بين رفضٍ وترحيب.. سوريا تعود إلى جامعة الدول العربية

دمشق – نورث برس

توالت ردود فعل حول عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بعد تعليق عضويتها لأكثر من 12 عاماً، في حين أن الكثير من بلدان العالم ولاسيما الغربية لا تزال ترفض التطبيع مع الحكومة السورية بدون التقدم نحو حل سياسي.

وأمس الأحد، اتفق وزراء الخارجية العرب، في اجتماع القاهرة، على عودة سوريا الرسمية إلى مقعدها الشاغر في جامعة الدول العربية، كما قررت الجامعة، استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاتها، لتنهي 12 عاماً من تعليق عضوية دمشق إثر الاحتجاجات التي تحولت إلى نزاع دام.

وعلق عمل سوريا في جامعة الدول العربية بتاريخ 12 تشرين الثاني/ نوفمبر  2011، لتعود إلى مقعدها في 7 أيار/ مايو 2023.

ويأتي قرار جامعة الدول العربية قبل عشرة أيام من قمة عربية من المزمع عقدها في السعودية في 19 أيار/ مايو الجاري.

دولياً

وانتقدت الولايات المتحدة الأميركية قرار عودة سوريا لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية، قائلةً إن دمشق لا تستحق هذه الخطوة، كما شككت في رغبة الرئيس السوري بشار الأسد في حل الأزمة الناجمة عن الحرب في بلاده.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة تعتقد، مع ذلك، أن “الشركاء العرب يعتزمون استخدام التواصل المباشر مع الأسد، للضغط من أجل حل الأزمة السورية التي طال أمدها، وأن واشنطن تتفق مع حلفائها على الأهداف النهائية لهذا القرار”.

بدورها، رحبت وزارة الخارجية الروسية، بقرار استئناف مشاركة سوريا في أنشطة جامعة الدول العربية، وأشارت إلى أن ذلك “سيساهم في تحسين الأجواء في منطقة الشرق الأوسط وتسريع وتيرة العمل وتجاوز تداعيات الأزمة السورية”.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، قال إن “الصين ترحب بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وتهنئها”، وأعرب عن اعتقاده بأن تلك العودة “ستساعد الدول العربية على تعزيز وحدتها وتحسين نفسها، وتسريع التنمية وإعادة الإعمار في العالم العربي”.

وهنأ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، الاثنين، حكومة وشعب سوريا على نجاحها في استعادة مقعدها في جامعة الدول العربية.

وأشار “كنعاني” إلى أن “حل الخلافات بين الدول الإسلامية والتقارب والتآزر بينها له نتائج إيجابية في الاستقرار وإرساء السلام الشامل، كما أنه يوفر الأرضية لتقليل التدخلات الأجنبية الهادفة للربح في القضايا الإقليمية”، لافتاً إلى أن إيران “ترحب بهذا النهج”.

عربياً

لكن قطر أظهرت معارضتها الصريحة للرئيس السوري وقالت، إنها لن تطبّع علاقاتها مع حكومة دمشق رغم قرار استئناف مشاركة وفودها في اجتماعات جامعة الدول العربية.

وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري، إن موقف بلده من “التطبيع مع النظام السوري لم يتغير”. مضيفاً في تصريح لوكالة الأنباء القطرية، أن حكومته لن تكون “عائقاً” أمام الخطوة التي اتخذتها الجامعة العربية.

لكن أشار إلى أن أي تطبيع للعلاقات بين الدوحة ودمشق “يرتبط في المقام الأول بالتقدم في الحل السياسي الذي يحقق تطلعات الشعب السوري”.

وأضاف أن الأسد يجب أن يقوم بـ”معالجة جذور الأزمة التي أدت إلى مقاطعته، وأن يعمل على اتخاذ خطوات إيجابية تجاه معالجة قضايا الشعب السوري”.

وصرح الأمين العام لمجلس الجامعة العربية أحمد أبو الغيظ، أن عودة سوريا إلى مجلس الجامعة العربية “لا تعني نهاية الأزمة بالتأكيد”.

وقال أبو الغيظ إن “الرئيس السوري بشار الأسد يمكنه المشاركة في القمة القادمة إذا رغب”، كما أن الحكومة السورية ستتواجد بكافة الاجتماعات العربية المقبلة.

