ارتفاع سعر الدولار والإجراءات الجمركية المعقدة تُضعف أقدم المهن والصناعات في حلب

حلب – سام الأحمد – NPA

 

باتت ورشة توفيق شبه خالية من البضائع والعمال، فتوفيق الذي بدت على وجهه أمارات الحزن ممزوجة بالغضب لم يعد بإمكانه الاستمرار في إنتاج الألبسة في ورشته التي افتتحها في حي القاطرجي في مدينة حلب منذ /20/ عاماً.

 

ورشته التي كانت مصدر رزقه ورزق عشرات العمال والعاملات، وتحدّت ظروف الأزمة والحرب التي شهدتها مدينته حلب، بدأت بالسقوط بارتفاع سعر الدولار.

 

يقول توفيق حساني صاحب مصنع الألبسة الذي ورث المهنة عن أجداده، لـ"نورث برس": إغلاق الورشة بات أمراً محتوماً بالنسبة لي، فسعر صرف الدولار مرتفع والمواد التي نستوردها ارتفعت بشكل جنوني ولا يمكنني رفع أسعار منتوجاتي لأن السوق المحلية لا تحتمل الزيادة في الأسعار.

 

وحالُ مصنع الحساني هو حال الكثير من المصانع والورشات التي تشتهر بها مدينة حلب، وباتت هذه الصناعة في خطر بارتفاع أسعار الصرف وفي الظروف الاقتصادية المتقلبة التي دفعت بالكثير من المصنّعين وتجار الألبسة إلى إغلاق ورشاتهم أو التخفيف من حجم منتوجاتهم.

 

يقول عبد الله جردو، وهو صاحب مصنع وتاجر ألبسة حلبي، إنه لم يعد باستطاعتهم منافسة المنتجات الصينية والتركية التي تدخل بطرق غير مشروعة إلى الأسواق، ويضيف: "حتى بالأسواق العراقية واللبنانية والأردنية التي كنا نصرف فيها منتجاتنا نواجه فيها مشكلة ليس فقط من ناحية الأسعار وإنما من خلال حجم الضرائب المرتفعة التي تفرض علينا وعدم توفر طرق مناسبة لإيصال بضائعنا".

 

جردو يؤكد أن السبب الأساسي في ذلك هو ارتفاع أسعار الصرف التي أثرت بشكل كبير على خط إنتاجهم وتسعيرة بيعهم لها.

 

أما ناجي الحايك وهو صاحب ورشة تصنيع قطنيات، فيحتار بين الاستمرار في ورشته التي يعمل بها العشرات من العمال، أم يغلقها بسبب الخسائر التي تسبب بها ارتفاع سعر الدولار، فيقول: "لا أدري، ولكن لا خيار لدينا سوى الاستمرار، ورشتي في هذا الشهر تقدر خسارتها بأكثر من مليون ليرة سورية جراء عدم استقرار الدولار وعدم قدرتي على تصريف انتاجي، ولا يمكنني صرف العمال والاستغناء عن خدماتهم فهم بحاجة للعمل وإعالة أسرهم وأنا بحاجة لخبرتهم وجهودهم في الاستمرار بمنتوجاتي".

 

ويعزي الخبير الاقتصادي حسين عساف، أسباب التراجع في هذه المهن والصناعات إلى عوامل عدة، ويقول إن ارتفاع سعر الدولار ليس وحده السبب في ذلك.

 

ويضيف عساف، إن نقص الأيدي العاملة الخبيرة التي هاجر معظمها إلى تركيا  للعمل في مصانعها، إضافة لغياب خطة حكومية لدعم هذه الصناعة، وكذلك ضعف القوة الشرائية لدى المواطن السوري والاجراءات الجمركية البالغة التعقيد التي تستهدف الصادرات والواردات الخاصة بهذه الصناعة العريقة، أدت إلى إلحاق ضربة قوية بها.

 

وتستمر معظم ورشات ومصانع مدينة حلب التي تعرف بصناعاتها، بشكل ضئيل وإنتاج ضعيف، أملاً بإجراءات قد تتخذها الحكومة، لتسهم في تحسّن أوضاع السوق وحصول استقرار في الليرة السورية وسعر صرف الدولار.