لماذا اكتسبت الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في سوريا زخماً جديداً؟

بعد أكثر من عقد من الحرب في سوريا، تجري بعض القوى الخارجية التي أطالت أمد الصراع بتقديم المال والأسلحة، محادثات لوضع حد دائم للقتال. ويبدو أن تركيا، التي دعمت المتمردين السوريين الذين حاولوا الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، تقبلت أنه لا يمكن هزيمته طالما أنه يحظى بدعم روسي. ودول الخليج، التي رفضت الأسد، تعرض الترحيب به مرة أخرى في مجموعة القادة العرب وتشجعه على التصالح مع تركيا. إنه تحول محبط للأحداث بالنسبة للولايات المتحدة، التي عارضت منذ فترة طويلة أي جهد لإعادة تأهيل الأسد.

1- لماذا استمرت الحرب في سوريا لفترة طويلة؟

رأت القوى الأجنبية في انتفاضة 2011 ضد الأسد فرصة لتوسيع نفوذها في بلد يمتد على خطوط تصادم جيوسياسية في المنطقة. وتدخلت تركيا، جارة سوريا الشمالية، لعرقلة الجهود الكردية لتشكيل وطن يهدد بتقسيم أراضيها. وانخرطت الولايات المتحدة جزئياً في مواجهة تمرد إسلامي اندلع في بعض المناطق التي فقد الأسد السيطرة فيها. ورأت إيران وحلفاؤها، بمن فيهم جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة، فرصة لتوسيع منطقة نفوذهم من خلال دعم الأسد. فيما أيدت بعض دول الخليج المعارضة لإيران المتمردين السوريين. ودخلت روسيا الحرب في عام 2015، وقلبت الموازين لصالح الأسد من خلال تزويده بالأسلحة والمستشارين العسكريين في محاولة لزيادة نفوذها في جميع أنحاء الشرق الأوسط الأوسع. وأدى تدفق الأسلحة والأموال إلى تأجيج صراع طويل الأمد أودى بحياة ما يقدر بنحو 350 ألف مدني وتسبب في واحدة من أسوأ أزمات اللاجئين في العالم. 

2– لماذا يتحدثون عن السلام الآن؟

منذ عام 2020، تم استبدال الحرب الشاملة بقتال متقطع، ولم يكن هناك تغيير يذكر في ميزان القوى. ويهيمن الأسد على جزء كبير من سوريا ولكن يبدو أن لديه فرصة ضئيلة لإعادة ما تبقى من الأراضي. وتسيطر الجماعات الكردية المسلحة على ما يقارب من ثلث البلاد، بينما تسيطر تركيا وحلفاؤها من المعارضة السورية على شريط من الأراضي على طول الحدود الشمالية. وترى حكومة الأسد أن المحادثات فرصة محتملة لإعادة تأهيله. سيمثل هذا أيضاً فوزاً لحليفته القوية، روسيا. بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإن السلام سيسهل إعادة حوالي 4 ملايين لاجئ سوري إلى وطنهم، الذين أصبح وجودهم المستمر لا يحظى بشعبية كبيرة لدى العديد من الأتراك. تقدم دول الخليج بقيادة الإمارات العربية المتحدة للأسد فرصة للخروج من العزلة الإقليمية والحفاظ على مكاسبه الإقليمية كما هي على أمل تخفيف علاقات حكومته مع منافستهم الإقليمية إيران.

وأكدت تدفقات المساعدات من دول الخليج إلى سوريا في أعقاب الزلزالين المدمرين في فبراير استعدادها لإعادة العلاقات الطبيعية مع الأسد.

3– من هو الوسيط في المحادثات؟

كانت روسيا تستضيف المفاوضات بين قادة الدفاع والاستخبارات الأتراك والسوريين، وهي مناقشات رسمية من مستوى عالي بين الخصمين منذ أكثر من عقد. وأقامت روسيا علاقات اقتصادية مع تركيا في السنوات الأخيرة، مع مواصلة دعمها الثابت للأسد.

والتقى أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين أربع مرات في عام 2022. وقد أتى هذا الجهد ثماره بالنسبة لموسكو، حيث رفضت تركيا المشاركة في العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الآخرون لمعاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا.

4- ما هي العقبة الرئيسية أمام الاتفاق؟

من المرجح أن تكون النقطة الشائكة الرئيسية هي استمرار وجود تركيا في شمالي سوريا. ويريد أردوغان إبقاء القوات التركية هناك لصد أي توغل للمقاتلين الكرد السوريين الذين يعتبرهم حلفاء لحزب العمال الكردستاني، وهي جماعة مسلحة تقاتل من أجل الحكم الذاتي الكردي في جنوب شرقي تركيا. كما تشعر الحكومة التركية بالقلق من أنها إذا تخلت عن السيطرة على المنطقة الحدودية، فستكون عاجزة عن وقف أي موجات هجرة مستقبلية من سوريا.

5– ماذا يعني كل هذا بالنسبة للولايات المتحدة؟   

في بداية الصراع، قامت القوات الأمريكية بتدريب وتسليح المتمردين السوريين الذين كانوا يقاتلون قوات الأسد المدعومة من روسيا ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية. وتراجعت واشنطن عن تورطها بعد أن تعرض المتمردون والإسلاميون لسلسلة من الهزائم. ومع ذلك، حافظت على دعمها للمقاتلين الكرد الذين لعبوا دوراً أساسياً في الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والذين ما زالوا يشكلون تهديداً حقيقياً للأسد.

وضع هذا الأمر الولايات المتحدة على خلاف مع تركيا العضوة في الناتو، أقرب حليف رسمي لها في المنطقة ولكنها عدو لدود للكرد. وإذا قامت تركيا بتطبيع العلاقات مع الأسد، فسيمثل ذلك انتكاسة أخرى للولايات المتحدة، التي أصرت منذ فترة طويلة على أنه يجب عليه الاستقالة والسماح للشعب السوري باختيار زعيم جديد.

وعندما أعلن مسؤولون سوريون أنه حصل على ولاية رابعة مدتها سبع سنوات في انتخابات 2021، وصف المسؤولون الأمريكيون التصويت بأنه إهانة للديمقراطية. وإذا تمكن الأسد من إعادة سيطرته الكاملة على البلاد، فستحقق روسيا هدفها، وهو تأمين حليف قوي في قلب الشرق الأوسط.

كتبه أونور أنت لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية وترجمته نورث برس