سوريا في النصف الأول من نيسان
تصاعدت وتيرة الفلتان الأمني والتصعيد بين أطراف النزاع خلال النصف الأول من نيسان/ أبريل 2023 بنسبة 48% وذلك بالاعتماد على الزيادة الحاصلة في حصيلة الهجمات بين أطراف النزاع, كما زادت نسبة الانتهاكات بحق المدنيين بمعدل 18%, وارتفعت نسبة نشاط التنظيم بمقدار 27%, وذلك بالاعتماد على تحليل البيانات التي سجلها قسم الرصد والتوثيق في نورث برس ومقارنتها مع الفترة الزمنية ذاتها من آذار/مارس الماضي.
يتطرق التقرير نصف الشهري لقسم الرصد والتوثيق في وكالة نورث برس، لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي تم توثيقها منذ بداية الشهر الجاري، بالاعتماد على معلومات حصل عليها القسم من شبكة مصادر ميدانية في مختلف المناطق السورية, ويتضمن حصيلة انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع من قتل وخطف وتعذيب واعتقال تعسفي بالإضافة إلى القصف العشوائي وكذلك نشاط تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وسجل القسم في النصف الأول من هذا الشهر, مقتل وإصابة 266 مدنياً, حيث قضى 130 بينهم 8 أطفال وسيدة، كما أصيب 136 آخرون بينهم 13 طفلاً و2سيدة, معظم الأشخاص قتلوا وأصيبوا بطرق خارج نطاق القانون وعلى يد مجهولين وعسكريين ينتمون لأحد أطراف النزاع وذلك بسبب غياب الرقابة وزيادة الفلتان الأمني وإمكانية الإفلات من العقاب.
ومن ضمن الرقم المسجل للضحايا المدنيين، 57 شخصاً قضوا وأصيبوا بسبب مخلفات الحرب المنتشرة, حيث فقد 44 شخصاً حياتهم بينهم 4 أطفال, وأصيب 13 بينهم 6 أطفال.
كما قامت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) بإعدام 8 أشخاص كانت قد اعتقلتهم سابقاً رمياً بالرصاص بينهم 4 من جنسيات غير سورية. عملية الإعدام التي جرت دون محاكمة نُفّذت في السجن (107) الذي يديره جهاز الأمن العام التابع للهيئة، ودون إيضاح أسباب اعتقالهم وإعدامهم, وحتى بدون أي قرار من المحكمة, عمليات الإعدام طالت “أبو محمد الأذري” و”أبو عبدالله الروسي” و”أبو ليث الأذري” و”سيف الدين الفلسطيني” و”أبو زيد المصري”، مع 3 شبان من ريف حماة الشرقي.
وتسببت فصائل المعارضة الموالية بمقتل 5 أشخاص أحدهم قضى تحت التعذيب بعد اعتقال دام لأكثر من أربعة أشهر, كما تسبب بإصابة 12 آخرين بينهم طفل, وأقدمت الفصائل على قطع الأشجار المثمرة لسكان عفرين حيث قطعت خلال النصف الأول من نيسان، 516 شجرة معظمها على يد فصيل “الحمزات”.
واعتدت قوات حرس الحدود التركي “الجندرمة” على طالبي اللجوء السورين أثناء محاولتهم عبور الحدود السورية التركية بطريقة غير شرعية, وتسببت بإصابة 20 شخصاً, كما اعتقلت 32 آخرين بينهم 6 سيدات وأطفال لم يستطع القسم التأكد من عددهم, وتسبب الجيش التركي بمقتل شاب في سري كانيه بعد دهسه بالمدرعة.
على صعيد نشاط تنظيم داعش في سوريا ارتفعت نسبة نشاطه في سوريا خلال النصف الأول من نيسان/ أبريل بنسبة 27% ضد المدنيين والعسكريين, حيث نفذ التنظيم 18هجمة قضى فيها 19 شخصاً وأصيب 14 آخرون, ومعظم الهجمات كانت في دير الزور وحمص، حيث شن 4 هجمات ضد المدنيين غالبيتهم من جامعي الكمأة, ونفذ 6 هجمات ضد القوات الحكومية وخطف 3 عناصر لها في حمص, كما طال هجوم التنظيم قوات سوريا الديمقراطية بدير الزور والحسكة خلال 8 هجمات باستهداف آلياتهم العسكرية ونقاط التفتيش, كما ونفذت “قسد” بدعم من التحالف الدولي 4 حملات أمنية اعتقلت فيها 13 عنصراً متهمين بالانتماء للتنظيم, كما نفذ التحالف الدولي استهدافاً لأحد المنتمين لتنظيم “داعش” وتسبب بمقتله.
أما نسبة الضحايا العسكريين، فبلغت 190عنصراً, منهم 106 قتلى و84 مصاباً, وتتوزع حصيلة الضحايا العسكريين في مناطق سيطرة القوى الأربع. ففي صفوف القوات الحكومية قتل 67 شخصاً وأصيب 54 آخرون, وأصيب 7عناصر من قوات سوريا الديمقراطية, كما قتل 5 من عناصر من هيئة تحرير الشام وأصيب 4 آخرون, وقتل 5 من عناصر فصائل المعارضة وأصيب آخر, بالإضافة إلى مقتل 16 وإصابة 8 من الفصائل الموالية لإيران.
ومعظم العسكريين هم ضحايا للتصعيد الأخير بين أطراف النزاع, حيث تعرض 57 موقعاً للقوات الحكومية للقصف بـ87 ضربة, 51 منها من قبل هيئة تحرير الشام استهدفتهم بـ81ضربة, كما تعرضت بـ6 مواقع عسكرية لها للقصف الإسرائيلي بـ6 ضربات في دمشق وحمص ودرعا والقنيطرة، بينما قصفت القوات الحكومية 10 مواقع لفصائل المعارضة بـ10 ضربات، كما وتعرض 42 موقعاً لهيئة تحرير الشام لقصف بـ 195 ضربة، 40 من المواقع استهدفت من قبل الحكومة بـ 193 ضربة.
اعتقال 115 شخصاً في سوريا خلال النصف الأول من نيسان/أبريل، معظمهم من ريف حلب الشمال وإدلب, حيث اعتقلت القوات الحكومة تعسفياً 13 شخصاً دون معرفة التهم الموجهة إليهم, أما هيئة تحرير الشام اعتقلت 60 شخصاً معظمهم من عناصر فصيل فيلق الشام الموالي لتركيا، كما اعتقلت الفصائل الموالية لتركيا 34 شخصاً معظمهم بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية والمشاركة باحتجاجات جندريس في عفرين عقب مقتل أشخاص على يد جيش الشرقية, بالإضافة إلى 8 أشخاص اعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطي بتهمة الانتماء إلى التنظيم “داعش” .
ومن المتوقع أنَّ تتسارع وتيرة الانتهاكات في سوريا مخلفة مزيداً من الضحايا والمعاناة وتدهوراً في الوضع الإنساني, ما لم تلتزم أطراف النزاع بواجبتها والتزاماتها بحماية المدنيين ومنحهم حياة كريمة وعدم الاعتداء عليهم ومعاملتهم بشكل مهين يحط من كرامتهم, عوضاً عن عدم إصدارهم الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمات.