المقدمة
شهدت سوريا خلال نيسان/أبريل تصعيداً في وتيرة الفلتان الأمني والنزاع بين القوى المسيطرة, بنسبة 89% وذلك بالاعتماد على الزيادة الحاصلة في حصيلة الهجمات بين أطراف النزاع، كما زادت نسبة الانتهاكات بحق المدنيين بمعدل 26%, وارتفعت نسبة نشاط التنظيم بمقدار 20%, وذلك بالاعتماد على تحليل البيانات التي سجلها قسم الرصد والتوثيق في نورث برس ومقارنتها مع آذار/مارس الماضي.
يتطرق التقرير الشهري لقسم الرصد و التوثيق في وكالة نورث برس، لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي تم توثيقها وتسجيلها خلال نيسان/أبريل, بالاعتماد على معلومات حصل عليها القسم من شبكة مصادر ميدانية في مختلف المناطق السورية.
ويتضمن التقرير حصيلة انتهاكات حقوق الإنسان من قتل واعتقالات تعسفية على يد أطراف النزاع, وإحصائية بأعداد الأشخاص الذين فقدوا حياتهم بسبب مخلفات الحرب، التي تتقصد بعض الجهات زرعها في أطراف مناطق سيطرتها بغرض حماية نفسها من هجمات معادية، ولكنها تتسبب بسقوط عشرات الضحايا المدنيين شهرياً.
بالإضافة إلى القصف العشوائي من قبل القوات المسيطرة بحسب مناطق توزعها، وتداعياته وأضراره على المدنيين والممتلكات العامة, وكذلك نشاط تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، إضافة إلى سلسلة الأزمات المستمرة بالتدهور وتأثيرها على الوضع الإنساني, وغيرها من القضايا التي تمسُّ حقوق السوريين وتتسبب بزعزعة أمنهم واستقرارهم خلال الشهر.
الضحايا
ارتفع عدد ضحايا الانتهاكات في سوريا بنسبة 12% خلال نيسان/ أبريل مقارنة مع شهر آذار/ مارس الماضي, وذلك بسبب التصعيد الأخير بين أطراف النزاع, وانتشار ظاهرة تسلّح المدنيين, وتهاون السلطات مع المسلحين وتسهيل عملية إفلاتهم من العقاب.
بلغت حصيلة القتلى والمصابين التي سجلها قسم الرصد والتوثيق خلال الشهر, 858 شخصاً بين مدني وعسكري، منهم 425 فقدوا حياتهم و433 أصيبوا, خلال استهدافات مباشرة أو قصف عشوائي غير مشروع أو بسبب حوادث التعذيب والتعنيف وغيرها من ضروب المعاملة اللا إنسانية, جميع المدنيين قتلوا بأساليب خارج نطاق القضاء على يد أطراف النزاع أو على يد مسلحين مجهولين, كل الأرقام الواردة في التقرير هي جزء من الحصيلة العامة.
وبلغ عدد الضحايا المدنيين 541 شخصاً قضى منهم 255 بينهم 20 طفلاً و17 سيدة وناشط واحد، وأصيب منهم 286 آخرين بينهم 28 طفلاً و10 سيدات, وتوزع الضحايا المدنيون على عدة محافظات سورية، سجلت مدينة دير الزور أكبر عدد بلغ 119 شخصاً تليها حلب 94 شخصاً ثم درعا 87 شخصاً وحماة 50 شخصاً.
أما بالنسبة للضحايا العسكريين خلال نيسان، قتل 170 عنصراً وأصيب 148 آخرون, توزع العدد بين القوى المسيطرة الأربع في سوريا، منهم 120 قتيلاً و84 مصاباً في صفوف القوات الحكومية. ومن فصائل المعارضة الموالية لتركيا قتل 10 عناصر وأصيب 6 آخرون, أما من عناصر هيئة تحرير الشام فقد سجل مقتل 5عناصر وإصابة 4, بالإضافة لمقتل 23 وإصابة 19 من جنسيات غير سورية، وقضى 12 عنصراً من قوات سوريا الديمقراطية وأصيب 35 آخرون.
تراجعت نسبة ضحايا مخلفات الحرب إلى 6% مقارنة مع شهر آذار/ مارس الماضي, حيث وصل العدد لـ145 شخصاً, منهم 8 أطفال فقدوا حياتهم وأصيب 12 آخرون, وفقدت 8 سيداتٍ حياتهن وأصيبت سيدة أخرى, وقضى بسببها 46 رجلاً، كما أصيب 13 آخرون, أما العسكريون فقد قضى 31 منهم وأصيب 26.

