغم أن التكاليف أعلى من ذلك، وكانوا يتقاضون قبل هذا الضيق الاقتصادي مبلغاً أكبر من ذلك لقاء تنزيل محرك السيارة. وأشار إلى أن أغلب الناس تطلب قطع الغيار الأقل سعراً بغض النظر عن النوعية.

شروط الاستيراد

عضو في الجمعية الحرفية لصناعة السيارات، قال لنورث برس، إن أسباب ارتفاع أسعار قطع الغيار تعود لشروط الاستيراد، وتساءل: “هل من الطبيعي أن يصل طقم إطارات السيارات إلى 8 ملايين ليرة؟”.

وذلك بسبب إلزام كافة المتعاملين بقطع السيارات بفتح إجازات استيراد خاصة بهم تصل تكاليفها للملايين، وتفرض عليهم دفع أسعار البضائع مرتين بسبب شروط عمل المنصة الخاصة بالتحويل، وهذا جعل عدد المستوردين أقل، وزاد من الاحتكار والتحكم بالأسعار، حسب قوله.

تحرير: تيسير محمد