دير الزور – نورث برس
باع عطية أرضه التي يعتاش منها وعائلته في سنوات خلت، لأحد السماسرة الذين يعملون لصالح الإيرانيين، بأقل من نصف ثمنها، بسبب صعوبات اقتصادية يعاني منها.
وقبل نحو شهرين، باع عطية عبد القادر، من سكان بلدة العباس بريف دير الزور الشرقي، أرضه الواقعة على نهر الفرات، التي تشكل مصدر رزقه، لأحد السماسرة الذي يعملون لصالح إيرانيين في دير الزور، نتيجة صعوبات اقتصادية عانى منها، في ظل تردي الوضع المعيشي في مناطق سيطرة الفصائل الموالية لإيران.
وأجبرت الظروف المعيشية “المتردية” في دير الزور، وسياسة الإهمال المتعمد للمنطقة من حكومة دمشق، بتوسع ظاهرة بيع سكان لممتلكاتهم، وغالباً ما يكون المشتري إيراني الجنسية.
ويستغل هؤلاء الوضع المعيشي المتردي للسكان، ليوسعوا دائرة نفوذ إيران في دير الزور خصوصاً وسوريا عموماً، لذا، ينشرون سماسرة محليين ليشتروا العقارات والأراضي ومنازل المدنيين، في الوقت الذي تتهم فيه الحكومة بالتواطؤ في التهميش لإجبار السكان على البيع، بحسب سكان.
وباع “عبد القادر” أرضه بـ 11 ألف دولار أمريكي، لشخص يلقب بـ”الأمير” يعمل لصالح الإيرانيين بمدينة دير الزور، يقول إن بيعه لأرضه والتي لا يملك غيرها، لم يكن اختيارياً، إنما بسبب ديون تراكمت عليه في ظل وضع اقتصادي “متردٍ جداً”، أثّر على عائلته.
وبعد سيطرة القوات الحكومية والفصائل الموالية لإيران على المنطقة أواخر 2017، بدأت إيران بالتغلغل التدريجي في دير الزور، ونشر مراكز ثقافية تدعو لـ “التشيّع” مستخدمة الترغيب والحوافز، وافتتاح جمعيات خيرية لاستقطاب السكان، وشراء العقارات عن طريق سماسرة محليين لتصبح غالبية العقارات للإيرانيين، بحسب تقارير سابقة نشرتها نورث برس.
وتعرّض ناصر الناصر، وهو اسم مستعار، لرجل من سكان بلدة الدوير بريف دير الزور الشرقي، لمضايقات بعد خروجه من مخيم الهول، من قبل عناصر يتبعون لشخص يدعى “فراس الجهام”، وهو أحد أكبر تجّار العقارات بدير الزور.
استغل عناصر “الجهام” علاقاتهم القوية وانتمائهم للحرس الثوري الإيراني، وخروج الرجل من مخيم الهول، رغم أنه دخله لحماية عائلته في فترة الحرب، بحجة أن لديهم تقارير ضد “الناصر” تؤكد انتمائه لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ليجبروه على بيع منزله وأرضه التي تبلغ نحو 2 دونم.
يقول “الناصر” لنورث برس، إنه تواصل مع المدعو “فراس” وشرح له مضايقات عناصره المحللين والذين يحاولون شراء منزله وأرضه رغماً عنه، وبسعر بخس، “لكنه أكد لي أنني مطلوب للجهات الحكومية”.
عندها قرر الرجل بيع الأرض والمنزل، وما دفعه لذلك أكثر، هو خوفه من أن رفضه للبيع سيعطي العناصر فرصة لملاحقته وقتله، بالإضافة لضعف الإمكانيات المادية، نتيجة قلة فرص العمل في المنطقة وتردي الواقع المعيشي.
وبعد أن قرر البيع، حاول الحصول على سعر جيد، لكن “كلما جاء تاجر لشراء المنزل والأرض يتلقى تهديدات من سماسرة فراس الجهام، فيذهب ولا يعود، وفي الأخير لم أجد أمامي إلا الجهام، والذي اشترى مني بمبلغ 120 مليون ليرة، علماً أن القيمة الفعلية تفوق الـ 300 مليون”.
ويتركز الدور الإيراني بدير الزور على نشر “التشيّع” بين السكان والتملك العقاري عبر سماسرة محليين، لفرض خطة التغيير الديموغرافي وطمس هوية المنطقة، والتي تحقق مصالح وأطماع إيران السياسية.
وتوجد أكثر من أربع شبكات كبيرة للسماسرة بدير الزور، وأكبرها التي يقودها “خالد الياسر البكاري” المقرب من الحرس الثوري الإيراني، و”فراس الجهام” الذراع الأيمن لـ”الثوري الإيراني”، وتنشط في مناطق البوكمال والميادين ومدينة دير الزور، بحسب ناشطين في دير الزور.
وخلال العامين الماضيين، باع الكثير من سكان البوكمال والقرى المجاورة لها وسكان الميادين والقرى المجاورة لها أيضاً، ممتلكاتهَم وانتقلوا للعيش في مناطق الإدارة الذاتية، أو هاجروا خارج سوريا، نتيجة الفقر وسياسة “بطش” حكومة دمشق في المنطقة وانعدام الأمان بسبب التغلغل الإيراني، الحاكم الفعلي في دير الزور، بحسب مصادر في المنطقة.
ويشير ناشطون محليون، أن السماسرة الذين يعملون لصالح الإيرانيين في المنطقة، اشتروا منذ عامين إلى هذا الوقت، أملاك أكثر من 300 شخص في البوكمال وريفها، وأكثر من نصف الممتلكات والعقارات بمدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي.
وأصبحت ملامح بلدة الميادين تحمل طابعاً “شيعياً بحتاً” بعد إقامة حسينيات ومراكز ثقافية فيها، وإقامة عناصر إيرانيين مع عوائلهم في البلدة، حيث يشتري السماسرة العقارات بنصف قيمتها أو حتى أقل من ذلك مستغلين فقر السكان، وحالة الخوف نتيجة ممارسات الفصائل الإيرانية، بحسب شهادات ميدانية.