الرقة.. الازدحام في مدرسة يجلس الطلاب بغرف صفية “غير مؤهلة”

الرقة – نورث برس

مع بداية فصل الشتاء الماضي، امتنع ياسر عن إرسال ابنه إلى المدرسة، لا سيما مع اشتداد البرودة، وافتقاد المدرسة لأبسط مقومات استقبال الطلبة.

لدى ياسر الشواخ (30عاماً) وهو من سكان قرية البيدر التابعة لبلدة الكرامة نحو 35كم شرقي الرقة، طفل في الصف الثاني، امتنع عن إرساله إلى المدرسة كما غالبية أولياء الطلاب في البلدة، ممن يقطنون بالقرب منها.

وفي قرية البيدر التابعة لناحية الكرامة 500 عائلة، بناء مدرسي صغير وآخر “على العظم”، رغم ذلك استُخدم لاستقبال طلاب نتيجة الازدحام في البناء القديم.

ويفتقر البناء الجديد لمقومات استقبال الطلبة بسبب عدم جاهزيته، لذا، اتجه غالبية سكان البلدة للامتناع عن إرسال أبنائهم إلى المدرسة وفضّل بعضهم إرسالهم إلى مدارس بعيدة.

يقول “الشواخ”، إن في القرية نحو 500 طالب/ة، ونتيجة الازدحام في الغرف الصفية، يضطر الكادر التدريسي، لتحويل طلبة إلى المدرسة غير المؤهلة، والتي تفتقر إلى الأبواب والشبابيك، ما سبب أمراضاً لدى الطلبة.

وعاني الطلبة من البرد القارس في الشتاء، لذا كان الكثير منهم لا يرتاد المدرسة في أيام البرد الشديد، وعلى الرغم من المطالبات المتكررة من قبل السكان بتأهيل المبنى الذي سيتسع لـ700 طالب/ة، إلا أن مطالبهم لم تلقَ آذاناً صاغية، لا سيما أن المدرسة ستكون قادرة على استقبال طلاب قرية السعيد القريبة منها.

ويستغرب خليل المحمد (45عاماً) من تأخر الجهات المعنية عن تأهيل المدرسة التي ستخفف معاناة سكان القرية، ويتوقع الرجل أن يكون السبب عدم توفر ميزانية.

ويروي الرجل حادثة رآها في أحد الأيام حينما قصد المدرسة للسؤال عن مستوى أطفاله، ليتفاجأ بأن الطلاب يرمون أحذيتهم لكي يستطيعوا الدخول إلى الغرفة الصفية، كون الممر مغموراً بمياه الأمطار.

لذا، وكما سابقه منع أبناءه من الذهاب إلى المدرسة في أيام البرد القارس وهطول الأمطار، “صحتهم أهم من التعليم، إذا هيك التعليم بده يكون”.

بينما يقول علي الحسين، وهو مدير المدرسة، والتي يُطلق عليها مدرسة “محمد العيسى”، إن مدرسته تضم بنائين، القديم منهما فيه 7 غرف صفيّة، والمبنى الآخر الجديد، ولديه أكثر من 250طالب/ة، وهذا العدد لا تسعه الغرف، لذا، اضطر لإخراج أكثر من 50 طالب/ة إلى البناء الجديد “غير المجهز”.

ويضيف أن هؤلاء الطلبة ممن تم إخراجهم عُرضة للأمراض، إلا أنه مجبراً، على حد قوله، بسبب عدم استيعاب تلك الغرف لهذا العدد من الطلاب.

ولمعرفته بالمخاطر طالب المدير مراراً، عبر كُتب للجهات المعنية، بحل المشكلة، إلا أنه لم يتلق أي استجابة، “بسبب التكلفة الباهظة لتأهيل البناء الجديد”.

ويشير “الحسين” إلى أن تأهيل البناء سينهض بواقع التعليم في المنطقة، كما أنه سيحل مشكلة، خاصة في ظل ازدياد أعداد الطلبة المستمر.

لكن عدم الاستجابة ومخاطر التدريس في بناء غير المؤهل، دفع المدير لنقل طلاب الصف السادس إلى مدرسة “الحسين بن علي” التي تبعد عن القرية نحو 3كم، وهو ما يزيد معاناة الطلبة وذويهم، ويوفر أرضية خصبة للتسرب المدرسي، وترك التعليم.

وكما سابقه، يقول محمد الهلال، وهو مدير مجمع الكرامة التربوي، إنهم أُجبروا على تحويل الطلبة إلى البناء غير المؤهل، وإرسال طلاب الصف السادس إلى مدارس أُخرى، نتيجة عدم استيعاب الغرف الصفية في البناء القديم.

ويضيف، أن التأخير في تأهيل المدرسة، “الكلفة الباهظة التي تتطلبها”، لذا “وجّهنا كُتباً للمنظمات الداعمة لتأهيل المدرسة”.

وبالفعل، كشفت منظمات على البناء، “لكن بعد اكتشاف الكلفة العالية، يمتنعون”، على حد قول “الهلال”.

أما في حال تأهيل المبنى الجديد، سيستقبل نحو 700 طالب/ة، وسيخفف معاناة طلبة بالذهاب إلى المدارس المجاورة، والتي تصل مسافتها إلى 5كم.

إعداد: فرات الرحيل – تحرير: أحمد عثمان