الرقة.. قرارات دون متابعة والسكان يعانون أزمة سكر خانقة

فرات الرحيل ـ الرقة

أمِل حسين بالحصول على كيس سكر بعد تعميم صدر عن مجلس الرقة مدني بتحديد سعر الـ 10 كيلو غرام من المادة بـ 59 ألف ليرة، لضبط أسعارها، بعد أن فاقت الـ 90 ألفاً، لكن ذلك مالم يتحقق.

يصف حسين البوعيد (32عاماً)، وهو من سكان بلدة الكرامة، شرقي الرقة، شمالي سوريا، أزمة السكر بـ”المشكلة الأساسية”، بعد أن ارتفعت أسعار المادة إلى أكثر من 100 ألف ليرة، دون تنفيذ التعميم الذي صدر عن مجلس الرقة المدني.

وتعاني الرقة كما مناطق شمال شرقي سوريا، من أزمة خانقة في مادة السكر، بعد ارتفاع في أسعارها، حيث وصل سعر الـ 10 كيلو، نحو 110 آلاف ليرة.

وفي الرابع من أيار/ مايو الجاري، اعتبرت الإدارة الذاتية، احتكار مادة السكر “مخالفة” يعاقب عليها القانون، بموجب قرار رقم (3) صدر عن هيئة الاقتصاد، وحدد القرار أرباح تجّار الجملة والمفرق من المادة، وتوعّد المحتكرين بمخالفات تصل إلى منع ممارسة النشاط التجاري، وغرامات مالية.

وبعد تعميم مجلس الرقة المدني، بتحديد سعر الكيس 10 كيلو بـ 59 ألف ليرة، يقول “البوعيد”، إن السعر كان قبل إصدار القرار حوالي 70 ألف، “ياريت لو ما أصدروا قرار كان أرحم لنا”.

وبين الحين والآخر، تظهر مشكلة السكر في مناطق شمال شرقي سوريا، لأسباب غير معروفة، فيما تكتفي الإدارة الذاتية بإصدار قرارات وتعاميم دون متابعة تنفيذها على أرض الواقع.

ويضيف لنورث برس، أن “السعر بعد التعميم، فاق الـ 100 ألف ليرة، ومجبرين على شراء المادة، كونها أساسية، لكن الكثير من السكان باتوا عاجزين عن الشراء بسبب صعوبات اقتصادية، في ظل انهيار العملة المحلية”.

ووصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 9 آلاف ليرة سوريا، في تدهور مستمر لليرة مقابل العملات الأجنبية.

ويحمّل أحمد الخالد (27عاماً)، من سكان بلدة الجديدات شرقي الرقة، شركة “نوروز” سبب تفاقم الأزمة، يقول: “شركة نوروز التي توزع مادة السكر، توزعها للتجار ومن ثم يتم توزيعها في المحلات التجارية ويتم بيعها بالسوق السوداء”.

ويضيف: “الشركة التي توزع المادة بهذا الشكل تفتح مجالاً أمام التجار باحتكار مادة السكر، وبيعها بالسوق السوداء بأكثر من 100 ألف لكيس 10 كيلو غرام من السكر”.

ويطالب الرجل بتفعيل الرقابة على التجّار، لمنع احتكار المادة والتحكّم بأسعارها، “نلاحظ انقطاعها بشكل مفاجئ، حيث يقوم التجار بعرضها في السوق بشكل دفعات قليلة جداً، وبسعر مرتفع عن السعر السابق بعدة أضعاف، والمراد من ذلك العرض القليل، تثبيت السعر الجديد لمادة السكر”، يقول لنورث برس.

ويشير إلى أن “هذه الظاهرة يقوم بها التجار والقائمين على استيراد مادة السكر بشكل سنوي، ولا يوجد رادع ديني أو أخلاقي، ولا توجد رقابة تموينية، وهذا التصرف ينعكس سلباً على السكان المستهلكين لهذه المادة”.

وحدد قرار هيئة الاقتصاد، هامش ربح الكيلو الواحد من مادة السكر 250 ليرة لتجّار الجملة، و500 ليرة لتجّار المفرّق، فيما حدد القرار عقوبة المخالف في المرة الأولى بالتغريم 3 أضعاف قيمة الكمية، وفي حال التكرار يدفع قيمة الـ 3 أضعاف، ويمنع من العمل لمدة 6 أشهر.

وقضى بمصادرة المادة وتغريمه 3 أضعاف قيمتها ومنعه من العمل لثلاثة أشهر إذا كانت المخالفة للمرة الأولى، وفي حال تكرار المخالفة يمنع المحتكر من مزاولة العمل في مناطق الإدارة الذاتية لمدة عامين.

وتثقل أسعار المادة التي ارتفعت بشكل “جنوني”، كاهل عزيز السليمان (56عاماً)، وهو من سكان قرية حمرة بلاسم، شرقي الرقة، إذ يحتاج الرجل لكيلو من السكر يومياً، في ظل كثرة عدد أفراد أسرته.

ويحتاج رب العائلة المكونة من 11 شخصاً، لأربعة أكياس من السكر شهرياً، حيث يبلغ سعرها 400 ألف، بينما يتقاضى راتباً شهرياً يقدر بـ 600 ألف ليرة.

لذا يطالب الرجل الذي ينفق أكثر من نصف راتبه لشراء مادة السكر، مؤسسات الإدارة الذاتية المعنية بالرقابة على الأسعار، “بوضع حد لمحتكري المادة”، في ظل وجود التزامات أخرى لديه وتتطلب مصاريف أخرى، والتي ارتفعت أيضاً بسبب انهيار العملة السورية.

فيما يطالب موسى العساف (35عاماً)، وهو من سكان بلدة الجديدات، بامتناع شركة نوروز عن تسليم مادة السكر للتجّار، وتسليم السكان مخصصاتهم عبر مناديب، أسوة بالخبز والغاز المنزلي.

إذ يرى أن الآلية المتّبعة في الوقت الحالي، “يستفيد منها التجّار، والذين يحتكرون المادة ويبيعونها وفق الأسعار التي يريدون، في ظل غياب رقابة فعلية”.

تحرير: أحمد عثمان