دمشق ـ نورث برس
ترتفع أسعار اللحوم بأنواعها والألبان ومشتقاتها كل يوم، حتى تحول الحصول عليها إلى حلم بالنسبة لغالبية السوريين.
عداد الأسعار لا يتوقف، حتى وصل سعر كيلو لحم العواس إلى نحو مئة ألف ليرة، وكيلو الجبنة لأكثر من 20 ألف ليرة، ومثله اللبنة التي كانت مادة أساسية في المنازل، وأصبحت خارج القدرة على الاستهلاك. فهل عجزت الحكومة السورية عن إيجاد حل لمشاكل ارتفاع أسعار هذه المواد؟
فروقات كبيرة
يقول صاحب مدجنة في منطقة الغاب لنورث برس، إن سعر طن علف الدواجن مرتفع جداً في سوريا ويرتفع بشكل دائم، وبين أن سعر طن العلف يصل إلى 7.5 ملايين ليرة في سوريا، بينما نجد أن سعره في لبنان لا يتجاوز 4.3 ملايين ليرة.
ويشير إلى أن السبب هو في ترك السوق محتكراً من قبل مستوردين محددين للعلف، وأولئك يسعرون كل فترة على هواهم دون محاسبة أو متابعة من الجهات المعنية بإيجاد حل لهذه المشكلة.
تجربة فاشلة
والمفارقة في الموضوع أن الحكومة السورية لم تف بوعودها بتشجيع زراعة العلف، وما حصل مع مزارعي الذرة الصفراء خير دليل على ذلك.
المزارع حسن الخلف، قال لنورث برس، إن ما جرى معهم العام الماضي عند زراعة الذرة، حال دون إمكانية التفكير بهذا الموضوع ثانية.
إذ تم توزيع البذار على المزارعين، ووعدوهم باستلام كامل المحصول منهم بسعر جيد، ولكن ما حصل أنه عندما حان وقت الحصاد، امتنعت وزارة الزراعة عن استلام الذرة دون شروط، ووافقت على استلام الذرة المجففة فقط، علماً أنه لا يوجد مجففات، سواء في القطاع الخاص، أو العام الذي توقفت معامله بسبب تدميرها في الحرب.
البيع بخسارة
وبين “الخلف” أن هذا الأمر تسبب بخسائر كبيرة للمنتجين، واضطروا لبيع محاصيلهم بخسائر كبيرة بسبب البيع دون التكاليف، وكانت النتيجة الإقلاع عن زراعة هذا المنتج كما يحصل كل عام مع السلع التي تنخفض أسعارها.
ويعتقد “الخلف” أن هذه الطريقة في العمل تخدم التجار الذين يستوردون الأعلاف فقط، ولا يستبعد أن يكون هذا التصرف بالتنسيق معهم “لحماية المحتكر الكبير للعلف”.
فالنتيجة ارتفاع مستمر بأسعار هذه المواد من فروج وبيض ولحوم حمراء وبيضاء، ومشتقات الألبان والأجبان، وتراجع استهلاكها.
المهرب والتاجر
وتحدث لنورث برس أحد مربي الدواجن عن مشكلة الفروج المهرب من لبنان إلى سوريا، والتي تسببت بخسائر كبيرة للمنتجين، والتي تجعل الخسائر مضاعفة على المربي المحلي، بسبب أسعار العلف المرتفعة، التي تؤدي إلى ارتفاع سعر المادة، وكذلك بسبب الفروج المهرب الذي يصل إلى سوريا بسعر أرخص. ليصبح الخاسر الأكبر هو المنتج والمستهلك، بينما الرابحون هم تجار العلف والمهربون والحلقات الوسيطة بينهما.
وبين أن الفرق الكبير بسعر العلف بين سوريا ولبنان، “تستفيد منه جهات خاصة، وبمبالغ تصل إلى المليارات، مستفيدة من احتكار المادة ورفع سعرها”.
إنتاج العلف
مختص في الاقتصاد الزراعي بين لنورث برس، أنه لا بديل للحكومة في مسألة خفض أسعار تلك المواد عن إنتاج العلف، أو استيراده.
وتساءل عن الأسباب التي تمنع وزارة الزراعة من استيراد العلف من الدول الصديقة كروسيا مثلاً، القادرة على إيصال المادة إلى أرض المرفأ، ضمن خطة الأمن الغذائي للبلاد؟ ويجيب: “إذا حصل ذلك فعندها يمكن إغراق الأسواق بالأعلاف وتخفيض أسعارها بعد البيع بسعر التكلفة، وعندها أيضاً يمكن ترك الأسعار للمنافسة، والعرض والطلب، في تحديد سعر الفروج والبيض واللحوم الحمراء ومشتقات الألبان والأجبان، التي ستنخفض حتماً”.
ويقول: “أما ترك المربين والمنتجين بيد تاجر يحتكر السوق ويسعّر كما يريد، فهذا ليس عمل دولة”، ويضيف أن آلية العمل الحالية تشير إلى أن “الجهود تركز على حماية مصالح المستفيدين، وليس تأمين هذه المواد بأسعار مقبولة للمستهلك المحلي”.