مع رمضان.. الغلاء يحول اللحوم الحمراء إلى “حلم” لسكان في القامشلي

القامشلي – نورث برس

في سوق مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، التي شهدت ارتفاع أسعار السلع تدريجياً خلال الأسابيع القليلة الماضية، انصدم محمد شقير من الأسعار ‘‘الجنونية’’ للحوم ما دفعه للعزوف عن شرائها لضعف القدرة الشرائية لديه.

ويقول الشاب الثلاثيني وهو أب لأربعة أولاد لنورث برس: ‘‘الأسعار ترتفع بشكل جنوني، اللحمة يباع الكيلو منها بـ 55 ألف ليرة، ودخلي اليومي 15 ألف ليرة، فكيف سأتمكن من شرائها’’.

وحتى يتمكن “شقير” من شراء كيلو غرام من اللحم الأحمر، عليه أن يعمل لمدة أسبوع كامل، “وهذا الأمر ينطبق على اللحوم الأخرى التي باتت حلماً لنا’’.

وارتفعت أسعار اللحوم الحمراء لأكثر من 20 ألف ليرة في غضون الثلاثة أسابيع الأخيرة، وشكل ذلك صعوبات كبيرة لذوي الدخل المحدود، إذ أن شراء 2 كيلو غرام من اللحم يعادل ثمنه ثلث راتب الموظف الذي يبلغ متوسط راتبه 350 ألف ليرة شهرياً في مناطق الإدارة الذاتية.

وباتت الحالة الاقتصادية الأخذة نحو التدهور بالتضيق على السكان في ظل الانهيار المتلاحق لقيمة الليرة السورية التي وصلت لأكثر من 7700 ليرة أمام الدولار الأمريكي الواحد.

ويعود سبب ارتفاع اللحوم في الأسواق إلى قلة عرض المواشي ضمن الأسواق، جراء التصدير إلى خارج المنطقة من قبل المربين.

 ‘‘الله يساعد العالم’’

وفي سوق اللحوم، يشكو الجزار محمود جبارة من جمود حركة العمل بسبب ضعف قدرة السكان على الشراء. ويقول لنورث برس: ‘‘منذ نحو ثلاثة أسابيع ارتفع سعر اللحوم أكثر من 20 ألف ليرة للكيلو الواحد، لذا نلاقي صعوبة في البيع، حيث بلغ الكيلو 55 ألف ليرة، بعدما كان ما بين 30 و33 ألف ليرة’’، ليضيف: ‘‘الله يساعد العالم’’.

وأصدرت هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية، الأربعاء الماضي، تعميماً تحدد خلاله سعر كيلو غرام اللحم الأحمر بـ 50 ألف ليرة سورية، تحت طائلة الغرامة المالية للمخالفين.

إلا أن هذا القرار يراه الكثير من الجزارين بأنه يعرضهم لخسائر بسبب غلاء أسعار المواشي التي باتت ترتفع تدريجياً.

ويشير ‘‘جبارة’’ إلى أن الثرة الحيوانية تعيش أسوء مراحلها، لافتقار السوق إلى كميات كبيرة من رؤوس الأغنام بعدما كان العرض لا يحصى سابقاً.

وحول أسباب ارتفاع الأسعار مؤخراً، يقول الجزار الأربعيني، “السبب هو التصدير إلى خارج المنطقة، بالإضافة إلى شح الثروة الحيوانية، فمثلاً نشتري الخاروف بـ 700 ألف في اليوم التالي يصبح سعره 800 ألف ليرة’’.

وكانت تبلغ كمية المبيع في السابق لدى “جبارة”، من 30 إلى 40 كيلو لحمة، “لكن حالياً بالكاد نبيع 15 كيلو بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة للسكان’’.

وكانت الإدارة الذاتية، أصدرت في الـ 5 من آذار / مارس الجاري، تعميماً بإيقاف تصدير المواشي لخفض سعر اللحوم، قبل أن يلغى القرار بأقل من أسبوع، وفق مصادر مطلعة لنورث برس.

ويقول عبدالحليم عمار، الرئيس المشارك لمكتب حماية المستهلك في الإدارة الذاتية، إن ‘‘مسألة منع التصدير تخص التجارة الخارجية ولا تخص مكتب حماية المستهلك، لكن هذا القرار كان بناءً على قرارات مكتب حماية المستهلك نتيجة غلاء أسعار اللحوم وطلبنا منع تصدير المواشي’’.

ويضيف لنورث برس: ‘‘كنا نأمل بانخفاض أسعار المواشي بعد القرار لكن رأينا العكس، السبب هو وجود عمليات تهريب وقلة المادة بالأسواق’’.

ويرجع “عمار”، قلة عرض المواشي في الأسواق، للأمطار الأخيرة التي وفرت الغذاء للمواشي بعد عامين من الجفاف، وعدم حاجة تلك المواشي للمواد العلفية، ممل قلل العرض وتسبب ذلك بارتفاع أسعار اللحوم، “لكن نحن نعمل على ضبط هذا الغلاء بتحديد هوامش للربح’’.

وحددت هيئة الاقتصاد في تعميمها الذي صدر يوم أمس، نسبة 7 %  هامشاً للربح كحد أقصى للجزارين والقصابين لسعر الفاتورة. وشدد ‘‘عمار’’ على أن أي مخالف لهامش الربح “سيعرض نفسه للمخالفة عقب هذا التعميم، وسيكون هناك عقوبات رادعة”.

إعداد: دلسوز يوسف ـ تحرير: تيسير محمد