القامشلي.. مزارعون أراضيهم قريبة من الحدود يخافون نيران ‘‘الجندرمة’’ التركية

دلسوز يوسف ـ القامشلي

بينما يوشك موسم حصاد القمح والشعير على البدء في الجزيرة السورية، يخاف المزارع عبدالعزيز دربو، من الوصول إلى أرضه القريبة من الحدود التركية في ريف بلدة عامودا غربي القامشلي، بعد نجاته، سابقاً، من الموت عقب إصابته بطلقة نارية في ظهره أطلقها حرس الحدود التركي (الجندرمة).

وأصيب دربو (49 عاماً) عندما كان عائداً من أرضه مستقلاً دراجته النارية برفقة ابن شقيقته، شمالي عامودا، في الثالث من أيار / مايو الجاري.

ومنذ ذلك الحين يلتزم المزارع الأربعيني منزله رغم تماثله للشفاء، موكلاً مهمة الاعتناء بالأرض إلى شقيقه الآخر، إذا أن الزراعة هي مصدر معيشتهم، رغم خطورة الموقف التي قد يدفع أحدهم حياته ثمناً له في أي لحظة.

وبعيداً عن أرضه، خول من الاستهداف، رافقت نورث برس “دربو” إلى حقل مزروع بالقمح لأحد السكان المحليين، قريب من مدخل مدينة عامودا الغربي، ليروي قصة إصابته.

ويقول: “أطلقوا ثلاث طلقات أصابت إحداها ظهري، بقينا 10 دقائق بالأرض لا نستطيع رفع رأسنا، بعدها أطلقوا خمسة طلقات أخرى نحونا، قبل أن يهرع أخي لنجدتنا وإسعافي إلى المشفى”.

و”دربو” ليس الوحيد الذي يعاني من انتهاكات حرس الحدود التركي، بل يوجد الكثير من أصحاب المشاريع الزراعية القريبة من الحدود، لا يستطيعون الاقتراب منها، “لكوننا لم نعد نعلم متى يستهدفوننا. الخوف يكتنف الجميع”.

ويطالب المزارع الذي غزا الشيب لحيته، من القوى الدولية الموجودة في المنطقة، إيقاف هذه الانتهاكات، “نحن مدنيون وهذه المحاصيل مصدر رزقنا خاصة أن موسم الحصاد قد اقترب”.

ويعيش مزارعو المناطق المتاخمة للحدود التركية في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، حالة من الخوف مع اقتراب موسم الحصاد، حيث أعينهم إحداها على المحصول وأخرى على فوهات بنادق الجنود الأتراك.

وسبق إصابة “دربو”، سقوط قذيفتين مصدرهما القوات التركية، بالقرب من قرية توبز بريف مدينة عامودا في الـ 27 من نيسان/ أبريل الفائت. وفي الثامن من أيار/ مايو الجاري، أطلقت الجندرمة الرصاص الحي على سيارة مدنية مارة في قرية خرزة غربي عامودا، دون أن تسفر عن خسائر بشرية.

“لا نستطيع القدوم ليلاً”

ويتفاءل المزارعون في شمال شرقي سوريا، هذا العام بموسم وفير بعد هطولات مطرية غزيرة انعشت المحاصيل عقب عامين من الجفاف، الأمر الذي من شأنه إعادة عجلة الحركة الاقتصادية للدوران مجدداً.

وعلى بعُد بضعة كيلومترات غربي عامودا، يسابق عبدالعزيز حسن، الزمن برفقة عدد آخر من أقربائه، لصيانة حصادته ضمن أرضه القريبة من الحدود.

ويشرح “حسن” مخاوفه من الاستهدافات التركية التي باتت تكرر في الآونة الأخيرة “نحن نعمل في هذه المنطقة الحدودية لوجود مشاريعنا ونعمل على صيانة حصاداتنا حالياً… بين فترة وأخرى يطلقون النار باتجاهنا لنضطر للابتعاد”.

ويضيف لنورث برس: “‘قبل فترة أطلقوا النار على تلة حمدون القريبة، أصيب أحد المزارعين بجروح، لذلك نطالب بإيقاف هذه الانتهاكات خاصة أن موسم الحصاد اقترب ولا نستطيع العمل على حصاداتنا”.

ويعرب “حسن” عن خوفه من تلك الاستهدافات، “حتى في الليل لا نستطيع القدوم إلى أرضنا”، كما يأمل في أن “يمر هذا الموسم الزراعي بخير”.

وتشكل المحاصيل الاستراتيجية من القمح والشعير أحد أهم الأعمدة الاقتصادية بالنسبة لسكان شمال شرقي سوريا، لاعتماد الغالبية من السكان المحليين على مردوها.

 “يطردوننا.. ويرموننا بالحجارة”

وفي مدينة القامشلي، تنهمك مجموعة من النسوة العاملات ضمن حقل زراعي ملاصق للحدود التركية بالعمل، متحديات جميع المخاطر في سبيل لقمة العيش.

ويشير عبدالله بكريش، وهو صاحب الحقل، أن “الجنود الأتراك لا يدعونا نعمل بحرية ويطردونا على الدوام، يرموننا بالحجارة أحياناً، وقبل أيام منعوا الفلاح من سقاية محصول القمح، والقمح إذا لم نسقه فسيتلف”.

ورغم إرسال إشارة من قبل المزارعين إلى حرس الحدود التركي، بأنهم مدنيون ويعملون في أراضيهم، “نحن لا نزعجهم، لكنهم يمنعوننا”. 

وتلك الاستهدافات أثرت على مزارعي تلك الأراضي الحدودية، وامتد تأثيرها العمال في تلك الأراضي، يقول “بكريش”: “قبل أيام كان الجرار يعمل في الأرض، كانوا يطلبون منه الابتعاد لكن بسبب الضوضاء لم يسمع، لذا قاموا بإطلاق الرصاص باتجاهه”.

ويضيف: “العمال الذين نجلبهم للعمل بالأرض باتوا يتجنبون العمل لأن حياتهم معرضة للخطر.. نخاف من الحركة من كل شيء، لكن ماذا نفعل هذا مصدر عيشنا”.

تحرير: تيسير محمد