دون دفاع مدني ووسائل بدائية في الإنقاذ.. هل “صالح” آخر الضحايا؟
كوباني- نورث برس
في ساعات ظهيرة يوم السبت، الأول من نيسان/ أبريل الجاري، استحم على يد والداته التي ألبسته ثياباً وأنّقته، ظنته ذهب ليلعب، حين بدأ يدحرج إطاراً مع أخته، لكنه كان ذاهب لمنيته، والمنية تقود صاحبها إلى المكان الذي تريد.
لم يطل الأمر بعد ذلك، إذ سقط الطفل صالح عبدو محمد (8 أعوام) في بئر ارتوازي بعمق 120 متراً، في قرية ديهابان شرقي كوباني.
ورغم محاولات الإنقاذ، ظلّ صالح عالقاً لنحو 12 ساعة على عمق 50 متراً، دون أن تفضِ الأساليب البدائية إلى أية نتائج، حيث تمكنت فرق الإنقاذ من إخراج الطفل، لكنه حينها كان قد فارق الحياة.
وعائلة صالح التي تنحدر من قرية “قباجق كبير” جنوب شرقي كوباني، وذهبوا إلى قرية “ديهابان” شرقي كوباني قبل نحو شهر من أجل رعي أغنامهم.
يقول عبدو محمد علي (40 عاماً)، وهو والد الطفل صالح، لنورث برس، إن والدته كانت تصلي صلاة الظهر، عندما كان يلعب صالح قرب موقع البئر جنوب مكان إقامتهم المؤقتة.
ويتابع الوالد أنه وأثناء أداء زوجته الصلاة هرعت شقيقة صالح إليها وأخبرتها أن شقيقها وقع في البئر.
وعندما وصلت الوالدة إلى البئر وجدته دون غطاء، مع وجود لوح خشبي خفيف كان يغطي جزءاً منه، وبلهفة الأم نادته، سمعت صوته مستنجداً، يطلب المساعدة في إخراجه.

وهنا تذكر الأب أنه في إحدى الليالي، داس على اللوح لكن حينها كان يجهل وجود بئر، وأخفى نمو الحشائش مكانه بشكل كامل، مشيراً إلى أن أغلب الآبار قرب القرية مغلقة.
واستنجدت الأم بأقربائها، وبالفعل حضروا، وأنزلوا حبلاً مع مصباح في البئر كي يمسك به الطفل، لكنه خاف عندما رأى الحبل وظنه (أفعى) وبعدها انقطع صوته، وفق ما روت والدته.
في كل تلك الأحداث لم يكن الوالد قد حضر إلى القرية، لكن حين قدومه لاحظ صعوبة الأمر ليطلب المساعدة من الإدارة، إذ لبّت الإطفائيات وسيارات الإسعاف والأطباء استغاثته.
يضيف “محمد علي” أن فرق المساعدة حاولت من الساعة الثانية عشر ظهراً حتى الساعة الواحدة ليلاً، عبر إنزال الحبل والكاميرا إلى البئر، واستطاعوا تعليق الحبل بلباس طفله وأخرجوه. ولكنه كان متوفياً.
ويتابع أن فرق الإسعاف أخذوا الطفل إلى المستشفى، ليخبرهم الأطباء أنه فارق الحياة قبل وصوله بثلاث ساعات.
طرق بدائية للإنقاذ
الافتقار للمعدات الكافية والمخصصة لحالات الإنقاذ، كان سبباً في تأخر فرق الدفاع المدني، التي اعتمدت على الطرق البدائية، في الوصول إلى الطفل وإنقاذه.
يقول عمار حاجم، عضو في فريق الدفاع المدني بمدينة كوباني، إنهم حاولوا إنزال أكثر من شخص في البئر، ولكن عند نزولهم لعدة أمتار وعدم وجود أجهزة أوكسجين، كانوا يشكون من ضيق التنفس، حيث كان محيط قطر البئر بحدود 25 سم.
ولاستحالة الوصول إلى الطفل، اضطر الفريق لاستخدام طرق بدائية، بإنزال أسياخ حديد وكاميرا خاصة، تمت استعارتها من أصحاب حفارة الآبار، مكنتهم من رؤية الطفل وسحبه بمقدار أربعة أمتار، ولكنه سقط مجدداً.
ويعدد “حاجم”، المعدات الضرورية الواجب توفرها لمثل هذه الحادثة، وهي (جهاز الأوكسجين الشخصي، ومجموعة من المعدات الأخرى وخاصة السلالم الخشبية التي يمكن استخدامها في هذه الحالات)، ويضيف: “لو توفرت لاستطعنا إنقاذ هذه الحالة”.
ويشير إلى أن هذه المعدات لا تتوفر في المنطقة ويجب تأمينها من دول أخرى أو من إقليم كردستان العراق.
ومما يثير قلق “حاجم”، إضافة لسكان تلك القرى، هو أن تلك المنطقة فيها آبار كثيرة، “وهذه الحالات قد تتكرر مستقبلاً، وخاصة مع إهمال أصحاب الآبار وضع أغطية وأقفال عليها، والاكتفاء بوضع لوح خشبي أو حجرة صغيرة على البئر وتركها”.