مع اقتراب موسم الحصاد.. مزارعون شرقي دير الزور يتخوفون من “إتاوات” داعش

دير الزور – نورث برس

بعد انتهائه من حصاد محصوله من القمح في الموسم الماضي، تفاجئ عبد اللطيف، بورقة ممهورةً بختم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” عُلقت على باب منزله، يطالبه فيها بدفع “الزكاة”.

عبد اللطيف الجميل، مزارع من بلدة الحجنة بريف دير الزور الشرقي، شرقي سوريا، يعتمد على الزراعة في تأمين معيشة عائلته، لكن حادثة جرت معه، أثارت الرعب في قلبه وعلى عائلته، وخشي تكرارها، لذا ترك الزراعة وبات يعمل بالمياومة.

ويتخوف مزارعون في دير الزور من فرض تنظيم “داعش”، ما يسمى بـ”الزكاة”، وتزداد مخاوفهم، من التهديدات سواء من خلايا التنظيم أو من العصابات التي تعمل بـ “التشليح” باسم “داعش”، في ظل اقتراب موسم الحصاد.

يقول “الجميل”، إنه في الموسم الماضي أُجبر على دفع “الزكاة”، رغم أن المحصول لم يغطِّ تكاليف إنتاجه، حيث زرع الموسم الماضي 50 دنماً من القمح، بتكاليف باهظة، ولم يغطِّ إنتاجها الكلفة.

وحين الانتهاء من الحصاد وجني الموسم، طالبه التنظيم بدفع 10 شوالات قمح أو ما يعادلها نقداً بحجة “الزكاة”.

تواصل الرجل مع رقم “واتس آب” كان مكتوباً بالورقة التي وجدها على باب منزله، وحين الرد من قبل صاحبه المجهول، حاول أن يشرح أن محصوله لم يغطِ التكاليف التي دفعها، لكنه جوبه بتهديدات بقتله وقتل عائلته.

بعدها تواصل مع الجهات الأمنية، لينصحوه بعدم الدفع، وطمأنوه أن تلك “مجرد تهديدات”، لكن تطميناتهم لم ترحه، بسبب مخاوفه على عائلته.

عاد للتواصل مع ذات الرقم، ليتفق معه على موعد ومكان تسليم المطلوب منه، وبالفعل، اتفقا أن يترك المبلغ بجانب مضخة مياه على طريق ترابي على نهر الفرات، بعدها، قدِم شخصان ملثمان يستقلان دراجة نارية وكانا يحملان مسدسات، بالنزول إلى المضخة وحمل الكيس والذهاب مسرعين بعيداً.

ولازال تنظيم “داعش” يفرض إتاوات على سكان بدير الزور، ويستهدف بشكل أكبر التجّار، فيما يوجّه سكانٌ اتهامات لعصابات تستغل اسم التنظيم “لـعمليات التشليح”.

فيما يضطر سكان لمجاراة المجهولين، نظراً للوضع الأمني المتردي، وكثرة حالات الاغتيال في ظل نشاط خلايا التنظيم وانتشار السلاح بين المدنيين.

حماية ذاتية

وأمام كثرة الإتاوات، اتفق مزارعون في دير الزور على حماية محاصيلهم، في ظل نشاط الخلايا والعصابات التي تستخدم اسم التنظيم، ويطالبون الجهات الأمنية بتشديد القبضة وضبط حالة الفوضى التي شهدتها أرياف دير الزور في الموسم الماضي، إذ أن فرض الإتاوات بات “علنياً”.

ويقول مزارعون إن التنظيم يكلف سماسرة له، يراقبون المزارعين وهم يبيعون محاصيلهم من القمح ويسجلون أسماءهم والكميات التي باعوها، وبعد ذلك يتصلون بالمزارعين هاتفياً أو يتوجهون مباشرة إلى منازلهم، ليطالبوهم بـ”الزكاة” تحت تهديد القتل أو الخطف أو حرق المحصول في حال الامتناع عن الدفع.

كما أن هذه الأنشطة لم تعد خفية لدى “داعش” أو عبر وسطاء، بل باتت علناً، “لا أحد يقوى على التبليغ عنها في تلك المناطق خوفاً من الانتقام”، يكشف مزارعون.

وطال فرض الإتاوات من قبل التنظيم، التجار وأصحاب المحال التجارية، وبعض من هؤلاء أفصح عن تلقيه تهديدات بالقتل من عناصر “داعش”، وبعض آخر ترك المنطقة وحوّل نشاطه التجاري إلى منطقة أخرى.

بينما يقول إبراهيم الحسن (48عاماً)، وهو من سكان قرية الطار 12كم غربي دير الزور، إن تهديدات بالقتل طالته الموسم الماضي، حيث أبلغه اتصال هاتفي بضرورة دفع “الزكاة”، عن أرضه التي تبلغ 25دونماً وكان زرعها بالقمح.

وبسبب ذلك، لم يزرع هذا العام سوى 5 دونمات، بسبب التهديدات التي وصلته بالقتل وعائلته، في حال رفض الدفع.

تهديدات بالقتل

وأمام تهديدات القتل، التي يُطلقها مجهولون عبر المنشورات الورقية والمكالمات الهاتفية، يضطر مزارعون وتجّار للتجاوب معها وتنفيذ المطالب.

ويشدد أحمد السالم (40عاماً)، وهو من سكان البصيرة نحو 35كم شرقي دير الزور، على أن مناشير “داعش” الورقية التي تُذكر بدفع الزكاة، انتشرت خلال ومع اقتراب موسم الحصاد في العام الماضي.

وتعرّض الرجل لتهديدات بالقتل من أجل دفع ما يترتب عليه، وتعرض منزله للمداهمة ليلاً، لذا دفع ما طُلب منه تلافياً للمشاكل.

وتتسلل خلايا التنظيم ليلاً لمنازل السكان، لترك مناشير تهديد في المنزل أو على أبوابه، وكتابة عبارات على الجدران، الأمر الذي يثير الرعب في نفوس السكان، وهو ما يعمد التنظيم لنشره.

كذلك يجد سعود الأحمد (40عاماً)، وهو من سكان البصيرة شرقي دير الزور، نفسه مجبراً على دفع ما يُطلب منه، إذ أن عناصر التنظيم يضعون المناشير “في وضح النهار” على أبواب الجوامع والمنازل.

وأمام جرأتهم، وعدم سطوة القوى الأمنية عليهم، يدفع الرجل خوفاً على عائلته، بلا تردد.

أمام كل ذلك، يتخوف مزارعو القمح في دير الزور فرض التنظيم “الزكاة” على محاصيلهم، لا سيما في ظل التكاليف الباهظة، وعدم صدور تسعيرة، حيث تضاف لمخاوفهم التسعيرة المتدنية، بعد أن دفعوا تكاليف الإنتاج بالدولار الأميركي.

إعداد: عمر عبد الرحمن/ إيمان الناصر – تحرير: أحمد عثمان