أما على صعيد القصف شهدت مناطق “خفض التصعيد”, تصعيداً عسكرياً, تمثل بقصف غير مشروع واشتباكات مستمرة بين القوات الحكومية وهيئة تحرير الشام, وبين الأولى وفصائل المعارضة الموالية لتركيا, حيث تعرضت مناطق حكومة دمشق لـ 93 هجمة، 79 منها نفذتها هيئة تحرير الشام بـ 117 ضربة، و11هجمة نفذتها إسرائيل بـ 26 ضربة و1 ضربة من قبل مجهولين, وقصفت الفصائل موقعين للقوات الحكومية بـ 50 ضربة، كما استهدفت حكومة دمشق مناطق الهيئة بـ123 هجمة بعدد ضربات بلغ 259, أما فصائل المعارضة الموالية لتركيا قُصفت من قبل حكومة دمشق، في15 موقعاً في شمالي حلب بعدد ضربات وصل لـ91 ضربة.
لاتزال السلطات التركية بالرغم من الظروف الكارثية التي تعاني منها نتيجة الزلزال، تستهدف مناطق شمال شرقي سوريا, حيث قصفت 24 موقعاً بـ 427 ضربة، ضربتان منها كانتا بطائرات مسيرة قضى فيهما عنصران من قوات سوريا الديمقراطية, أما الضربات الأخرى استهدفت مناطق سكنية.

أما بالنسبة للاعتقالات, فخلال الشهر اعتقل 238 شخصاً في مناطق متفرقة من سوريا, 79 منهم اعتقلتهم هيئة تحرير الشام بينهم سيدتان، وعدد من عناصر الفصائل الموالية لتركية، على خلفية اعتقال الأخيرة لعنصر يتبع للهيئة في مدينة أعزاز شمالي حلب، أما فصائل المعارضة الموالية لتركيا اعتقلت 89 شخصاً بينهم سيدتان وطفل بتهم مختلفة، كما اعتقل 33 شخصاً في مناطق الإدارة الذاتية أغلبهم بتهمة الانتماء لتنظيم “داعش”, واعتقلت حكومة دمشق 37 شخصاً بينهم سيدتان، معظمهم لأسباب مجهولة ودون توجيه تهم مباشرة إليهم.
نشاط تنظيم “داعش”
ارتفعت وتيرة هجمات تنظيم “داعش” بالمقارنة مع آذار الماضي، بنسبة 20%, حيث بلغ عددها, 30 هجمة، 6 منها استهدفت المدنيين و16 ضد قوات سوريا الديمقراطية و8 ضد حكومة دمشق, وتوزعت الهجمات على: (14 في دير الزور, 3 في كل من حماة والحسكة والرقة و5 في حمص، وهجمة واحدة في كل من درعا وحلب).
وبلغ عدد ضحايا نشاط التنظيم في سوريا, 132 شخصاً قضى منهم 89 شخصاً، خلال استهدافهم بشكل مباشر أو عن طريق الألغام.
وفي تفاصيل الإحصائية، بلغ عدد ضحايا الهجمات المباشرة 92 شخصاً منهم 56 فقدوا حياتهم والـ36 الآخرون أصيبوا، بينما تسببت الألغام ومخلفات الحرب التي يزرعها التنظيم بمقتل 33 شخصاً وإصابة 7 آخرين.
فيما بلغت حصيلة المدنيين فقط من الحصية المسجلة، 61 قتيلاً بينهم 4سيدات و12 إصابات بينهم طفل, أما الباقي فكانوا من العسكريين وبلغت حصيلتهم 19 قتيلاً و6 مصابين في صفوف القوات الحكومية، إضافة لفقدان 9 من قسد حياتهم وإصابة 25 آخرين.
أما على صعيد الحملات الأمنية, نفذت قوات سوريا الديمقراطية 17 حملة أمنية، 7 منها نفذتها بالتعاون مع التحالف الدولي بينها (2 إنزال جوي), قتل فيها 9 أشخاص من المتهمين بالانتماء للتنظيم واعتقل 27 آخرون, ونفذت حكومة دمشق حملة أمنية قتل فيهما شخص متهم بالانتماء للتنظيم, بينما ادعت تركيا أنها استهدفت متزعماً في تنظيم “داعش” في إحدى مواقع الفصائل الموالية لها في إحدى المناطق المسيطرة عليها في سوريا.

