تصعيد عسكري وتقارب بين أنقرة ودمشق.. سكان غربي حلب يخشون نزوحاً جديداً

ريف حلب – نورث برس

يتابع الخمسيني وائل ملحم، بقلق التطورات العسكرية والسياسية التي لم يهتم لها كثيراً في السنوات السابقة، لكنه يرى أن التطورات هذه المرة أخطر مما سبق, لا سيما في ظل التصعيد العسكري الذي تشهده المناطق المحيطة بمدينته الأتارب غربي حلب من جهة، والتطورات السياسية بين أنقرة ودمشق.

وأكثر ما أثار خشيته، وسكان المنطقة، هو استجابة أنقرة لطلب دمشق بالانسحاب من الشمال السوري للقبول بالجلوس معها على طاولة واحدة.

ويرى محللون بأن أنقرة تبدو أكثر حرصاً على التطبيع الكامل مع دمشق, والذي قد يكون على حساب المعارضة السورية التي ترى في تركيا الحليف الرئيسي والداعم الأول لها.

ويرى سكان بأن هدف تركيا الأول هو “مصالحها”، وسوف تنسحب بأول فرصة مناسبة تقدم لها وتترك المعارضة السورية والسكان في مناطقها لمصيرهم.

وقال وائل ملحم (51 عاماً) وهو من سكان مدينة الأتارب غربي حلب، لنورث برس، إن مخاوف النزوح مجدداً دخلت كل منازل المنطقة خاصةً بعد القصف الذي تعرضت له المدينة في الأيام الأولى من شهر رمضان، ومحاولات تقدم قوات الحكومة السورية بعد أيام من ذلك على محاور الفوج 46 و كفر عمة المجاورة للمدينة على مرأى الضامن التركي الذي ينتشر في أكثر من عشر نقاط غربي حلب.

وأضاف “ملحم”، أن شرط التقارب يثير القلق في نفوسهم، “ما أثار المخاوف والقلق أكثر هو انتشار الشائعات والأنباء خلال الأيام القليلة الماضية التي تتحدث عن موافقة تركيا الانسحاب من شمالي سوريا والتخلي عن دعم الفصائل”.

وكانت تركيا انسحبت من أكثر من 10 نقاط حاصرتها قوات الحكومة خلال عملياته العسكرية التي بدأها في نيسان/أبريل 2019 وانتهت في شباط/ فبراير 2020 بعد اتفاق تركي – روسي.

وسيطرت حينها قوات حكومة دمشق على كامل ريف حماة الشمالي، آخر وأبرز معاقل المعارضة السورية في شمال غربي سوريا، وعلى ريف إدلب الشرقي وأجزاء واسعة من جنوب إدلب وغربي حلب.

وكان ملحم عاد إلى منزله في الأتارب قبل نحو عامين، وذلك بعد انتهاء العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة والتي تمكنت حينها قوات الحكومة من السيطرة على الفوج 46 شرق المدينة والعديد من القرى المجاورة، إضافةً إلى عشرات المناطق الأخرى شرقي إدلب.

ويقول خالد العمر (33 عاماً)، إن السياسة التركية علمتهم أنه “حتى الخطوط الحمراء قابلة للبيع والشراء وكل شيء قابل للتفاوض تحت الطاولة أو حتى فوقها”.

ونزح “العمر” من منزله في مدينة حلفايا بريف حماة منتصف عام 2012، باتجاه ريف إدلب خوفاً من اعتقاله من قبل قوات الحكومة.

ونتيجة العمليات العسكرية المتكررة في إدلب، اضطر “العمر”، للنزوح داخلياً أكثر من أربع مرات من وإلى مناطق مختلفة حتى استقر في مدينة بلدة أبين سمعان غربي حلب.

يقول: “أصبحت لدي عقدة من أي عملية عسكرية تقوم بها تركيا في شمال غربي سوريا أو شرقها أو من أي مفاوضات بينها وبين النظام السوري أو روسيا لأنني أدرك تماماً أنهم لم يجتمعوا يوماً لصالحنا”.

ويضيف العمر أن “السنوات الماضية، علمتنا أن الوعود التركية بالحماية والضمانات ماهي إلا وعود مرحلية لا يؤخذ بها، وجميع هذه الوعود كانت تختفي عند أول منعطف ميداني أو سياسي أو مكسب قومي تركي”.

ويقول سامر العلي (38 عاماً) وهو من سكان مدينة الأتارب،” في الحقيقة المخاوف تتزايد مع كل قذيفة أو سماع إطلاق رصاص، “ولا يخفى على أحد التقارب التركي مع أعداء الأمس، ليصبحوا أصدقاء اليوم، وهذه النقطة بالذات تجعلني أفكر جدياً في التجهيز لنزوح جديد دائم أو مؤقت”.

ويضيف: “تركيا ليست جانباً موثوقاً، ولا يمكن الاعتماد على وعودها التي تتراجع عنها في أول عرض سياسي أفضل”.

إعداد: مؤيد الشيخ ـ تحرير: تيسير محمد