مزارعون في ريف الرقة الشرقي بمواجهة أصحاب الحصادات الذين لم يستلموا المحروقات

الرقة – نورث برس

“لسا الحبل على الجرار”، يقول خليل، في إشارة لعدم الانتهاء من التكاليف التي سيدفعها مزارعو القمح، حيث سيتبقى لديهم كلفة شراء الأكياس، وأجرة حصاد الدونم الواحد من أراضيهم.

يجهل خليل الظاهر (45عاماً)، وهو مزارع من بلدة الكرامة 35كم شرقي الرقة، شمالي سوريا، أجرة الحصاد التي سيدفعها مقابل الدونم الواحد من أرضه، وباتت تؤرقه في ظل مخاوف من تسعيرة متدنية للمحصول، وارتفاع أجرة الحصاد، التي ستكون استكمالاً لتكاليف باهظة تكبدها.

ويتخوف مزارعون في ريف الرقة الشرقي، من أجرة عالية لحصاد الدونم الواحد، في الوقت الذي لم تُعلن فيه بعد، وشكاوى أصحاب حصادات من عدم استلام مخصصاتهم، ورغبتهم برفع أجرة الحصاد بسبب ذلك، بالإضافة لارتفاع أسعار قِطع آلياتهم.

يقول “الظاهر” لنورث برس، إن أصحاب الحصادات متفقين فيما بينهم على رفع أجرة الحصاد هذا العام، ويتحججون بعدم منحهم مخصصاتهم من المحروقات.

ويشتكي الرجل من ارتفاع التكاليف لموسم القمح، حيث اشترى غالبية المواد بالدولار الأمريكي، كما أن أجرة الحراثة والحصاد ستحسب عليهم بالدولار أيضاً.

مخاوف

ما يثير مخاوف “الظاهر” أكثر، هو التسعيرة المتدنية للمحصول، وحسابها بالليرة السورية، ما يعني عجز المزارعين عن تسديد ما استدانوه للمحصول بالدولار الأمريكي، في ظل التدهور المستمر لقيمة الليرة السورية.

ووصلت الليرة السورية إلى أعتاب 9 آلاف ليرة للدولار الواحد، في تدهور مستمر لقيمة العملة المحلية، في الوقت الذي حددت فيه الحكومة تسعيرة محصول القمح بـ 2800 ليرة شاملة “حوافز تشجيعية” لزراعة وتسليم المادة، فيما لم تحددها الإدارة الذاتية بعد، لكن مسؤول في الإدارة قال إنها ستصدر هذا الأسبوع.

فيما يطالب مزارعون في شمال شرقي سوريا، بتحديد تسعيرة “منصفة” وتكون بالدولار الأمريكي، فيما رفعت لجنة الزراعة والري في منبج مقترحاً لتسعيرة المحصول بـ 40 سنتاً، في الوقت الذي وجد فيه اتحاد الفلاحين في الرقة ارتفاع تكاليف المحصول.

كما يتخوف “الظاهر” من تحكّم أصحاب الحصادات في المزارعين، وقلة الرقابة على عملهم، ويرى أن منح مخصصات أصحاب الحصادات في هذا الوقت تكبحهم قليلاً عن رفع السعر، فيما لم تسلم لجنة الزراعة أصحاب الحصادات مخصصاتهم.

وعلى الرغم من بدء موسم الحصاد، لا يعلم إبراهيم الزعبي (48عاماً)، وهو مالك حصادة في ريف الرقة الشرقي، سبب عدم تسليمهم مخصصاتهم بعد.

ويعمل “الزعبي” وأقرانه بطريقتين في موسم الحصاد، إما أن يتقاضوا 100كيلو من الحبوب عن كل هكتار، أو 40 ألف عن كل دونم في الأراضي البعلية، ما يعني أن أصحاب الحصادات افترضوا أن تسعيرة القمح 4 آلاف ليرة، وهو ما لم يصدر عن الإدارة الذاتية.

أما بالنسبة للأراضي المروية فالسعر سيكون أعلى من ذلك بكثير، بحسب أصحاب حصادات، فيما يقول مزارعو أراضٍ مروية، إن التسعيرة ستكون بـ 10-15 دولار أمريكي، لحصاد الدونم الواحد، وهي التسعيرة التي دفعوها في موسم حصاد الذرة الصفراء.

تكاليف باهظة

يقول “الزعبي” إنهم دفعوا مبالغ باهظة لتجهيز آلياتهم، استعداداً لموسم الحصاد، ولذلك وبما أنهم لم يستلموا مخصصاتهم من المحروقات، “نشتغل بما يناسبنا ويعوض خسائرنا”.

إذ أنه دفع ثمن القطع والتصليح بالدولار الأمريكي، ويشتري المازوت من السوق السوداء بـ 1800 ليرة لليتر الواحد، ويحتاج لبرميلي مازوت يومياً.

وفي الأسبوع الماضي، أصدرت هيئة الزراعة والري تعميماً ينص على توزيع مادة المازوت لأصحاب الحصادات، بكميات تختلف بحسب نوعيتها، وصلت إلى 15 ألف ليتر، توزع على خمس دفعات، وذلك بعد إجراء عدة أمور روتينية لتحديد الكمية.

وأمام رغبة أصحاب الحصادات برفع أجرة الحصاد، وارتفاع تكاليف الدونم الواحد من القمح، يتساءل جاسم الزوبع (34عاماً)، وهو مزارع من قرية الكجلة شرقي الرقة، عن السعر الذي سيبيع فيه محصوله، لتعويض خسائره.

ويرى أن التكاليف التي دفعها تحتاج إلى تحديد تسعيرة بـ 6 آلاف ليرة، لتعوض خسائره وتدر له بعض الربح، كي يكون قادراً على الزراعة مرة أخرى.

ويشكك الرجل في قدرة الجهات المعنية عن ضبط تسعيرة الحصاد، لعدم تسليم أصحاب الحصادات مخصصاتهم.

إجراءات روتينية

يقول أيمن السلطان، رئيس وحدة الزراعة في ريف الرقة الشرقي، إنهم سيتأخرون بإعطاء أصحاب الحصادات مستحقاتهم من مادة المازوت، بسبب وجود إجراءات روتينية يجب العمل عليها ليستطيعوا توزيع المادة.

ويضيف لنورث برس، أن الأمر سيستغرق أسبوعاً لإعطاء أصحاب الحصادات مخصصاتهم، حسب التعميم الصادر عن هيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية.

ويشير إلى أنه يوجد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية هذا العام، لكن ستوزع الحصادات على الحقول الموجودة بشكل متوازن، والسير حسب خطة عمل ستضعها لجنة الزراعة والري في الرقة، “للسيطرة على عملية الحصاد، ووضع تسعيرة تناسب المزارعين وأصحاب الحصادات، والحد من التحكم بحصاد الدونم الواحد ورفع التكلفة على المزارعين”، وفقاً لـ “السلطان”.

ويتخوف مزارعو الأراضي المروية في الرقة من عدم توفر حصادات لمحصولهم، بسبب اتساع المساحات البعلية، والتي يفضّلها أصحاب الحصادات لما تدره من أرباح، الأمر الذي يعرض أصحاب الأراضي المروية للتأخر بزراعة محاصيلهم الصيفية.

إعداد: فرات الرحيل – تحرير: أحمد عثمان