وأشار إلى أنه لا يمكن تسوية القضية السورية في يوم أو شهر، مشدداً على أن التسوية ستأخذ وقتها، ورأى أن قرار تطبيع العلاقات مع سوريا خاص بكل دولة.

وشدد وزير الخارجية المصري في ذات الصدد على أهمية متابعة الحوار لحل الأزمة التي “أضنت البلاد”، مضيفاً أن بلاده مهتمة بقضية عودة اللاجئين السوريين من الأردن ولبنان إلى بلادهم بالشكل المناسب.

كما شدد وزراء الخارجية العرب في اجتماع القاهرة، على حرصهم على ضرورة “إطلاق دور عربي قيادي في جهود حل الأزمة السورية وانعكاساتها، وضمنها أزمات اللجوء وتهريب المخدرات وخطر الإرهاب”.

كما أيدت دولة الإمارات، القرار الصادر من وزراء الخارجية العرب، بوصفها لهذه الخطوة بـ “الإيجابية”.

وقال مستشار الرئيس الإماراتي أنور قرقاش في تغريدة له عبر تويتر، إن “عودة سوريا إلى الجامعة العربية خطوة إيجابية تعيد تفعيل الدور العربي في هذا الملف الحيوي”.

موقف دمشق

وبحث الرئيس الأسد، باتصالٍ هاتفي، مع نظيره الإماراتي محمد بن زايد، “التطورات الإيجابية على الساحة العربية.

وعبّر الأسد عن تقدير سوريا للدور الذي تقوم به الإمارات من أجل “لمّ الشمل” وتحسين العلاقات العربية، بما يعزز التعاون العربي المشترك ويخدم مصالح الدول والشعوب العربية.

وعلقت وزارة الخارجية السورية، على قرار مجلس وزراء الجامعة العربية المتعلق بإعادة سوريا مقعدها، قائلة في بيان، إن “سوريا تابعت التوجهات والتفاعلات الإيجابية التي تجري حالياً في المنطقة العربية والتي تعتقد أنها تصب في مصلحة كل الدول العربية وفي مصلحة تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار لشعوبها”.

وأشارت إلى أن سوريا “هي العضو المؤسس لجامعة الدول العربية”، وتجدد موقفها المستمر بضرورة تعزيز العمل والتعاون العربي المشترك، وتشدد على أن المرحلة القادمة “تتطلب نهجاً عربياً فاعلاً وبناءً على الصعيدين الثنائي والجماعي، يستند على قاعدة الحوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة للأمة العربية”.

المعارضة

وأعرب الائتلاف السوري المعارض، عن رفضه واستيائه من قرار إعادة سوريا لمجلس الجامعة العربية، وجاء في بيان له، أن “الشعب السوري قد عاد اليوم وحيداً دون دعم رسمي عربي، بعد ما قررت الجامعة العربية إعادة النظام المجرم إلى مقاعدها”.

وذكر البيان أن “تعزيز سلطة الأسد وإيران في سوريا تعني استمرار المعاناة الإنسانية لملايين السوريين، وتؤدي إلى مزيد من الوحشية والإرهاب والدموية من قبل النظام وحليفيه تجاه الشعب السوري الذي يناضل من أجل حريته منذ عام 2011”.

وشدد الائتلاف في بيانه على ضرورة الانتقال السياسي الكامل في سوريا وفق القرار الدولي 2254، و “تقديم الأسد ومجرمي نظامه للمحاسبة والمحاكمة”.

ورحب مجلس سوريا الديمقراطية “مسد”، في بيان، بالاهتمام العربي بسوريا واجتماعات جدة وعمان واجتماع وزراء العرب حول سوريا يوم أمس، وقال إنه يأمل أن تنتهي هذه الخطوات بعملية سياسية متكاملة تنهي مأساة السوريين.

وقال “مسد” في بيان حول الانفتاح العربي الأخير على سوريا، إنه ينتظر من المبادرة العربية أن تساهم في تهيئة الأوضاع لتفعيل مسار العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وبما يهيئ الظروف المناسبة لعودة آمنة للاجئين وعدم المجازفة بتعريض مصيرهم للخطر.

ولا يزال المأمول من عودة سوريا لحاضنتها العربية، مجهولاً، في ظل غياب أي بوادر حل سياسي إلى الآن، ويبقى الاجتماع القادم للجامعة هو من سيقرر دور سوريا الجديد بين أشقاءها العرب. 

إعداد وتحرير: تيسير محمد