مزارعون في الرقة: سنخزن القمح إذا لم تناسبنا التسعيرة

الرقة – نورث برس

“حاطين دم قلبنا عليها”، هكذا يعبّر طه عن مخاوفه من تسعيرة متدنية لمحصول القمح، وارتفاع تكاليف مستلزماته، ويأمل الرجل بتسعيرة تشجيعية وتناسب التكاليف.

يقول طه الشواخ (40عاماً)، من سكان بلدة الكرامة 35كم شرقي الرقة، شمالي سوريا، إن أي سعر لا يحقق تطلعاتهم “غير مقبول”، في ظل التكاليف الباهظة التي دفعوها لإتمام الموسم، خاصة مع انهيار العملة المحلية.

ويتخوف مزارعو ريف الرقة الشرقي من التسعيرة المتدنية لمحصول القمح، ويطالبون الإدارة الذاتية بتسعيرة تحقق التطلعات، وتنعش آمالهم في الزراعة، في ظل الخسائر المتلاحقة التي تعرضوا لها في محصول الذرة، وغمر محاصيلهم جراء السيول، والانهيار المتواصل لقيمة الليرة.

يطالب “الشواخ” بتسعيرة لا تقل عن الـ 5 آلاف ليرة للكيلو، ويرى أن تلك التسعيرة من الممكن أن تنعش آمالهم، “حطينا الفوقنا والجوانا مشان يطلع الموسم ويكون إنتاجه كويس”.

ويضيف أن التسعيرة المتدنية ستدفعهم “لتخزين المحصول، وعدم تسليمه للإدارة الذاتية” لحين ارتفاع سعره، “إذا بعد كل هالتعب تجي الإدارة وتعطي سعر قليل هذا الشي مو مقبول”.

ولدى المزارع 25دنماً، بلغت التكلفة 3آلاف ليرة في حال أنتج الدونم الواحد 400 كيلو غرام من القمح، وهذه الكمية يراها مستبعدة، كما يجب أن يؤخذ هامش الربح للمزارع بعين الاعتبار، لا سيما أنه من ضمن الغالبية التي تعتمد على الزراعة كمصدر أساسي للدخل.

وتكبد المزارعون في ريف الرقة الشرقي الكثير الخسائر، عدا عن تكاليف إتمام الموسم بالدولار، فقد تعرضت أراضي زراعية مزروعة بالقمح للغمر نتيجة السيول، ما أدى لخراب الكثير منها.

ويقدّر “الشواخ” المساحات المتضررة نتيجة السيول والفيضانات في منطقته، بنحو 40 بالمئة من الأراضي.

ويطالب مزارعو القمح الإدارة الذاتية بتسعيرة تتناسب مع التكاليف المرتفعة، إذ أن غالبيتهم اشترى المواد بالدولار الأمريكي، ويجد مزارعون أن التسعيرة بالليرة السورية ستكون “خاسرة” نتيجة الانهيار المتواصل لقيمة الليرة أمام العملات الأجنبية.

ولم تسعّر الإدارة الذاتية القمح بعد، فيما حددت حكومة دمشق الكيلو الواحد منه بـ 2300 ليرة سورية.

إلا أن خليل الكاطع (30عاماً) وهو من مزارعي منطقة الكرامة، يرى أن المحصول جيد رغم السيول التي اجتاحت أرضه، وفرق الخسائر يتوقف على التسعيرة، فإذا كانت جيدة لن تؤثر عليهم، وفق قوله.

ولعدم قدرته على شراء بذار القمح نقداً، اضطر لاستدانته بفارق سعر يصل لنحو 400 دولار أمريكي عن سعره الأساسي، ويعقد آماله على تسعيرة بنحو 4500 ليرة للكيلو الواحد.

كذلك ينتظر عمار العساف (28عاماً) وهو مزارع من منطقة الحمرات، شرقي الرقة، تسعيرة جيدة، تعوضهم عن الخسائر التي تكبدوها.

واشترى المزارع كما غيره، السماد والبذار، والمبيدات، بالدولار الأمريكي، كذلك سيدفع أجرة الحصاد والحراثة، بالدولار، في حين اشترى المحروقات من السوق السوداء بأسعار قاربت ألفي ليرة لليتر.

ويتشابه في حاله مع غالبية مزارعي القمح، والذين باتوا يتخوفون من التسعيرة المتدنية للمحصول، لذا يتفق الكثير منهم على أن أي تسعيرة لا تناسب التكاليف وتحقق هامش ربح، ستدفعهم لتخزين القمح لحين ارتفاع سعره، لا سيما أن غالبيتهم تعرّض لخسائر في محصول الذرة الصفراء.

وتكبّد مزارعو الذرة الصفراء خسائراً فادحة، نتيجة عدم استقبال الإدارة الذاتية للمحصول، ما أدى لكساده وبيعه بأسعار بخسة، حيث اشترطت الإدارة دفع المزارعين مبالغ مالية كأجرة تجفيف، وبشروط محددة، وتتطلب كميات أكثر من 35 طناً، ما جعله حكراً للتجّار.

والأحد الماضي، قال عبد الحميد العلي، الرئيس المشارك لاتحاد الفلاحين في منظمات المجتمع المدني، إنهم اقترحوا سعراً يتناسب مع تكلفة الدنم الواحد، حيث تبيّن من خلال الدراسة أنها كانت مرتفعة، نظراً لشراء المزارعين جميع المواد اللازمة بالدولار الأمريكي.

وذكر أن اتحاد الفلاحين اعتمد في دراسته على الجانب المروي من الأراضي المزروعة بالقمح بكونه أكثر تكلفة من الجانب البعلي.

وللزراعة المروية في الرقة ثلاثة أنوعها منها ما يعتمد على الري الحكومي بواسطة القنوات، وهناك ما يعتمد على الآبار العمودية بواسطة المحركات، ومنها ما يُروى بجر المياه من نهر الفرات والبليخ بواسطة محركات الديزل.

إعداد: فرات الرحيل – تحرير: أحمد عثمان