الخوف من تكرار سيناريو الموسم الماضي يسيطر على مزارعي القمح في الرقة
فرات الرحيل – الرقة
بينما يستعد أحمد لحصاد أرضه المزروعة بالقمح، يقلق الرجل من توريد محصوله إلى الإدارة الذاتية، خوفاً من عراقيل وفرض الروتين على عمليات التوريد.
يقول أحمد الحسين (45عاماً)، وهو مزارع من قرية الكجلة 15كم شمالي بلدة الكرامة شرقي الرقة، إنه يتخوف من توريد محصوله للإدارة الذاتية لاعتبارات عديدة منها تأخير الفواتير.
ويتردد مزارعون في الرقة في تسليم محصولهم إلى الإدارة الذاتية، خوفاً من التأخير في صرف الفواتير، وفرض تعبئة المزارعين لمحصولهم بـ”شوالات” باهظة الثمن، بالإضافة لمخاوف أخرى تتعلق بدرجات التسعير، جميع المخاوف لم يتطرق لها مسؤولو الإدارة الذاتية لطمأنة المزارعين.

ويشير “الحسين” في حديث لنورث برس، إلى أن أكثر ما يثير مخاوفه تكرار سيناريو الموسم الماضي، حيث تأخرت الفواتير لنحو ثلاثة أشهر، ما كبّد الكثير منهم خسائر كبيرة نتيجة تدهور قيمة الليرة السورية.
وبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي عند بدء صرف الفواتير 3900 ليرة، بينما هناك من استلم فاتورته حينما قارب الدولار 4500ليرة، وسبّب ذلك خسارة لمزارعين بنحو 100 دولار أمريكي في كل طن واحد من القمح.
ويصف المزارع حاله أنه “بين نارين”، في دلالة على مخاوفه من تأخير الفواتير، وعدم رغبته في بيع محصوله للتجّار الذين سيشترون المادة بفارق سعر “هو أحق به”.
سعّرت الإدارة الذاتية محصول القمح بـ 43 سنتاً للكيلو الواحد (حوالي 3700 ليرة)، فيما حددت سعر شراء مادة الشعير بـ 35 سنتاً للكيلو الواحد (حوالي 3آلاف ليرة).
وعلى الرغم من رضاه بالتسعيرة التي وصفها بـ “المقبولة”، إلا أن مخاوف الدرجات أيضاً تقلقه، حيث سعّرت الإدارة الذاتية محصول القمح بـ 43 سنتاً للكيلو الواحد أي 430 دولار أمريكي للطن.
لكن “الحسين” يتساءل، “إذا ما كانت الإدارة الذاتية ستُسلّم المزارعين الفواتير بالدولار الأمريكي، أم بالليرة السورية، وإذا ما سُلّمت بالليرة السورية وفقاً لسعر الصرف، هل سيتم حسابها حين صرف الفاتورة أم حين التسليم”، هذه التساؤلات يثيرها التدهور المستمر في قيمة الليرة السورية.
ووصلت الليرة السورية إلى نحو 9300 ليرة للدولار الواحد، وهو رقم تاريخي وصلت له قيمة العملة المحلية، ولا تزال غير مستقرة بين هبوط وتحسن طفيف، لا يلبث أن يستقر حتى تنهار مجدداً.
ويرفض أحمد العلي (32عاماً)، وهو مزارع من بلدة الكرامة 35كم شرقي الرقة، تسعيرة الإدارة الذاتية لمحصول القمح، وتسعيرة الحكومة في دمشق أيضاً، حيث يصف تسعيرة الأخيرة بـ”المجحفة” بحق المزارعين.
وعلى الرغم من التكاليف الباهظة للمحصول إلا أن التسعيرة بنظره “مقبولة” ويمكن أن تسد المصاريف، لمن يمتلك أرضاً بعلية بجانب أرضه المروية.
وبحسب مزارعين استطلعت نورث برس آرائهم في وقت سابق، قالوا إن كيلو القمح المروي كلّف المزارعين نحو 50 سنتاً، واعتبروا أن التسعيرة “متدنية” مقارنة بالتكاليف، بينما كشف مزارعو الأراضي البعلية عن رضاهم بالتسعير ووصفوها بـ “المناسبة”.
ويتخوف “العلي” من الازدحام على مراكز التسليم، في ظل توقّعه بدخول محاصيل المزارعين في مناطق حكومة دمشق، إلى مناطق الإدارة الذاتية في ظل السعر المتدني، والذي حددته اللجنة الاقتصادية بـ 2800 ليرة شاملة “حوافز تشجيع” زراعة وتسليم المحصول.

ذات المخاوف لدى خليل الموسى (45عاماً)، وهو مزارع من منطقة الحمرات، شرقي الرقة، حيث يقلق من تأخير تسليم الفواتير، بالإضافة لفرض مراكز التسليم، “التشويل” على المزارعين لاستلام المحصول، حيث يصل سعر “الشوال” الذي يسع لـ 100كغ إلى نحو 2دولار أمريكي.
عدا ذلك، هناك مشكلة أساسية، تقلق الرجل، وهي عدم توفر حصادات في منطقته، بسبب اتجاه غالبية أصحاب الحصادات إلى الأراضي البعلية، حيث المساحات الواسعة والعمل السهل.
ذلك يعني أن “الموسى” وغيره من مزارعي الأراضي المروية سيتأخرون في زراعة المحصول الصيفي، كما أن الإدارة الذاتية لم تُصدر قراراً بخصوص الحصادات من حيث تسليم المخصصات وتنظيم عملهم.
ويأمل أن تُعجّل الإدارة الذاتية بتسليم الفواتير بمدة لا تزيد عن عشرين يوماً، لكيلا يقع المزارعون ضحية استغلال وتحكّم التجّار بأسعار المحصول.