لا تقل عن 450 دولاراً للطن.. مزارعو القمح في كوباني يتوقعون تسعيرة مناسبة
كوباني -نورث برس
يتخوف جمال من تسعيرة متدنية لمحصول القمح هذا العام، بعد أن دفع تكاليف باهظة، واشترى أغلب مقومات الموسم بالدولار الأمريكي، لذا باتت التسعيرة المتدنية هاجساً يؤرقه، كما أن تسعيرة في الليرة السورية تسبب له خسائراً، في ظل انحدر مستمر تشهده قيمة الليرة.
يقول جمال بوزان (65 عاماً) وهو مزارع من ريف كوباني، لنورث برس، ويملك 90 هكتاراً مزروعة بالقمح، إن مزارعي الأراضي البعلية اضطروا لشراء بذار القمح، والسماد والمبيدات، بالدولار الأمريكي، كما أن أجرة الحراثة وحصاد المحصول بالدولار أيضاً.
ويطالب مزارعون في كوباني بأن يتم تحديد تسعيرة شراء مادة القمح من قبل الإدارة الذاتية للموسم الزراعي 2023، بسعر لا يقل عن 400 دولار للطن الواحد، كي يعود الموسم الزراعي بالفائدة عليهم بعد سنتين من الخسائر بسبب ضعف الإنتاج.
وحصل “بوزان” على بذار القمح لأرضه المروية، من الإدارة الذاتية بسعر مليونين ومئتي ألف للطن الواحد (نحو 600 دولار أمريكي حينها)، بينما اشترى البذار لأرضه البعلية من السوق السوداء.
وتدهورت قيمة الليرة السورية منذ موسم بذار القمح بمعدلات كبيرة وصلت لنحو 3 آلاف ليرة سورية، فرقاً في الصرف.
بالدولار و”تسعيرة الحكومة لا تعنينا”
يطالب المزارع بتسعيرة “مناسبة” من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أسوة بالأعوام الفائتة، لتشجيع الزراعة وتعويض المزارعين عن خسائرهم، لألا يعزفوا عن زراعة القمح، “تسعيرة النظام لا تعنينا”.
وفي 18 نيسان/ أبريل الجاري، حددت الحكومة السورية سعر شراء القمح المحلي عند 2300 ليرة سورية، وسعر الكيلو غرام من الشعير بـ 2000 ليرة سورية، وأحدثت التسعيرة ضجة واستياءً وعدم قبول من المزارعين، في حين حذر خبراء اقتصاديون من خلق سوق موازية.
وفي ظل الانهيار المتواصل لقيمة الليرة السورية، يرى “بوزان” أن الحل أن تكون التسعيرة بالدولار الأمريكي، لتجنيب المزارعين خسائر فادحة، ولتمكينهم من سداد ديونهم، التي استلفوها بالدولار على الموسم.
ونتيجة تذبذب سعر الصرف، خلال الموسم الماضي، اختلفت قيمة الفواتير التي استلمها المزارعون بالليرة السورية بشكل مبكر عن القيمة التي استلموها متأخراً بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار.
“اشترى المزارعون الدولار في البداية بأربعة آلاف ليرة سورية، بينما اشترى مزارعون آخرون الدولار بخمسة آلاف تقريباً، ما تسبب بخسائر لدى المزارعين الذين استلموا فواتيرهم متأخرين”، يقول “بوزان”.
بينما اشترى خالد حج مصطفى (49 عاماً) وهو مزارع من ريف كوباني الشرقي، طن بذار القمح بأربعة ملايين ليرة سورية، أي ما يعادل نحو ستمائة دولار، بعد نفاد كمية البذار لدى الإدارة الذاتية.
وزرع 50 هكتاراً، منها 15 هكتاراً شعير، و35 هكتاراً من القمح، اشترى طن بذار الشعير الأبيض بـ 400 دولار، وبذار الشعير الأسود بسعر 505 دولارات.
ويرى أن التسعيرة لا يجب أن تقل عن 450 دولاراً للطن الواحد من القمح، “كي تعوض خسائر المزارعين بعد سنتين من موسم ضعيف الإنتاج”.
وفي حال كانت تسعيرة الإدارة غير مناسبة لهم، فإن أغلب المزارعين “سيتركون” زراعة أراضيهم في الموسم القادم، يقول “حج مصطفى”.
وتبلغ مساحات الأراضي المروية المزروعة بالقمح والشعير في إقليم الفرات 59 ألف هكتاراً، بينما تبلغ المساحات البعلية 115 ألف هكتاراً، بحسب إحصائيات هيئة الزراعة والري في كوباني.
خلال موسمين من الجفاف وغياب الإنتاج أصبحوضع المزارعين في كوباني صعب، “تسعيرة الإدارة يجب أن تأخذ في الحسبان تعويض خسائر المزارعين خلال الموسمين الفائتين، وخاصة بالنسبة للزراعات البعلية”، يقول “حج مصطفى”.
بالإضافة إلى أن المزارعين في كوباني يعتمدون على الزراعة البعلية بالدرجة الأولى، لأن أغلبية الأراضي لا تتوفر فيها مياه للري.
ويضيف: “أي تسعيرة تحددها الإدارة تقل عما يعادل 400 دولاراً للطن، ستؤدي لتوقف أغلب المزارعين عن زراعة أرضهم، لأنهم لن يستطيعون ذلك وخاصة بعد خسارة موسمين متتالين”.
استدانة لزراعة الموسم
لم يحصل بوزان إبراهيم (60 عاماً) وهو مزارع من ريف كوباني، على البذار من هيئة الزراعة في موسم زراعة القمح، فاضطر لشراء البذار من السوق بسعر ثلاثة ملايين وخمسمئة ألف للطن الواحد.
واضطر لاستدانة النقود لشراء البذار وزراعة أرضه، حيث كان سعر صرف الدولار يقارب خمسة آلاف ليرة أثناء زراعة أرضه، بينما تخطى سعر صرف الدولار حالياً حاجز الـ 8 آلاف ليرة.
ولم يستطع زراعة كامل أرضه بسبب عدم وجود نقود لديه، بعد خسارة موسمين، “لذا لا بد أن تكون التسعيرة 4 آلاف ليرة”، وإلا ستكون زراعته خاسرة، لا سيما أن أغلب المزارعين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة نتيجة خسائر العامين الماضيين.
والحد الأدنى لشراء مادة القمح يجب ألا يقل عن 3500 ليرة سورية، رغم أن هذه التسعيرة لن تعوض خسائرهم خلال الموسمين الفائتين، وخاصة أنه اشترى البذار بذلك السعر، في ظل الديون المترتبة عليه بسبب الزراعة، وفقاً لـ “لإبراهيم”.