يشتبه في أن تركيا نفذت غارة بطائرة مسيرة داخل إقليم كردستان العراق كادت أن تودي بحياة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي. الضربة التي أخطأت هدفها كادت أن تقتل العديد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين الذين كانوا يرافقون عبدي في قافلته. ولحسن الحظ، لم تكن هناك إصابات ولكنها كانت نجاة بأعجوبة.
لم يخفِ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عداوته لقوات سوريا الديمقراطية – الشريك القوي للولايات المتحدة – التي قادت الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ولولا مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية – غالبيتهم من الكرد السوريين – لما كانت الولايات المتحدة قادرة على القضاء على التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية. ويرى أردوغان قوات سوريا الديمقراطية على أنها كيان إرهابي وامتداد مباشر لحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي شن ولازال حملة تمرد في تركيا منذ السبعينيات.
في الواقع، وعلى الرغم من وجود علاقات تنظيمية بين حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية لم تهدد تركيا. ولديها أولويتان: ضمان عدم قتل الكرد السوريين على يد نظام الأسد وهزيمة داعش. بينما يصر أردوغان على أن قوات سوريا الديمقراطية تشكل تهديداً كبيراً يجب القضاء عليه، ويرجع ذلك بالأساس إلى أن هذا الخطاب المتحدي يلائم الناخبين الأتراك الذين يستعدون للتصويت في أيار/مايو القادم لتحديد ما إذا كان أردوغان سيبقى في منصب الرئيس لمدة خمس سنوات أخرى أم لا.
ولا تزال واشنطن على اختلاف مع تركيا بشأن شراكتها مع قوات سوريا الديمقراطية. وحاولت إدارة بايدن أن تقنع تركيا من خلال الإشارة إلى أنها تعمل عن كثب لضمان احترام مخاوف أنقرة الأمنية. ولكن العمل العدواني الصارخ من قبل أردوغان لاغتيال الجنرال عبدي هو تصعيد غير مقبول. وقد تختلف أنقرة وواشنطن بشدة حول استمرار شراكة الولايات المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية لكن محاولة اغتيال قائدها وتعريض حياة العسكريين الأمريكيين للخطر يجب ألا تمر دون عقاب. وفي الوقت الحالي، هناك ما يقرب من 1000 جندي أمريكي يقدمون المشورة المباشرة لقوات سوريا الديمقراطية ويواصلون القضاء على فلول داعش. ماذا سيكون رد الولايات المتحدة إذا قتلت تركيا جندياً أمريكياً؟ هل يجب أن نكتشف ذلك حقًا؟
يجب على البيت الأبيض إبلاغ الرئيس أردوغان بأن أي هجوم على قوات سوريا الديمقراطية أمر غير مقبول وأن أي أذى يلحق بأفراد الخدمة الأمريكية لن يتم تفسيره على أنه غير مقصود. ومن الواضح (إلى حد ما) أن يسعى أردوغان إلى تقديم نفسه كقائد حازم أمام ناخبيه، ولكن ليس على حساب أفراد الخدمة الأمريكية. وكان البيت الأبيض ووزارة الخارجية ضعيفين جداً في التعامل مع أنقرة، ويرجع ذلك أساساً إلى اعتقادهما أن تركيا طرف محوري في الصراع الأوكراني، فهي تقوم ببيع كييف طائرات قتالية مسيرة وتضمن وصول شحنات الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية. ومع ذلك، فقد أعطى ذلك لأردوغان انطباعاً بأنه يستطيع فعل ما يريد داخل سوريا.
يجب أن تتوقف واشنطن عن مجاراة أردوغان لضمان الحفاظ على حياة أفراد الخدمة الأمريكية. وتشير التقارير الأخيرة أيضاً إلى أن تركيا كانت تلعب على كلا الجانبين في حرب أوكرانيا، ففي الوقت الذي قامت فيه ببيع طائرات مسيرة لأوكرانيا، كانت تبيع أيضاً أسلحة للمرتزقة الروس وتحديداً مجموعة فاغنر. استيعاب أردوغان لا يعود لواشنطن بالكثير من الفوائد الملموسة. وفي الواقع، كلما زادت عمليات البحث، كلما اكتشفنا مدى التحدي الذي يمارسه أردوغان ضد مصالحنا. هناك فرصة ضئيلة في أن يتم التصويت عليه لإقالته من منصبه في أيار/مايو. وحتى ذلك الحين، يجب على إدارة بايدن أن تخبر الرئيس التركي أن جميع التحركات العدائية ضد الولايات المتحدة وشركائها يجب أن تنتهي. ولحسن الحظ، يمكن لواشنطن أن تعمل مع خليفته.