المؤقتة والإنقاذ.. تباين في الهيكلية والرؤية الوطنية واللهجة السياسية

إدلب ـ نورث برس

يوما بعد يوم يتفاقم الانقسام بين الحكومتان اللتان تحكمان شمال وشمال غربي سوريا، وهما حكومة الإنقاذ الممثلة لهيئة تحرير الشام والحكومة السورية المؤقتة الممثلة لقوى الائتلاف المعارضة، على الرغم من تشكيلهما برعاية الاستخبارات التركية، وتنعكس آثار ذلك الانقسام على كافة الجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية وحتى التربوية.

يقول عبدالله العمر، وهو حقوقي في إدلب، إن “الانقسام تغذيه الاستخبارات التركية لمصالح استراتيجية، على مبدأ فرق تسد، فتوحد المعارضة يخرجها عن السيطرة التركية واستمرار التشتت يبقي الدولة التركية راعية للمنطقة ومتحكمة بمفاصل القضية السورية واستخدام الفصائل في حروبها الإقليمية والدولية”.

وتشكلت حكومة الإنقاذ في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، بينما تشكلت الحكومة المؤقتة في العام 2013.

ويجدر التنويه أن حكومة الإنقاذ خارج أي اعتراف دولي كونها مظلة مدنية لهيئة تحرير الشام الموضوعة على قائمة الإرهاب، في مقابل أن الحكومة المؤقتة التي تعتبر الممثل الرسمي للمعارضة السورية .

بدأ الانقسام بين الحكومتين بعد شهر من إعلان تشكيل حكومة الإنقاذ، بعد أن أخلت هيئة تحرير الشام كافة مقرات الحكومة المؤقتة في إدلب وريفها من موظفيها وأجبرتهم على الخروج نحو الأراضي التركية باتجاه مناطق “درع الفرات”، الأمر الذي شكل شرارة الانقسام بين الطرفين باعتبارهما السلطتان الحاكمتان في مناطق المعارضة عموماً.

وبحسب محمد حامد، اسم مستعار، لأحد نشطاء الداخل السوري ويقيم في إدلب، فإن الشرخ والانقسام تزايد مع استيلاء هيئة تحرير الشام منذ بداية الانطلاق نهاية العام 2017 على كافة المرافق والمنابع الاقتصادية في مناطق نفوذها والكهرباء والماء والانترنت إضافة للضرائب والزكاة وسوق الصرافة والحوالات بحجة تسليمها لوزارات ومؤسسات حكومة الإنقاذ.

وبعدها استحوذت حكومة الإنقاذ على معبر باب الهوى الاستراتيجي، وأقصت عن طريق تحرير الشام، الحكومة المؤقتة من المنطقة، واعتبر ذلك “بمثابة بداية العداء بين الطرفين لاسيما وأن الحكومة المؤقتة كانت تعتمد على هذا المعبر كأبرز مصادر دخلها”، بحسب “حامد”.

وأبدت علا الحسن، وهي صيدلانية في مدينة إدلب، انزعاجها من هذا الانقسام، “إذ إنه انعكس على جغرافية شمالي سوريا التي باتت دويلات متناحرة، إضافة لانعكاسه على أرزاق المواطنين وتعليم أبنائهم ناهيك عن عرقلة أي حلول سياسية قد تطرح على طاولة حل الأزمة السورية في ظل وجود حكومتين متباينتي الهيكلية والرؤية الوطنية وحتى اللهجة السياسية”.

وفيما يتعلق بالتطبيع المطروح بين أنقرة ودمشق، تقول “الحسن”، لنورث برس: “تبدو الحكومة المؤقتة عاجزة عن إبداء رأيها بقوة إزاء التحركات التركية لاحتضان النظام وذلك لأنها عبارة عن ريشة بيد أردوغان، في حين أكد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام المسيطر الفعلي على حكومة الإنقاذ، أنه يملك عدة أوراق ستنهي أي محاولة للتطبيع التركي مع النظام”، في إشارة لملف المهاجرين في إدلب وريفها  وأوراق أخرى لم يصرح بها.

في حين رجح سكان في مدينة إدلب، أن “يلقى التطبيع صداه في مناطق نفوذ الجيش الوطني باعتبار أن كافة المؤسسات الحكومية العسكرية والمدنية مدارة بشكل مباشر من قبل الاستخبارات التركية، في ظل عجز قيادات الفصائل والسياسيين هناك عن الاعتراض الذي اقتصر شعبياً على المظاهرات فقط”.

ويرون أن ذلك الأمر “صعب” في مناطق نفوذ حكومة الإنقاذ لاسيما مع التصريح الذي أطلقه الجولاني موخراً فيما يتعلق بمساعي التطبيع التركي مع النظام، والذي أكد فيه استعداده لتفجير المساعي التركية في المنطقة وإعادة خلط الأوراق، خصوصا أن إدلب وريفها لا زالت تحت أزمة المقاتلين الأجانب المنتشرين فيها والتي لم تحل بعد”.

وبحسب أحمد ملا وهو اسم مستعار لإداري ضمن المكتب القانوني والاستشاري التابع لحكومة الإنقاذ، فإن الأخيرة “جاءت تلبية لمتطلبات الشارع شمال غربي سوريا، عقب العجز والفشل الكبير الذي أبدته الحكومة المؤقتة في تعاطيها الإداري والسياسي محلياً وإقليمياً مع قضايا الثورة والمناطق المحررة منذ تأسيسها 2013، خصوصاً وأن مقراتها الأساسية ومسؤوليها يقطنون تركيا بعيدين عن واقع الحال”.

وبين المصدر أن “الأزمة الأساسية التي تعتري حكومة الإنقاذ تتجسد في هيمنة مجلس شورى هيئة تحرير الشام على كافة مفاصلها وأجهزتها, فلا يصدر قرار أو يتم إطلاق مشروع من قبل الحكومة إلا بعد أن يطلع عليه مجلس شورى”.

إعداد هاني سالم -تحرير : تيسير محمد