أكثر من نصف ضحاياه مدنيين.. صراع السودان المسلح يدخل يومه الثالث

غرفة الأخبار – نورث برس

دخلت المعارك الطاحنة بين القوتين العسكريتين في السودان يومها الثالث، مع تصاعد القلق المحلي والدولي من تداعيات العنف الذي خلف حتى الآن ما لايقل عن 100 شخص قتيل ومئات الجرحى، نصفهم من المدنيين.

ويدور القتال العنيف الذي شارك فيه عربات مدرعة ورشاشات محمولة على شاحنات وطائرات حربية، في العاصمة الخرطوم، ومدينة أم درمان المجاورة وبؤر توتر أخرى في جميع أنحاء البلاد.

واندلعت الاشتباكات لأول مرة يوم السبت بين الجيش الذي يقوده عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف أيضًا باسم حميدتي.

وتتملك القوتان المتنافستان عشرات الآلاف من المقاتلين في العاصمة وحدها، وكانتا حليفتين في إسقاط الحكومة المدنية عام 2021.

وذكرت وسائل إعلام سودانية أنه سُمع أصوات قذائف الهاون المدفعية في الساعات الأولى من صباح اليوم، مع اشتداد القتال بعد صلاة الفجر في اتجاه مطار الخرطوم الدولي ومواقع تحت سيطرة الجيش.

ودفعت المعارك والتي تحولت في بعض المناطق إلى حرب شوارع، السكان إلى البدء في إجلاء النساء والأطفال من المنطقة، بينما ظل آخرون محاصرين في منازلهم.

كما ظهرت تقارير عن معارك على بعد مئات الكيلومترات في مدينة بورتسودان الشرقية ومنطقة دارفور الغربية أمس الأحد.

وحتى ساعات صباح اليوم الاثنين ، قُتل ما لا يقل عن 100 شخصاً، وفقاً لنقابة الأطباء السودانيين.

وفي وقت سابق قدرت منظمة الصحة العالمية إصابة أكثر من 1126.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن المستشفيات تعاني من نقص في الكوادر الطبية المتخصصة ، بما في ذلك أطباء التخدير. فيما حذرت من تأثير انقطاع المياه والكهرباء على وظائف المرافق الصحية ، كما وردت أنباء عن نقص وقود مولدات المستشفيات.

وأصبح الوصول إلى المعلومات محدود أيضاً، مع توقف بث القناة التلفزيونية الوطنية المملوكة للحكومة، وأعطال في شبكة الأنترنت.

ووضع الصراع الدول والمنظمات الأخرى في حالة تأهب قصوى ، حيث أوقف برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة مؤقتًا جميع العمليات في السودان بعد مقتل ثلاثة موظفين في اشتباكات يوم السبت.

وقالت وكالة الإغاثة الدولية إن الأمم المتحدة والمنشآت الإنسانية الأخرى في دارفور تعرضت للنهب، بينما تعرضت طائرة يديرها برنامج الأغذية العالمي لأضرار جسيمة جراء إطلاق النار في الخرطوم، مما أعاق قدرة البرنامج على نقل المساعدات والعاملين داخل البلاد.

وقالت سفارة الولايات المتحدة في السودان، إنه لا توجد خطط لإجلاء بتنسيق حكومي حتى الآن للأميركيين في البلاد.

ونصحت السفارة المواطنين الأميركيين بالبقاء في منازلهم، مضيفة أنها ستصدر إعلانًا “إذا أصبح إجلاء المواطنين الأميركيين العاديين ضرورياً”.

في غضون ذلك، أعلنت الخطوط الجوية القطرية تعليق الرحلات الجوية من وإلى الخرطوم مؤقتًا بسبب إغلاق مطارها وأجوائها.

هذا وقالت وزارة خارجية المكسيك إنها تعمل على إجلاء مواطنيها من البلد المضطرب.

وأثارت الاشتباكات الجديدة دعوات واسعة للسلام والمفاوضات، ومن المقرر أن يصل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي، إلى الخرطوم اليوم الاثنين، في محاولة لوقف القتال.

وقبل ذلك ناشدت الأمم المتحدة القوات العسكرية في السودان لوقف القتال وإنهاء العنف.

كما طالب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، على هامش محادثات وزراء خارجية مجموعة السبع في اليابان، بوقف فوري لإطلاق النار.

لكن رغم كل المناشدات الدولية والعربية، حيث صدر من اجتماع لجامعة الدول العربية أمس المطلب نفسه، لم يتوقف القتال،  فضلاً عن أن ممثل السودان في الجامعة رفض التدخل الخارجي في البلاد.

ويأتي القتال على خلفية صراع نفوذ على السلطة بين الزعيمين العسكريين، دقلو والبرهان.

وعمل القائدان معًا للإطاحة بالرئيس السوداني المخلوع عمر البشير في عام 2019 ، ولعبا دورًا محوريًا في الانقلاب العسكري في عام 2021 ، الذي أنهى اتفاق تقاسم السلطة بين الجماعات العسكرية والمدنية.

ومنذ وقتها يتولى الجيش قيادة البلاد منذ ذلك الحين برئاسة البرهان ودقلو.

ويبدو أن المحادثات الأخيرة أدت إلى حدوث تصدعات في التحالف بين الرجلين، حيث سعت المفاوضات إلى دمج قوات الدعم السريع في جيش البلاد، كجزء من الجهود المبذولة للانتقال إلى الحكم المدني.

وبحسب مراقبين مطلعين على الوضع عن كثب، فإن نقاط الخلاف الرئيسية تتعلق ايضاً بالجدول الزمني لدمج القوات، والمكانة الممنوحة لضباط الدعم السريع في التسلسل الهرمي المستقبلي.

كما يشمل الخلاف ما إذا كان ينبغي أن تكون قوات الدعم السريع تحت قيادة قائد الجيش بدلا من القائد العام للسودان الذي يشغل حالياً منصبه البرهان.

إعداد وتحرير: هوزان زبير