عاصرت الحرب والزلزال وتأثرت.. “أم عبدو” نموذج للنساء السوريات القويات

حلب ـ نورث برس

وجدت أم عبدو، أن لا خيارَ أمامها سوى فرصة العمل، وهي ابنة الثلاثيين عاماً في مجتمعٍ حينها كان يرفض عمل المرأة أساساً، لكنها قاومت كل أحاديث المجتمع، وبدأت تعلم أبناءها الذي كان أكبرهم عمره 16 عاماً عندما توفي والده.

أم عبدو سيدة في السبعين من عمرها، من حي العقبة القديم في مدينة حلب، تعيش فيه من صغرها، وتزوجت ضمن ذات الحي، وبعدها توفي زوجها وهي في عمر الثلاثيين عاماً، ليترك لها 5 أولادٍ شباب، علمتهم مصلحةً وقست على نفسها حتى أصبحت تاجرة وموزعةً للحلويات.

كثيرةٌ هي قصص النساء السوريات اللواتي صدّرن نماذج عمل فريدة من نوعها، ساهمت الحرب بالكشف عن بعضها، وساهم الزلزال بالكشف عن بعض آخر منها، لكن في الحقيقة أن السيدات السوريات يقدمن تلك النماذج قبل الحرب، والزلزال، ومنهن أم عبدو.

بدأت أم عبدو العمل في أحد معامل الحلويات، وبعدها انتقلت لتصنع في منزلها وتعيش مما تصنعه وتربي 5 أيتام، علمتهم السيدة الحلبية تفاصيل الصنعة.

تقول بلهجتها الحلبية لنورث برس: “بدأت بصينية صغيرة من البيتفور، وبعدها أعجب به الجيران وسوقت له في الحار، وخلال أشهر بدأ عملي يتوسع وتزداد الطلبيات، وخصوصاً في فترات الأعياد”.

وتضيف: “علّمت أولادي جميعاً وجعلتهم يساعدوني، إلى أن أتقنوا المهنة تماماً وافتتحت ورشة صغيرةً في الحي، مع محل لبيع البيتفور والحلويات البسيطة المنزلية، حاولت أن أتميز بالجودة والنظافة والأشكال”.

بدأت أم عبدو تجني الأرباح، ووسعت ورشتها لتصبح ورشةً كبيرةً، تشرف عليها وتقسم وقتها بين منزلها والواجبات المنزلية وأولادها، الذين يعملون معها، وخرجت بمنتجاتها من الحي إلى أحياء حلب الأخرى والمجاورة، وذاع سيطها بين المحال التجارية، وبدأ الطلب يزيد على منتجاتها بعد عام فقط من افتتاح ورشتها الأولى وذلك في نهاية التسعينات.

35 حفيداً

لم تكل السيدة السبعينية من العمل طيلة حياتها، ومازالت مستمرة وتحولت من مالكة ورشة صغيرة إلى سيدة تملك 3 ورش كل واحدة مختصة بصنف حلويات معين.

تقول لنورث برس: “كبر العمل مع الأولاد وعلمتهم أن هذه مهنتنا واليوم لدي 35 حفيداً، كانوا قبل الزلزال يعيشون من المعامل الثلاثة التي أصبح كل واحد منها مختص بصنف، أحدها بيتفورات، وآخر شوكلا، وثالث لعجينة اللوز التي تشتهر بها حلب”.

ويعمل كل ولد من أولادها في أحد المعامل ويتشاركون مع بعضهم أي الأصغر عمراً مع الأكبر عمراً، وماتزال هي تشرف على كل المعامل وكلها مسجلة باسمها في السجلات الرسمية.

لكن حال أم عبدو كحال الكثيرين والكثيرات من السوريين والسوريات الذين قضى الزلزال على أحلامهم فمعملها الذي تهدم بالحرب وأعادت بناؤه تهدم جزء منه بالزلزال.

تقول: “كان لدي 200 عامل قبل الزلزال، واليوم أرفض أن أتوقف مع أبنائي عن العمل، لذلك جمعنا ما تبقى من الآلات ومن بقي من العمال ونعمل بطاقة إنتاجية قليلة”.

وتضيف: “الرب الذي ساعدني على تربية 5 أيتام وبعدها أصبحت تاجرة حلويات ومالكة 3 ورشات لن يتخلى عني اليوم”.

إعداد: سمر العلي ـ تحرير: تيسير محمد