كيف سنعيش؟.. سؤال سكان في القامشلي مع ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة

دلسوز يوسف ـ القامشلي

بينما ترتفع أسعار السلع تدريجياً في بلد ينهشه الانهيار الاقتصادي، تقف حكمة محمد سعيد، في حيرة من أمرها، بعدما رأت أن راتبها يتضاءل ولم يعد يكفي لشراء أبسط حاجياتها المنزلية.

وتقول السيدة الخمسينية وهي تغطي وجهها بوشاح أسود بعد تجولها في سوق الخضروات: “الأسعار مرتفعة جداً، أبحث عن سلع تتناسب مع دخلي، لكن لا تتوفر”.

وتضيف لنورث برس: “كيلو اللحمة بـ 75 ألف ليرة، ولم أشترها منذ عيد الفطر كون الوجبة تكلف فوق 150 ألف ليرة”، وتساءلت: “كيف سنعيش؟ مضطرين لإلغاء الكثير من الأساسيات”.

وتشهد أسواق القامشلي على غرار مختلف المناطق السورية، ركوداً في حركة العمل بعدما شهدت الليرة السورية هبوطاً حاداً أمام العملات الأجنبية، مؤخراً، لتتجاوز حاجز 9 آلاف ليرة أمام الدولار الأمريكي الواحد، وفق صرافين في القامشلي.

انهيار الليرة السورية فاقم معاناة السوريين لتدهور القدرة الشرائية بالنسبة للغالبية العظمى منهم، وسط مخاوف من تدهور هذا الوضع إلى أسوأ مما هو عليه.

وتتقاضى حكمة محمد سعيد التي تعمل كمدرسة لدى الحكومة السورية، راتباً يقدر بـ 95 ألف ليرة سورية شهرياً (قرابة 11 دولار أمريكي). وتقول شاكية من الغلاء: “كل شيء متعلق بالدولار وأصحاب المحلات يتحججون به”، وتعرب عن أملها في تشديد الرقابة أكثر على الأسواق ومحاسبة التجار والباعة.

وينتقد السكان في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، غياب الرقابة على الأسواق مما يرفع أسعار المواد بشكل كبير دون محاسبة للتجار والمتحكمين في الأسواق.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أصدرت مديرية التموين وحماية المستهلك في الإدارة الذاتية، تعميماً بإلغاء تحديد الأسعار في الأسواق بهدف خلق منافسة تجارية وصولاً لإنشاء سوق حر لا نسبة لتحديد الربح فيه.

ويرى خير الدين حسين الذي يعمل كمدرس لدى الإدارة الذاتية، ويتقاضى شهرياً 500 ألف ليرة سورية (أقل من 60 دولاراً أمريكياً)، أن القضية ليست في غلاء الأسعار، “بل بانعدام الرقابة على الأسواق، ليبيع كل محل على هواه”.

ويشدد “حسين” على ضرورة تفعيل البلديات للجان المراقبة، “لا أن تكون موجودة بالشكل والصورة فقط دون أن تقوم بعملها في ضبط الأسعار ومراقبة تفاوتها من محل إلى آخر”.

ويعرب المدرس في حديث لنورث برس، عن قناعته بأن الدولار مرتفع ويتحكم بالأسعار، ولكنه يستغرب ارتفاع أسعار المواد “لضعف سعرها الأساسي بينما الدولار لم يرتفع إلى الضعف. فلماذا هذا الغلاء الفاحش؟

وتؤكد الأمم المتحدة أن 90 % من الشعب السوري باتوا يعيشون تحت خط الفقر بعد مرور أكثر من عقد على الأزمة السورية.

ويشير سكان في القامشلي إلى أن استمرار الوضع على هذا المنوال سيؤدي إلى “كارثة” ما لم يتم وضع حلول للأزمة المعيشية الراهنة والتي باتت حديث الشارع في الوقت الحالي.

انعكاس سلبي

يقف أحمد محمد، أمام محله للمواد الغذائية في سوق القامشلي، شاكياً تدهور الوضع الاقتصادي الذي انعكس سلباً على حركة البيع والشراء.

وفي أحد الشوارع الرئيسية في سوق القامشلي، ومع ندرة الزبائن، يقول “محمد” لنورث برس: “حركة العمل تراجعت بسبب غلاء الأسعار المرتبط بارتفاع الدولار، وهذا الأمر خلق استياءً لدى الزبائن ليعزفوا عن الشراء كما اعتادوا”.

ويضيف: “يعتقد الجميع أن الغلاء سببه أصحاب المحلات، لكن نحن نتمنى أيضاً خفض الأسعار، لان الزبائن سابقاً كانوا يشترون بكميات كبيرة، أما اليوم يقتصرون على شراء حاجياتهم اليومية فقط”.

ورغم الارتفاع الكبير في أسعار المواد، إلا أن مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تعتبر الأفضل مقارنة بالمناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية والمعارضة، من حيث رواتب الموظفين لديها وأجور العمال.

ومنذ آذار/ مارس الفائت، رفعت الإدارة الذاتية الأجور الشهرية للعاملين في مؤسساتها إلى 520 ألف ليرة سورية كحد أدنى، بزيادة تقدر بأكثر من 150 ألفاً، ورغم ذلك إلا أن الفارق بين الأسعار والراتب لا يزال كبيراً، بحسب سكان.

وبعد جولة ضمن السوق في استطلاعها لأسعار الخضروات، تقول آمل حوا وهي سيدة أربعينية من سكان القامشلي، إن “الأسعار بالنار، لم يبقَ شيء رخيص سوى البنى آدم”.

وتشير إلى أنها عزفت عن إعداد طبخات كثيرة كانت اعتادت عليها، “غلاء الأسعار رح يخلينا نلغي الطبخة من حياتنا”.

تحرير: تيسير محمد