زراعة الحمص الصيفي في السويداء.. تكاليف مرتفعة وغياب دعم

السويداء ـ نورث برس

يحاول سامر، أن يجمع ما لديه من بذار الحمص علّها تكفيه لزراعة أرضه لهذا الموسم بعد أن اضطر لبيع كامل محصوله من السنة الماضية لحاجته للإنفاق خلال أشهر الشتاء القاسية.

ويقول سامر الخطيب (47عاماً)، اسم مستعار لأحد المزارعين من الريف الشرقي للسويداء، لنورث برس، إن تكلفة زراعة دونم واحد من الحمص تقدر  109,000 ليرة سورية.

ويفسر سبب هذا المبلغ بأن دونم زراعة الحمص يحتاج 7 كيلو غرام (سعر الكيلو الواحد 7000 ليرة)، بالإضافة إلى 30,000 ليرة تكلفة حراثة الدونم (20,000 للجرار ويحتاج الدونم حوالي ليتر ونصف من مادة المازوت وسعرها في السوق السوداء 10,000 ليرة).

ويضطر مزارعو السويداء حراثة أرضهم الراغبين بزراعتها بمحصول الحمص في أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر، للتخلص من الأعشاب، وتهيئة التربية للاستمطار بشكل جديد  كون زراعتهم بعلية.

ويملك سامر الخطيب 10 دونمات، وتكلفة زراعتها فقط دون حساب تكاليف الحصاد حوالي مليون وتسعين ألف ليرة. 

ويتمتم “الخطيب” مع نفسه ببعض الكلمات الغاضبة: “أصبح تأمين البذار والحراثة معاناة للفلاحين شيءٌ لا يعقل، أفقرونا ونهبوا البلد والحكومة بس شاطرة تدعم بالبصل”.

إحدى مقومات الاقتصاد

تبرز الزراعة كإحدى مقومات دعائم الاقتصاد في البلاد، ومؤخراً يمكن القول إنها أصبحت المصدر الوحيد للسكان، ورغم أهميتها إلا أن الدعم الحكومي يكاد يكون شبه معدوم، في ظل هجرة الصناعة السورية، بسبب الأوضاع السياسية، بالإضافة إلى سوق تجارية تخضع لانهيار الليرة السورية.

ويتحدث عماد الحسن (45عاماً) اسم مستعار لمزارع من قرية ذنيبن في الريف الجنوبي للسويداء، عن اقتصار الدعم على “ليتر مازت واحد للدونم، حيث أن الحكومة دائماً ما تعمد التأخر بتوزيع الدعم في كل موسم زراعي، لكي لا يستخدم للتدفئة”.

وتجبر قلة الدعم الزراعي والتأخر في توزيع المخصصات للمزارعين، “الحسن” وغيره، على شراء مادة المازوت من السوق السوداء.

ويتذمر المزارع كغيره من المزارعين من “فكرة الدعم الذي يقتصر فقط على بعض ليترات المازوت، في حين يعجر معظمهم عن تأمين بذار للزراعة”.

ودفع غياب الدعم اللازم في ظل ارتفاع تكاليف الزراعة، الكثير من المزارعين إلى الامتناع عن زراعة أرضهم ، رغم تحسن الهطولات المطرية في السويداء والتي تعد مناسبة لزراعة الحمص الصيفي في مثل هذه الفترة من السنة.  

نقص المادة

وفي آخر تصريح لرئيس اتحاد الفلاحين في السويداء، سمير البعيني، لصحفية “الوطن” شبه الرسمية، أقر فيه “بالظلم الذي لحق بمزارعي المحافظة جراء النقص في مادة المازوت الموزعة، لزراعة المحاصيل الحقلية، والتي لم تتجاوز الـ600 ألف ليتر من أصل مليون و200 ألف ليتر”.

وأرجع السبب في ذلك “لشح بالمادة الموردة، إضافة إلى عدم تزويد لجنة المحروقات لاتحاد الفلاحين بمخصصاته من المادة والبالغة 15 بالمئة من نسبة الكميات الموردة إلى المحافظة يومياً”.

وشدد “البعيني”، حينها، على ضرورة العمل على تأمين مخصصات خطة زراعة الحمص، في حين تبلغ مخصصات خطة المحاصيل مجتمعة على مساحة المحافظة سنوياً  8 ملايين ليتر من المازوت، “لم يتم تأمين أكثر من مليونين و800 ألف ليتر منها العام الماضي”، بحسب قول رئيس اتحاد الفلاحين في السويداء.

يتخوف الكثير من سكان السويداء من الإهمال الحاصل على مستوى الزراعة، وما تشهد الأسواق بشكل مستمر من نقص المواد التي كان الاكتفاء منها محلياً يغطي حاجة المحافظة، ويبرز اليوم أهمية التركيز والدعم لزراعة الحمص لما لهذه المادة من أهمية في يوميات الشارع السوري.

وتحتل محافظة السويداء مركزاً متقدماً في إنتاج الحمص بمساحة مزروعة تتراوح سنوياً بين 23-24 ألف هكتار.

يقول فراس الحلبي اسم مستعار لصاحب مطعم مأكولات شعبية (فلافل ) في السويداء، إن ترك المزارعين بدون دعم كافٍ، خصوصاً في موسم زراعة الحمص، “سوف ينعكس على الأسواق بشكل سلبي”.

ويتخوف “الحلبي” من توقف المزارعين عن الزراعة في هذا الموسم بسبب التكاليف المرتفعة، وهو ما سيؤدي إلى نقص في مادة الحمص هذا العالم، وبالتالي ارتفاع أسعاره، “لتضاف سندويشة الفلافل بفضل السياسة الحكومية إلى قائمة أحلام المواطن السوري”، بحسب ما قال “الحلبي”.

إعداد: رزان زين الدين – تحرير: تيسير محمد