أكاديمي اقتصادي: التفاهم السياسي بين الإدارة الذاتية ودمشق يجب أن يتمم بالجانب الاقتصادي
محمد البوزو – NPA
تحدث أكاديمي وباحث اقتصادي لـ"نورث برس": حول أسباب تدهور الليرة السورية والحلول التي يجب للإدارة الذاتية والحكومة السورية أن يقوما بها من خلال اتفاقات وتفاهمات سياسية واقتصادية للموازنة الاقتصادية وتأثيرها على المستقبل السوري.
وقال الأكاديمي جلنك عمر لـ"نورث برس": أن لانخفاض الليرة السورية أسباباً عديدة منذ عام 2011 وحتى الآن، حيث فقدت أكثر من /1500%/ من قدرتها الشرائية، وهذا يتعلق بتضرر القطاعات الاقتصادية السورية كافةً نتيجة الحرب، ونتيجة خروج مساحات واسعة من تحت سيطرة القوات الحكومة السورية وتعرضها للقصف والدمار، وهذه الأمور أدت بأن يعاني الاقتصاد السوري من أزمة هيكلية وبنيوية.
وأكد عمر أن الانخفاض الأخير لليرة السورية في آخر شهرين له اسباب جديدة، منها فقدان سيطرة البنك المركزي السوري على التدخل في سوق الصرف، للحد من المضاربات ولعب دور الموازنة، ليس لإعادة الليرة لقيمتها وإنما للموازنة.
وأضاف عمر أن السبب الثاني هو الاحتجاجات والأزمة التي تعاني منها الدول المجاورة في كل من لبنان والعراق، والتي أثرت بشكل سلبي على الليرة السورية، كما أن ادّعاء رجال أعمال سوريين مقربين من الحكومة السورية في هاتين الدولتين له تأثير كبير على الانخفاض في الليرتين اللبنانية والسورية، نتيجة القيود التي فرضت على القطاع المصرفي، وفرضت على السوريين أيضاً.
وقال عمر أن الحكومة السورية كانت تلجأ إلى النظام المصرفي لهاتين الدولتين "العراق والبنان" لإنجاز معاملاتها التجارية، كما أن هناك مبالغ كبيرة لرجال الأعمال السوريين في مصارف الدولتين، كذلك فإن العقوبات المفروضة على الاقتصاد السوري منذ بداية الأزمة من قبل أوروبا، لها تأثير كبير.
وأشار عمر للسبب التالي أن الهجوم التركي على شمال وشرقي سوريا واحتلالها لمدينتي رأس العين / سري كانيه، وتل أبيض / كري سبي، وخروج الكثير من المنظمات الأجنبية العاملة في مناطق الشمال كان له تأثير كبير على تدهور الليرة، حيث كانت المنظمات تدفع رواتب موظفيها وتموّل الكثير من مشاريع البنى التحتية وإعادة الأعمار والإغاثة، وتمول كل هذه المشاريع بالدولار.
وأكد الباحث اقتصادي، أن التصريحات الأمريكية ورغبتها في السيطرة على حقول النفط وعدم تركها في شمال وشرقي سوريا، قلل من إمكانية عودة الحكومة السورية إلى هذه الحقول والاستفادة منها، وكان عاملاً سلبياً على ليرة.
وأوضح عمر أن الحكومة السورية في دمشق لا تستطيع إيجاد حلول جدية لانخفاض الليرة السورية، لأن هناك أيضا الملايين من الأيدي العاملة خارج البلاد وأن وجود خطة استراتيجية لإعادة الإنعاش، يحتاج لوجود مناخ سياسي مستقر.
ويرى عمر أن الموطنين المستهلكين العاديين، هم المتضرر الأكبر من انخفاض الليرة السورية، لأن قدرتهم الشرائية باتت منخفضة والموظف الذي كان يقبض /60/ ألف ليرة، الآن بات راتبه /80/ ألف، والزيادة التي أقرت بها الحكومة السورية والإدارة الذاتية لموظفيها هي زيادة إسمية وليست حقيقية، تساهم في قدرة الشراء لدى العائلات، بل هي زيادة تعويضية لانخفاض الليرة السورية.
وشدّد عمر على أن قدرة الإدارة الذاتية على التأثير في سعر الصرف محدودة، كونها لا تمتلك أدوات السياسة النقدية، ولا يمكن من خلالها التأثير على الصرف، مضيفاً بأن أدوات السياسة النقدية "يقوم بها البنك المركزي الموجود في دمشق، ومن يتحمل مسؤولية تدهور الليرة هي الحكومة السورية".
ويرى أن الحلول لانخفاض الليرة هي التوافق بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، حيث بإمكانهم الوصول إلى تفاهمات اقتصادية والمساهمة جزئياً بضبط سعر صرف الليرة، وهذا من خلال الوصول لتفاهمات تتعلق في شكل سوريا المستقبل، واستثمار الموارد والاستفادة من الموارد الموجودة في مناطق الإدارة الذاتية.
وأضاف أنه في حال جرى توافق اقتصادي بين الحكومة والإدارة سيفتح الطريق أمام تفاهمات سياسية أيضاً، وأن يكون الاقتصاد، هو القاطرة للوصول لتفاهم سياسي، شبيهاً بالتوافق العسكري الذي حصل بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات الحكومية.
ولفت إلى ضرورة التوافق بين الحكومتين "اقتصادياً وسياسياً، للوقوف أمام الهجمات التركية، وأن معظم ثروات السوريا متواجدة في شمال وشرقي سوريا من الزراعة والنفط والسدود والكثير من الموارد التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية، وأكدت قسد سابقا أن الثروات ملك جميع السوريين لذلك يجب أن يكون هناك تفاهمات للموازنة الاقتصادية."
واختتم عمر حديثه قائلاً: "إذ تم هذا الاتفاق سيعود بالنفع على جميع السوريين وإعادة اليد العاملة واللاجئين السوريين من الخارج، وسيكون عامل ثقة وتطوير للعلاقات الإقليمية أيضاً، والاتفاق السياسي والاقتصادي بين الطرفين سيكون الحل الأنسب لمشكلة انخفاض الليرة السورية، وشكل سوريا المستقبل في إعادة الأعمار."