الرقة – نورث برس
يتنقل حسين بين الشوارع والساحات؛ وما إن يجد مكاناً لدراجته التي يحمل عليها بسطة يتوقف، إذا احتار الرجل في المكان الذي سيقف فيه، بعد أن مُنعوا من عرض بضائعه وبيعها في الشوارع الرئيسية، ثم تبعها منع من الوقوف في الساحات.
يقول حسين الأحمد (26عاماً)، من سكان الرقة، وهو أحد أصحاب البسطات في إحدى ساحات المدينة، إنه لم يعمل منذ أن صدر القرار بإزالة هذه البسطات وتراجع مدخوله بشكل كبير.
ويشتكي أصحاب بسطات للألبسة وقطع الأجهزة الإلكترونية من القرار الذي أصدرته بلدية الشعب في الرقة، الذي قضى بإزالة تلك البسطات من الساحات الخالية لاستثمارها بمشاريع خاصة.
وبالرغم من صعوبة العمل وشقائه على بسطته إلا أن “الأحمد” يعتمد عليها كمصدر دخل له منذ عدة سنوات، إذ لا يتوفر له عمل غيرها، لا سيما في ظل قلة فرص العمل، وتردي الأوضاع المعيشية لسكان الرقة.
ويعود سبب تدهور الوضع المعيشي، لفقدان السكان قدراتهم الشرائية بعد التضخم الحاصل نتيجة انهيار قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية إذا لامست مطلع الشهر الجاري حاجز الـ 8 آلاف ليرة للدولار الواحد.
ويضيف “الأحمد” لنورث برس، بعد أن اسُتثمرت “ساحة الكرنك” في شارع تل أبيض وسط مدينة الرقة، حيث كان يعمل، أصدرت البلدية أمراً بإخلاء الساحة خلال 24 ساعة، “قالوا لنا هذه البلد بدها تصير حضارية والبسطات منظر غير حضاري”.
وما يدفع الرجل للعمل على البسطات، عدم قدرته على استئجار محل في السوق، لارتفاع سعره، ويبلغ إيجار محل في أحد الشوارع الرئيسية مئتي دولار أمريكي في الحد الأدنى، ويصل إلى أكثر من ذلك بحسب الموقع والمساحة.
يقول “الأحمد” بلهجته العامية “إذا يقولولنا رزقتكم بالزبالة نروح نجيبها مشان نعيّش عيلاتنا”، وبات الرجل يخبئ دراجته في أحد الشوارع الفرعية ليبيع فيها ما تيسر، لتأمين قوت أطفاله لا سيما في ظل ارتفاع مصاريف الأسر مع ارتفاع الأسعار في شهر رمضان.
وإلى جوار “ساحة الكرنك” كما يطلق عليها سكان المنطقة، الواقعة بالقرب من شارع الوادي في الرقة، أقام علي العلي (32عاماً)، خيمة صغيرة “براكية” يعمل بها منذ عدة سنوات لبيع قطع الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية.
أوامر بالإخلاء ولا بدائل
يقول ” العلي” إنه بعد استثمار الساحة تأتي إليهم البلدية وتعطيهم أمر الإخلاء خلال 24 ساعة دون تقديم حل بديل.
ويضيف لنورث برس: ” قدمنا شكاوى إلى الجهات المسؤولة وإلى إدارة البلدية، لكن لا حياة لمن تنادي، إلى أين نذهب؟”.
ويجاور “العلي” شخص آخر يدعى أبو اسكندر (50عاماً) ويعمل أيضاً في بسطة صغيرة لقطع الهواتف المحمولة، ويعتمد على تلك البسطة كمصدر دخل له، إذ اعتاد على العمل عليها منذ سنين طوال، ولم يعد يقوى الرجل على عمل آخر.
يقول إن قرار الإزالة الذي أصدرته البلدية بحقهم سيوقف عملهم بشكل كامل، إذا يعتمد الرجل في عمله على شارع الوادي والمعروف بأنه سوق للهواتف المحمولة، وفي حال تغيير المكان لن يستطيع الرجل بيع قطعة واحدة، على حد قوله.
ويضيف، أنهم لم يتوانوا بدفع أي مخالفات أو رسوم تفرضها البلدية في السابق، “ولكن قرار الإزالة أثقل كاهلنا إلى أين نذهب”.
ورغم قرارات الإزالة والمنع لا تزال البلدية عاجزة عن طرح حل بديل لأصحاب البسطات، يمكنهم من العمل بشكل منظم، دون أن يؤثروا على المنظر الجمالي للمدينة.