الخوف من عودة “داعش” يقلق سكاناً قريبين من البادية السورية

ماهر مصطفى ـ دير الزور

لم تستمر فرحةُ علي، بإعلان القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، طويلاً، إذ أن الرجل لم يلحظ زوال التنظيم، الذي عاد عناصره وخلاياه للتحرك في البادية القريبة منه، حيث يظهرون فجأة.

علي الأحمد، اسم مستعار لأحد سكان بلدة السخنة بريف حمص الشرقي، يقول، إن فرحة سكان البلدة لم تكتمل بإعلان القضاء على تنظيم “داعش”.

وبعد حروب كرٍّ وفر استمرت لعامين، وإعلان كل من التحالف الدولي والكرملين الروسي، القضاء على تنظيم “داعش” عام 2019، إلا أن عمليات التنظيم الفردية التي لاتزال تضرب في عمق البادية السورية إلى يومنا هذا، تشكل تخوّفاً كبيراً لدى السكان من عودة التنظيم.

يقول “الأحمد” لنورث برس، إن خلايا التنظيم لا زالت تنشط بشكل كبير في البلدة والبلدات المجاورة، حيث يظهر عناصر التنظيم “بشكل مفاجئ” وينصبون حواجز ويسيرون دوريات في البلدة، وسط عجز القوات الحكومية في البلدة عن ملاحقتهم والقضاء عليهم.

ويضيف: “كنت شاهداً على أكثر من ثلاث حالات قتل في البلدة لموظفين حكوميين، حيث تطالهم رصاصات عناصر التنظيم، الذين يستقلون دراجتهم النارية ويفرون باتجاه البادية بعد تنفيذ عملياتهم”.

ولدى “الأحمد” وغالبية سكان البلدة مخاوف من عودة التنظيم، والظهور علناً في المنطقة وذلك لتزايد عملياته في البلدة والبادية السورية، ما يدفع بعض السكان للهجرة خارج الأراضي السورية، أو الجلوس في المنزل والابتعاد عن الوظائف والعمل مع القوات الحكومية، والتي يعتبرها عناصر التنظيم “ردَّة” ويعاقب عليها بالقتل.

يتخوف سكان البادية السورية والمناطق الشرقية والوسطى في سوريا من عودة تنظيم “داعش”، للانتشار الكبير لعناصره في المناطق غير المأهولة وتأقلمهم في البادية، حيث أن غالبية عملياته تُنفّذ فيها وسط عجز القوات الحكومية والفصائل الموالية لإيران على الحد من تمدد التنظيم وملاحقته في البادية.

ويعتمد التنظيم في عملياته على الظهور المفاجئ في منطقة ما، ثم الاختفاء، ويهاجم الدوريات من خلال زرع العبوات الناسفة. كل هذه التحركات والعمليات تثير الذعر والرعب في قلوب السكان وحتى عناصر القوات الحكومية ما يولّد لديهم خوف من عودة التنظيم مرة ثانية.

بينما يقول عذال الناصر، وهو أحد سكان بلدة المسرب بريف دير الزور الغربي، إن غالبية سكان بلدته يلتزمون منازلهم وخاصة في الليل، ولا يخرجون إلا للضرورة، ويتجنبون المرور بالقرب من مقرات القوات الحكومية أو التعامل معها، خوفاً من التنظيم، والذي يزرع خلاياه بين السكان داخل البلدة.

ويضيف لنورث برس، أن رايات التنظيم تُرفع على المنازل وفي الحارات ليلاً، بالإضافة لكتابة عبارات مؤيدة للتنظيم على جدران المنازل.

وتشهد مناطق البادية السورية وخاصة مناطق بادية حمص ودير الزور، عمليات مكثفة لعناصر التنظيم، طالت حتى المدنيين الذين يعملون في جني الكمأة ورعي الأغنام، وتكاد تشهد بادية المسرب بريف دير الزور الغربي عمليات شبه يومية للتنظيم.

ويتخوف “الناصر” كما باقي سكان المناطق القريبة من البادية السورية من ظهور التنظيم وعودته إلى المنطقة، “في حال عاد ستشهد البلاد مجازر كثيرة خاصة بعد غياب التنظيم كل هذه السنوات ونقمته على السكان”، وفقاً لقوله.

ويستغل عناصر التنظيم التطورات السياسية والعسكرية التي تشهدها الساحة السورية، للعودة مجدداً، حيث ينتشر عناصره في بوادي دير الزور وتدمر والسخنة وتتركز غالبية عملياته في مناطق دير الزور وريف حمص والحسكة وحلب وحماة والرقة.

وخلال السنوات السابقة، شهدت البادية عدة حملات عسكرية لتمشيطها وملاحقة خلايا التنظيم المتشدد، ومن أبرزها “حملة الصحراء البيضاء”، والتي نفذتها القوات الحكومية والفصائل الموالية لإيران دون القدرة على القضاء على تواجد وتمدد عناصر التنظيم في البادية المستهدفة.

ولا يوجد إحصائية دقيقة لعدد عناصر التنظيم في البادية السورية، إلا أن ناشطون وسكاناً، أكدوا وجود عناصر أجانب بصفوف التنظيم، ظهروا في عدة عمليات نفذها “داعش” في مناطق سيطرة القوات الحكومية.

وفي الثاني من كانون الثاني/ يناير الماضي، نشرت وكالة أعماق الإلكترونية المقربة من التنظيم مقطعاً مرئياً، لعناصر التنظيم وعتادهم، وآليات وسيارات في البادية السورية، يتعهدون بالانتقام والعودة.

ومنذ بداية العام الجاري، تبنى التنظيم 320 عملية في مناطق متفرقة من العالم، منها 49 عملية في سوريا، و61 عملية في العراق.

لذلك يبقى هاجس القلق قائماً في قلوب السكان، في ظل تخوفهم حتى من الإبلاغ عن أي نشاط لـ “داعش” في مناطقهم.

تحرير: أحمد عثمان