انتهاكات فصائل المعارضة والجيش التركي في سوريا
لا تزال مناطق فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام أكثر المناطق المنتهكة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، حيث لم تتوقف فصائل المعارضة الموالية لتركيا عن ارتكاب انتهاكاتها الممنهجة وجرائمها اللاإنسانية ضد القاطنين في مناطق سيطرتها.
وتسببت الفصائل بمقتل 8 أشخاص بينهم سيدة وإصابة 22 آخرين بينهم طفل وسيدة, ونفذت 5 حالات استيلاء على ممتلكات المدنيين من منازل ومحال تجارية، وحالتي سرقة عوضاً عن الإتاوات التي تفرضها على السكان القاطنين في مناطق سيطرتها بما فيها لسائقي السيارات الخاصة والعامة والشاحنات الكبيرة، بالإضافة إلى انتهاكاتها البيئية المستمرة المتمثلة بقطع أشجار مثمرة وحرجية التي وصلت خلال نيسان، إلى 1811 شجرة مقطوعة معظمها في عفرين، كما أن عدداً من الأشجار تم اقتلاعها من أجل توسيع قاعدة عسكرية تركية في بلدة كلجبرين بريف أعزاز شمال حلب.
ويمارس الجيش التركي أيضاً ممارسات تنتهك حقوق المدنيين في مناطق سيطرته بشمال غربي سوريا, حيث سجل القسم خلال الشهر، حادثة دهس لشاب في سري كانيه تسببت بمقتله, وبلغ عدد الأشخاص الذين تسببت “الجندرما” بقتلهم خلال الشهر1 مدني، وأصيب 37 آخرون بينهم 3 سيدات، نتيجة لاستهدافهم والاعتداء عليهم خلال محاولتهم العبور إلى الأراضي التركية، كما اعتقلت 29 من طالبي اللجوء بينهم 9 سيدات بالإضافة إلى تعرض عدد منهم للاعتداء بعد اعتقالهم.
الوضع الإنساني
وبعد نحو ثلاثة أشهر على الزلزال الكارثي الذي ضرب البلاد في 6 شباط/فبراير الماضي، بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر, سجل قسم الرصد والتوثيق الحصيلة النهائية لضحايا الزلزال والجثامين التي تم انتشالها، حيث بلغ عدد الضحايا في سوريا, 12,731 شخصاً منهم 5315 حالة وفاة و7416 إصابة, بينما بلغ عدد المباني والمنازل المنهارة 1333، والمتضررة جزئياً 4,595, وبحسب رصد القسم، فإن متضرري الزلزال في سوريا لم يتلقوا المساعدة الكافية ولم توضع لهم حلول واقعية تحسن من ظروفهم المأساوية التي تفاقمت بعد الزلزال.
ورحلت لبنان خلال نيسان، نحو 50 شخصاً بحسب منظمة العفو الدولية, دون أن تضمن العودة الآمنة لهم, حتى أنها سلمت شابين من مدينة السويداء و9 من ريف دمشق للسلطات في حكومة دمشق، وتم اعتقال الشابين بحجة أنهما مطلوبان للخدمة العسكرية الاحتياطية أما الآخرين لم يعرف سبب اعتقالهم أو مصيرهم, وتعد قضية الخدمة العسكرية الإجبارية واحدة من أهم الأسباب التي تمنع اللاجئين السوريين في دول الجوار من العودة.
أما على سبيل تطبيع الدول العربية مع دمشق، فإن العديد من المنظمات والكيانات ترفض تطبيع هذه الدول مع نظام الحكم في سوريا, كونها لم تضمن حلاً سياسياً يحقق العدالة في سوريا بعد 12 عاماً من الحرب، وأنه ربما يساهم بإفلات مرتكبي جرائم الحرب من العقاب, وسيتسبب بعرقلة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وبالنسبة لظروف السوريين والعدالة الاجتماعية في البلاد، فإن الأزمة الاقتصادية وبعد انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الذي تجاوز حاجز 8000 ليرة سورية, تفاقمت أزماتهم على كافة الأصعدة وبات وصولهم لحقوقهم المدنية من غذاء آمن وسكن مريح والرعاية الصحية وغيرها من حقوقهم المشروعة، أمراً شبه مستحيل، كون دخل الفرد وسطياً بات يعادل 19 دولاراً أميركي شهرياً, بينما يحتاج الفرد لنحو 100 دولار من أجل شراء المستلزمات الأساسية.