“ما يعرفون يكتبون اسمهم”.. نازحون في الرقة يطالبون بتعليم أبنائهم

الرقة – نورث برس

بين معاناة النزوح لسنوات وصعوبة تأمين متطلبات عائلتها، لا تريد خاتون لأطفالها أن يكبروا وسط الجهل، وتُصر على تعليمهم بأي طريقة كانت، إذ ترى أن العلم هو الوحيد القادر على انتشالهم من واقعهم.

ورغم إمكانياتها القليلة وإهمال التعليم في المخيمات، استطاعت خاتون الهندي (33عاماً)، نازحة في مخيم المقص جنوبي الرقة، شمالي سوريا، أن تُحضرِ لأطفالها أستاذاً “خصوصياً” ليتلقوا التعليم في خيمتهم.

قبل ذلك، حاولت الأم تعليم أبنائها بنفسها، لكن السعي لجلب المال من خلال العمل خارج المخيم و تأمين متطلبات العائلة المنزلية، لم يوفر لها الوقت أو الجهد لإكمال ذلك.

ويعاني نازحون في مخيم المقص جنوبي الرقة، كما باقي مخيمات الرقة العشوائية، من إهمال ملف التعليم لأطفالهم من قبل المنظمات والجهات المعنية بتقديم الدعم لهم.

تقول “الهندي” إن الأمهات في المخيم بشكل عام هنَّ الأكثر معاناة بالتعامل مع أبنائهن، لصعوبة إرشادهم أو إقناعهم بشيء، بسبب عدم تلقيهم التعليم أو ذهابهم إلى المدارس.

وتضيف لنورث برس: “أصبحت لا أعرف كيف أتعامل مع أطفالي، بسبب “الجهل والهمجية” التي يعيشون فيها، ما ذنبهم أن يبقوا جاهلين؟

ويواجه الأطفال في المخيمات العشوائية في الرقة خطر الأمية، في ظل عدم توفر المدارس وعدم قدرة أهاليهم على تسجيلهم بسبب عقبة الأوراق الثبوتية لدى البعض منهم، وإرسال البعض أطفالهم للعمل.

وكانت “الهندي” قد أرسلت أبنائها الثلاثة إلى المدرسة القريبة من المخيم، ولكن الأمر لم يدم طويلاً بسبب عدم تقبّل الأطفال الآخرين لهم لكونهم “نازحين”.

ويشتكي نازحون في المخيمات العشوائية في الرقة، من إهمال التعليم، وعدم تخصيص مدارس لأطفالهم، في ظل الظروف التي تمنعهم من إرسال أبنائهم إلى المدارس القريبة.

الأمر يزداد مشقة والأمهات تعاني، أمينة الحسين (48عاماً)، وهي نازحة في مخيم المقص، كحال سابقتها، من مشكلة التعامل مع أبنائها “لأنهم لم يتعلموا حتى الكتابة أو القراءة”.

وبعد معاناة تنقلٍ ونزوح منذ ست سنوات استقر المطاف بالأربعينية في مخيم المقص، حيث كبر الأبناء سنة بسنة بين طيات النزوح والانتقال من مكان لآخر “وفات الأوان الآن بعد أن أصبح أصغر أبنائي بعمر 10 سنوات ولا يعرف يكتب اسمه حتى”.

ويوجد في مخيم المقص 1030 طفل جميعهم يواجهون خطر الأمية في ظل إهمال المنظمات والجهات المعنية ملف التعليم في المخيمات.

ويقطن في المخيم 260 عائلة غالبيتهم من منطقة عياش غربي دير الزور، والتي تخضع لسيطرة قوات حكومة دمشق.

لكن محمد الحسين (55عاماً)، نازح من مخيم المقص، استطاع تسجيل أطفاله في إحدى المنظمات التي تبنت التعليم في إحدى المدارس القريبة من المخيم، لكنه يتخوف عليهم عند إرسالهم إلى المدرسة “نحن غريبون في هذه المنطقة وأطفالنا يعانون من مشاكل في تلقي التعليم”.

ويضيف الرجل وهو أب لأربعة أطفال، “نتأمل العودة يوماً ما إلى قريتنا ومنازلنا، لذلك أريد لأطفالي أن يتعلموا في صغرهم حتى يكملوا تعليمهم عند العودة على مناطقنا”.

ويطالب “الحسين” الجهات المعنية والمنظمات الدولية، بتقديم الدعم لهم في عملية التعليم “في كل المخيمات هناك منظمات داعمة، نحن لم نتلق أي مساعدة في هذا الأمر”.

وسبقهم إلى ذلك مطالبات من مخيمات (حتاش، الحكومية واليوناني) العشوائية، لتوفير مدارس لتعليم أبنائهم وإنقاذهم من الأمية والجهل، لكن دون استجابة، وإن تمت تكون محدودة.

إعداد: فاطمة خالد – تحرير: أحمد عثمان