خسائرها بملايين الدولارات.. “منصة تمويل المستوردات” تعيق العمل وترفع الأسعار في سوريا

دمشق ـ نورث برس

قدر البعض خسائر منصة تمويل المستوردات التي يعتمدها البنك المركزي بمبالغ تصل إلى ملايين الدولارات.

ويرى الكثير من الخبراء أن المنصة لم تحقق الغاية التي أحدثت من أجلها وهي تثبيت سعر الصرف، والحفاظ على القوة الشرائية، وعدم انهيار الليرة.

لكن أي من هذه الأهداف لم يتحقق، والدليل أن سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية ارتفع من 3750 ليرة عند إحداث المنصة إلى 7200 ليرة الآن. أي أن نسبة خسائرها فاقت 200 %.

تذمر واستياء

استمرار تمويل المستوردات عبر المنصة محط تذمر وانتقاد دائم من قبل أصحاب الفعاليات الاقتصادية.

إذ تفرض شروط العمل وفق المنصة تسديد 50% من قيمة البضاعة بالليرات لسورية لدى المنصة عند تقديم طلب التمويل بعد الحصول على إجازة الاستيراد. على أن يتم استكمال المبلغ المتبقي خلال شهر من تاريخ إدخال البضائع للبلد ووضعها في الاستهلاك.

بينما تنخفض النسبة إلى 30% من قيمة بضائع الصناعيين عند التقدم بطلب التمويل على أن يتم تسديد المبلغ المتبقي خلال شهر من إدخال البضاعة”.

ووصف عضو في غرفة تجارة دمشق، هذه الآلية بـ”الهدامة” وبأن القرارات الاقتصادية والمالية “تصدر عن سابق الإصرار والترصد لهدم ما تبقى من الاقتصاد الوطني”.

أضاف التاجر لنورث برس، إن “هنالك من ينفذ تعليمات قانون قيصر بحصار الشعب السوري، لرفع سعر صرف الدولار، ولتعريض الليرة للمزيد من الانهيار، وكذلك لإضعاف القوة الشرائية للرواتب الضعيفة أصلاً”.

أضرار بالجملة

وعن أضرار منصة تمويل المستوردات بالدولار من قبل البنك المركزي على الاقتصاد الوطني، قال الاقتصادي مازن الصباغ (اسم مستعار)، لنورث برس، إن البطء الشديد بعمل المنصة، هو من أكبر المشاكل التي تواجه المستوردين، وكذلك تأخير العمل لأشهر من أجل  تأمين الدولار للمستوردات الضرورية وللمواد الأولية.

أضاف الصباغ، أن هذا يتسبب بأزمة غذائية كبيرة، وبارتفاع تكاليف استيراد العلف وجميع المواد الغذائية، وكل هذا يضيف أعباء وتكاليف مالية إضافية وكبيرة تسبب بارتفاع تكاليف المستوردات.

نقص البضائع

وأشار الصباغ إلى أن هذا يسبب أيضاً في تراجع كبير في كمية البضائع المعروضة في الأسواق للبيع، وتراجع في توفر المواد الأولية لجميع الصناعات، وعدم كفايتها لكل المصانع، وهذا يتسبب بارتفاع أسعار المواد الأولية الذي يفرض على الكثير من المعامل التوقف عن العمل وإغلاق بعضها.

ولفت الصباغ إلى أن توقف المعامل سينتج عنه تراجع  في كميات الإنتاج وفي الكميات المعروضة للبيع، لتكون الخلاصة مزيداً من ارتفاع الأسعار والارتفاع في سعر صرف الدولار.

وفي السياق ذاته، بين صناعي يعمل في تصنيع المواد الغذائية بريف دمشق، لنورث برس، أن هذه الآلية أيضاً تتسبب في التغير المستمر بسعر صرف الدولار بالمنصة، إذ أن طالب الاستيراد يودع ويجمد الأموال بالمنصة لأشهر من أجل تمويل مستورداته بسعر محدد.

وعندما يأتي دوره بعد أشهر يكون سعر صرف الدولار تغير وارتفع مما يكبدهم خسائر ومصاريف كبيرة تنعكس على الأسعار.

وقال إن هذه الآلية تجعل المستورد غير قادر على تحديد التكلفة الحقيقة للمستوردات مما يجعله يرفع سعره للتحوط.

ووصف الصناعي هذه الآلية بأنها “تدعم الاحتكار” لأنها لا تسمح لجميع المستوردين باستيراد ما يحتاجه السوق بكل المستوردات.

الأسوأ

دخل الكثير من المخلصين الجمركيين على خط تمويل المستوردات، وشاع نوع من الاتفاق بين المخلص الجمركي والمستورد ،للاستيراد باسم مخلص جمركي وليس المستورد لاختصار إجراءات الاستيراد.

أحد العاملين في التخليص الجمركي قال لنورث برس، إن قراري تمويل المستوردات ودعم الصادرات (1070 و1071) بأنهما من أفشل القرارات، لأنها شلت حركة الأسواق الداخلية والتصدير.

وذلك بسبب ما يتكلفه التجار من أعباء كبيرة، وعوضاً عن أن يكون قرار تمويل أصبح باباً لتحقيق أرباح لصالح شركات الصرافة حسب قوله.

ويضيف أن المنصة أصبحت مديونة بأكثر من ٥٠٠ مليون دولار بحسب تصريحات أعضاء في مجلس الشعب الذين طالبوا بإلغائها.

وقال إنه لا حل لإعادة جزء من الحركة الاقتصادية في البلاد، إلا بإلغاء المنصة والقرارين السابقين، وكذلك لا حل للحركة الاقتصادية إلا بتطبيق آلية اقتصادية تعتمد على (استورد، صدّر،أنتج).

ولفت إلى أن الغاية من إحداث المنصة المعلن عنها هو الخوف من فلتان سعر الصرف بحال تحرير السوق لا تمت للحقيقة بصلة، بل إن عدم التحرير الاقتصادي هو لتبقى الأسواق مستغلة من قبل بعض من المتاجرين في الأزمة ودم المواطن.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: تيسير محمد