لا ألعاب ولا ثياب جديدة لهذا العيد في سوريا
دمشق ـ نورث برس
إذا كان السوريون يعانون من تأمين الطعام، فهل بقي مجال لاستمرار عادات شراء الألعاب ولباس العيد؟. حركة الأسواق الشعبية منها خاصة تشخص الواقع الفعلي للبيع، فرغم الأنواع الرديئة جداً من الألعاب، يتكرر مشهد الأبناء الذين يبكون أمام تلك المحلات، ويقف الأهل عاجزون عن دفع ثمنها.
في جولة لنورث برس على بعض من الأسواق الشعبية، كانت والدة الطفلة راما (3 أعوام) تحاول تهدئتها، وهي تعدها بأنها ستشتري لها حالما تحضر المال الكافي، أما الآن فهي لا تملك سعر اللعبة (دمية بلاستيكية) يصل إلى عشرة آلاف ليرة، رغم أنها من أردئ الأنواع.
بالتناوب
أضافت آفاق المحمد، لنورث برس، أنها كانت تحاول في كل عام أن تحضر لبناتها الثلاثة لعبة واحدة كحد أدنى يلعبون بها سوياً، أما هذا العام فلن تتمكن من شراء أي قطعة من الألعاب أو الثياب، بسبب ارتفاع الأسعار الكبير هذا العام، وتضيف أنهم يعانون يومياً من تأمين وجبات الإفطار، وليس هناك أي مدخرات لشراء إضافات أخرى.
مشهد راما وأمها يمكن أن تجده كيفما اتجهت في الأسواق الشعبية خاصة، فبعد خطوات كان صراخ طفل يبلغ من العمر خمس سنوات يملأ المكان، لأنه يريد سيارة صفراء معدنية معروض منها ثلاثة أنواع، تتراوح أسعارها بين 25 إلى 50 ألف ليرة للنوع العادي، بينما يتراوح السعر بين 300 إلى 700 ألف ليرة للسيارات التي تعمل على البطارية.
كان الرجل يبدي غضبه على زوجته، لأنه كان يتوقع أن يحصل هذا الأمر، لذلك كان يرفض اصطحاب الطفل إلى السوق، ليردد على مسامعها “عجبتك هالجرصة اللي عاملها ابنك؟”
نسبة من الدخل
لا يوجد أسعار ألعاب تتناسب مع أصحاب الدخل المحدود، فحتى سعر الكرات المطاطية وصل إلى 5 آلاف ليرة، والكبيرة منها 9 آلاف ليرة، أما أسعار الألعاب الكرتونية التركيبية فوصل إلى 15 ألف ليرة، والبلاستيكية يتراوح سعرها بين 25 إلى 40 ألف ليرة، بينما ألعاب الفرو فيصل سعرها إلى 500 ألف ليرة، وحتى أن أسعار لعبة الدمى القماشية التاريخية أصبح بين 25 إلى 40 ألف ليرة.
وكل هذه الأسعار هي في الحدود الدنيا من حيث النوعية أيضاً وقياساً بالأسعار في الأسواق الأفضل حالاً، ولكن ربما قاصدو تلك الأسواق يستطيعون شراء الألعاب مرتفعة الثمن.
تاجر ألعاب في أحد أسواق دمشق، قال لنورث برس، إن الألعاب الموجودة في الأسواق “صناعة محلية”، وأن استيراد الألعاب ممنوع منذ أكثر من ثلاث سنوات، لذلك ارتفعت أسعارها كثيراً، خاصة لمن بقي لديه ألعاب مستوردة في المستودعات، فهؤلاء يتحكمون بسعر القطع التي يبيعونها مع كل مناسبة، بسبب قلة المعروض منها، وغالباً تعرض هذه الأنواع في المولات والأسواق التي يقصدها ميسورو الحال.
وعن نوعية الألعاب السيئة قال التاجر، إن تكاليف التصنيع مرتفعة كما كل شيء، وأن أي تحسين بسيط على الألعاب المصنعة محلياً سيزيد من أسعارها، وهذا ما يعمل المصنع على تجنبه قدر الإمكان، ليتمكنوا من تسويق الألعاب بالتناسب مع القوة الشرائية المنخفضة.
عضو في غرفة تجارة دمشق قال لنورث برس، إن فكرة منع استيراد الألعاب جعل المتاح منها أقل من الحاجة، وكان الأولى برأيه، أن يتم رفع الرسوم الجمركية وليس منع الاستيراد، لأن هذا يجعلها متوافرة، وبالتالي المنافسة تساهم في تخفيض أسعارها، أما المنع فقد فتح باباً للتهريب، وخلق سوقاً احتكارياً لمن يملكون ألعاباً في المستودعات، إضافة إلى النقص الكبير في الألعاب الحديثة.
التسويق الأسوأ
الحال ذاته ينطبق على الألبسة خاصة ألبسة الأطفال منها، حيث يتبين خلال جولة على الأسواق أن الأسعار ارتفعت إلى أكثر من 100% قبل حلول عيد الفطر.
صاحب محل ألبسة أطفال في سوق الحميدية بدمشق، أكد أن البيع “بحدوده الدنيا”، وأن كل عام أسوأ من قبله، لكن هذا العام “هو الأسوأ حتى الآن”.
تشير لواصق الأسعار على الألبسة إلى الارتفاع الكبير في أسعار الثياب، حيث لا يقل سعر أي كنزة ولادي ممزوجة قطن وبوليستر عن 50 ألف ليرة، وفستان بناتي بين 75-100 ألف ليرة، وحذاء متوسط الجودة بين 65-150 ألف ليرة، وكل هذه الأرقام تلتهم الراتب وتفوقه أحياناً.
وعن أسباب الارتفاع الكبير في أسعار الألبسة قبل العيد، قال التاجر لنورث برس، إنهم يتمنون أن تنخفض التكاليف ليتمكنوا من البيع أكثر، ولكن هنالك الكثير من التكاليف المنظورة وغير المنظورة التي تجعل التسعيرة مرتفعة، مع ركود في البيع طيلة العام، الأمر الذي يجعل التاجر ينتظر تحسن التسويق والبيع قبل المناسبات، لكن هذا العام هو الأسوأ في حركة البيع، حسب رأيه.