الرقة.. مخاوف مزارعي القمح من تكرار سيناريو الذرة الصفراء
الرقة – نورث برس
ينتظر أحمد موسم الحصاد بفارغ الصبر؛ ويأمل تعويض خسارة تعرض لها في موسمه السابق من الذرة الصفراء، حيث تُركوا عُرضةً لاستغلال التجّار، وتعرّض الكثير من المزارعين لعمليات نصب.
ويتخوف أحمد الخضر (65عاماً)، مزارع من مزرعة ربيعة أقل من 10كم غربي الرقة، شمالي سوريا، من تسعيرة متدنية لمحصول القمح، ما يعني تكرار سيناريو خسارة تكبدها في موسم الذرة الصفراء التي زرعها.
وتتفاقم مخاوف لدى مزارعي القمح في الرقة، من خسارة في المحصول كما سابقتها في موسم الذرة الصفراء، والتي أثقلت كاهل العديد منهم، بعد بيعها بسعرٍ متدنٍ، وتعرّض بعضهم لعمليات نصب من قبل تجّار.
ويأمل “الخضر” سعراً مناسباً ينصفهم ويعوض الخسائر التي تعرضوا لها، “إذا كانت التسعيرة مثل الصفرة نحنا نبطل الزراعة كلها”، يقول.
لا سيما أن المزارع وأقرانه يعانون من قلة الدعم في المواسم الزراعية، وارتفاع أسعار المواد وارتباطها بالدولار الأمريكي، وهذا ما يسبب تفاوتاً في تكلفة زراعة الدنم الواحد منذ بداية الموسم إلى موعد الحصاد.
واشترى “الخضر” الطن الواحد من السماد بـ 700 دولار أمريكي، لذا، لا بد أن يكون سعر الكيلو من القمح بـ 3500 ليرة في الحد الأدنى، “أي سعر يُحدد من قبل الإدارة الذاتية أقل من هذا الرقم مجحف بحق المزارعين” وفقاً لقوله.
ويبلع سعر طن السماد 700 دولار لليوريا، وأكثر من 1000 دولار للسماد الأسود أو “الترابي”، ويحتاج الدونم الواحد لـ 25كيلو لكل من النوعين.
في حين يدفع المزارعون نحو 20 دولاراً ثمناً للمبيدات، و20 دولاراً أجرةً للحراثة والحصاد، عدا عن المخصبات، وأجرة اليد العاملة، بالنسبة لمالكي الأرض، أما المستأجرون فيدفعون من 100 إلى 150 دولاراً، أجرةً للدونم الواحد إضافة لتكاليف الموسم.
وما عاظم مخاوف “الخضر” والمزارعين بشكل عام، هو تحديد حكومة دمشق سعر شراء المحصول، حيث حددت سعر الحنطة 2300 ليرة والشعير 2000 ليرة للكيلو، الأمر الذي بات يُثير قلقهم.
والأحد الماضي، قال الرئيس المشارك لاتحاد الفلاحين في الرقة، إن تكاليف محصول القمح مرتفعة “جداً”، ولابد للتسعيرة أن تتناسب معها، نظراً لشراء المزارعين جميع المواد اللازمة بالدولار الأمريكي.
ويضطر الكثير من المزارعين لاستدانة المواد، من بذار وسماد ومبيدات، لحين موسم الحصاد، إلا أن ذلك يترتب عليه ثمناً يعادل ضعف السعر الأساسي، مثلاً؛ يبلغ سعر طن السماد 700 دولاراً، على أن يسدد في الموسم 1000-1200دولار، كذلك الحال بالنسبة لأجرة الحراثة، وحتى الحصاد.
وينسحب الحال على محمد راغب (47عاماً)، وهو أحد مزارعي القمح في مزرعة ربيعة، الذي يرى أن تحديد الإدارة الذاتية سعراً متدنياً للمحصول، سيكون “ظلماً للمزارع”، خاصة أنه اشترى كل المواد بالدولار الأمريكي.
واشترى الرجل نصف طن من البذار بسعر 600 دولار أمريكي، ما يعني أن الدونم الواحد من أرضه كلفه نحو 500 ألف فقط للبذار، ومؤخراً وصل سعر صرف الدولار إلى 8250 ليرة، في تدهور مستمر لقيمة الليرة أمام العملات الأجنبية.
ويضع المزارع كل أمله في موسم القمح الذي زرعه، وذلك بعد أن اقترب موسم الحصاد، إلا أن الخسارة في موسم الذرة تركت لديه هاجس الخوف من تكراره.
ومع قلة الدعم للمحاصيل الزراعية، وارتفاع أسعار المواد من أسمدة ومبيدات حشرية، وفلاحة الأرض، وحصادها والتي أصبحت ترتبط أيضاً بالدولار الأمريكي، يضطر “راغب” لتقليل المساحة التي يزرعها.
ويقول إنه زرع فقط 10 دونمات بالحنطة، حتى يستطيع تحمل تكلفتها، وتحسباً من تجدد الخسارة في حال تدني السعر، حيث ترتبط خسارة المزارعين بالسعر.
ففي حال كان متدنياً، سيكون استكمالاً لخسارة سابقة، والنتيجة بالتالي ستكون عزوفاً عن المحاصيل الموسمية الاستراتيجية، والاتجاه لزراعة أخرى أقل تكلفة “كالبرسيم” أو الفصة.
ويرى مزارعون أن موسم القمح سيحدد ما إن كانوا سيزرعون مساحة أكبر من الأراضي بالقطن، أم لا، خاصة أنه يحتاج إلى تكاليف أكبر، من يد عاملة وأسمدة ومبيدات وغيرها الكثير.
وينتظر عبد الأحمد (57عاماً)، من مزرعة ربيعة أيضاً، تسعيرة لمحصول القمح تفوق الـ 4 آلاف، ليتمكن من سداد بعض ديونه، بعد فشل محصول الذرة الصفراء نتيجة تحكّم التجّار بسعرها، وشرائها بثمن بخس.
“الحنطة خسارة، والصفرا خسرت ما فكت حالها”، لذلك زرع الرجل جزءاً من أرضه بالقطن، واشترى كيس بذار القطن بـ 110 دولار، في حين سيحتاج إلى 700 دولار ثمناً للسماد، عدا عن المبيدات، والأيدي العاملة، إذ أنه يدفع للعامل الواحد يومياً 10 آلاف ليرة.
كل تكاليف القطن أرجأها المزارع لمحصول القمح، لذا يعقد الأمل على تسعيرة مناسبة تمكنه من المتابعة بزراعة أرضه.
والأحد الفائت، قال عبد الحميد العلي، الرئيس المشارك لاتحاد الفلاحين في الرقة، إنهم اعتمدوا في دراستهم للتسعيرة على الجانب المروي من الأراضي المزروعة بالقمح كونه أكثر تكلفة من الجانب البعلي.
والزراعة المروية في الرقة ثلاثة أنوعها منها ما يعتمد على الري الحكومي بواسطة القنوات، وهناك ما يعتمد على الآبار العمودية بواسطة المحركات، ومنها ما يُروى بجر المياه من نهر الفرات والبليخ بواسطة محركات الديزل.