الرقة – نورث برس
بات يخجل علي من جلب المياه من جاره، إذ كان الرجل يميل على جاره ويأخذ ما يريد، لكن خلال الفترة الماضية تغير الوضع، بعد أن ارتفع سعر البرميل الواحد من المياه.
علي العلي (32عاماً) من سكان بلدة الكرامة 35كم شرقي الرقة، شمالي سوريا، يقول إن وضع السكان في البلدة أصبح “لا يطاق” حيث تعاني البلدة ومحيطها من إهمال خدمي إلى حد بعيد.
ويعاني سكان الكرامة من تردي الواقع الخدمي من حيث جودة الطرقات وتوفر مياه الشرب، إلى مشكلة الخبز وكذلك مشاكل أخرى تتعلق بالكهرباء، ومشاكل أخرى لا تنتهي بواقع التعليم المتردي.
يقول “العلي” إن انقطاع مياه الشرب آخر مشاكلهم، فبعد انقطاعها، تحكّم أصحاب الصهاريج بسعر تعبئة البرميل ورفعوا الأسعار من 2000 ليرة إلى 5000ليرة.
حاجة وتجاوزات

ويضيف أن هذا المبلغ مرتفع جداً لا سيما في ظل تردي الواقع الاقتصادي والمعيشي لسكان البلدة، ثم إن الكثير من السكان يحتاجون لشراء نحو 4 براميل في الحد الأدنى، ولا تكفي ليوم أو يومين، لا سيما في شهر رمضان، وكثرة عدد الأفراد في العائلة الواحدة.
ويقول الرجل إنه لا قدرة لديه على شراء المياه بمبلغ 20 ألفاً عن الـ4 براميل، بسبب صعوبات اقتصادية يعاني منها، حيث يتقاضى نحو 20 ألفاً يومياً وهو مبلغ لا يكفيه لتأمين الطعام لأسرته، لذا يستخدم صهريج جاره، وارتفاع ثمن البرميل الواحد بات يسبب له الحرج.
والأحد الفائت، قال عبد الحميد الرحيل، رئيس وحدة مياه الكرامة، إنهم أوقفوا المحطة الجنوبية الواقعة عند مصب نهر البليخ في الفرات، والمغذية لأربع قرى وهي قرية البيدر، الغسانية، الكرامة والجركة، بسبب ارتفاع نسبة العكارة في مياه النهر.
وأضاف لنورث برس أنهم أوقفوا المحطة الشمالية نهاية آذار/ مارس الفائت، لعدم وجود مياه كافية تغذي المحطة، وسيتم إيقافها لحين تخزين مياه كافية
عدا عن ذلك، يشير “العلي” لسبب آخر، وهو أن “مشكلة انقطاع المياه عن بلدتنا، ليس عطل في الشبكات، ولا قلة المياه التي تجري في الخطوط، ولا حتى ساعات عمل المحطة؛ وإنما مشكلتنا عدم وجود رقابة لردع التجاوزات الموجودة على الخطوط الرئيسية التي تمنع من وصول المياه إلى الجميع”.
ووفقاً لقوله إن بعض المنازل يسقون الأشجار والخضروات من مياه الشرب، وذلك عن طريق تعديهم على الخطوط الرئيسية، دون رادع يمنعهم أو رقابة، رغم تقديم عدة شكاوى للجهات المعنية.
المشكلة الأكبر
يبدو أن مياه الشرب ليست المشكلة الوحيدة لسكان البلدة، حيث يعانوا من مشكلة أخرى تتمثل بنقص مخصصات الخبز، يصفها “العلي” بـ “المشكلة الأكبر”.
يقول الرجل إنه لا يحصل على مخصصاته، وفق الجداول ولا حتى بحسب ما حددت الإدارة الذاتية، إذا هناك “نقصٌ كبير”.
“مخصصاتنا من الخبز حبراً على ورق، نحن نستلم في الواقع خلاف المكتوب، لا بد من رقابة فعلية على توزيع مادة الخبز”، ويضيف بلهجته “نحن راضين بمستحقاتنا التي لا تكفي، ولكننا غير راضين بسرقتها”.
في منتصف تشرين الثاني/ سبتمبر العام الماضي، قال رشاد كردو الرئيس المشارك للجنة الاقتصاد في مجلس الرقة المدني، إن سبب النقص في كميات الخبز المخصصة للسكان، “يعود إلى سوء التوزيع من قبل بعض الأفران التي تقوم بهدر المادة”.
وأضاف لنورث برس، حينها، “أنهم يتخذون كل الإجراءات اللازمة لتكون كمية الخبز الموزعة كافية”، مشيراً إلى أن اللجنة تكثّف من دورياتها لمراقبة “ضعاف النفوس من أصحاب أفران ومناديب” لمنع هدر المادة.
لكن هذه الرقابة تبقى قليلة كما يرى المسؤول، لأن عدد الأفراد العاملين في التموين لا يتجاوز 30 شخصاً، بينما يوجد 300 مندوب، “هذا العدد غير كافٍ للسيطرة عليهم ومراقبتهم”، بحسب “كردو”.
تهميش خدمي

يشكو خليل الظاهر (45عاماً) وهو من سكان بلدة الكرامة، رداءة جودة الطرقات وهي مشكلة أساسية، “عجز السكان وفقدوا الأمل بتحسينها، كما يقول الرجل، إذ قدموا الكثير من الشكاوى لإصلاح وتعبيد الطرقات “لكن لا حياة لمن تنادي”.
إذ يوجد في البلدة 7 طرقات دون تعبيد، وهي طرقات ذات أهمية زراعية وكذلك تربط القرى التابعة للكرامة ببعضها، ويشير “الظاهر” إلى أن الكرامة “مهمشة خدمياً”، رغم أن عدد سكانها يصل إلى 57ألف نسمة.
وأمام بطيء الاستجابة والتي تصل إلى حد انعدامها، لم يعد لدى الرجل رغبة في تقديم أي شكاوى أو مطالبات من الجهات المعنية لتعبيد الطرقات.
ويضيف بشار التايه (27عاماً) وهو من سكان الكرامة أيضاً، على سابقيّه مشكلة أخرى، وهي أن “الكهرباء تأتي في الليل ساعة وفي النهار مثلها، رغم أننا في شهر رمضان ومقبلين على صيف”.
وقلة ساعات وصل الكهرباء سيجعل السكان عرضة لتكبد تكاليف باهظة، من حيث كساد الأطعمة، وتحكّم التجّار بأسعار قوالب الثلج لتبريد مياه الشرب، على حد قول الرجل.
ويضيف، أنهم أصلحوا عطلاً سابقاً في قريته واشتروا محولة على حسابهم الخاص، عن طريق تقسيم ثمنها على المنازل التي تغذيها، وبعد أن دفعوا مبلغاً من المال لم يستفيدوا منها شيئاً، في ظل قلة ساعات وصل الكهرباء.
ويطالب “الظاهر” الجهات المعنية بتحسين واقع الكهرباء، خاصة وأن غالبية السكان يعانون ظروفاً اقتصادية سيئة، ولا يستطيعون شراء منظومة طاقة شمسية كبديل عن كهرباء السدود.