سياسيون ومحللون: لا مستقبل سياسي وإداري لدرعا بمعزل عن الحالة السورية

درعا- نورث برس

ربما تتصدر درعا محافظات الجنوب السوري فيما يتعلق بتفاقم حالة الفلتان الأمني، التي أحالها مراقبون ومحللون إلى عودتها لسيطرة قوات الحكومة السورية عام 2018.

فلا يكاد يمر يوم دون عمليات اغتيال تطال في أغلبها قادة سابقين في المعارضة أو من المنخرطين في صفوف القوات الحكومية هناك، إضافة للأزمات المعيشية التي تعصف بمختلف مناحي الحياة.

فإلى وقت قريب كانت درعا تشهد احتجاجات شعبية واسعة، طالب فيها سكان بتأمين الخدمات والافراج عن معتقلين، فيما يغيب عن المشهد أي مطالبات بأي نوع من الإدارة الذاتية في العلن، لتكون الرغبة الجامحة لأغلب السكان، ولكنها لاتزال طي الكتمان.

درعا كانت ولازالت ساحة منافسة تتقاتل عليها المصالح الروسية والإيرانية، وإن خفت قليلاً أو اتخذت منحى آخر مع انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، ولكن يظل مستقبل هذه المساحة الجغرافية من سوريا، غير واضح في ظل ما يشهده الملف السوري من تطورات على الساحتين العربية والدولية.

لا ظروف مواتية

يقول بشار الحاج علي، وهو عضو عن المعارضة السورية في الهيئة الموسعة باللجنة الدستورية، إنه لا يمكن أن يكون “هناك مستقبل سياسي وإداري لدرعا بمعزل عن الحالة السورية خاصة”.

ولم  تكن درعا، مستقلة يوماً على الرغم أنها كانت خارج سيطرة الحكومة، ولكنها شكلياً، كانت تابعة له.

ويعتقد الحاج علي أنه “من الصعوبة قيام وضع إداري خاص بدرعا، في المدى القريب”.

ويشدد على أن فكرة إدارة ذاتية “تحتاج إلى مقومات، وفي سوريا لا يوجد تطبيق حقيقي”، ويشير إلى أنه يجب أن يكون “هناك نظام دولة مركزي، في الأمور المهمة كالجيش والشؤون الخارجية، والمالية وحتى الصحة، ثم بعد ذلك يتم إنتاج إدارات محلية في ظروف مناسبة”.

يقول المحلل السياسي: “الجنوب السوري له أهمية خاصة، وأي حديث عن فدراليات، لا يمكن أن يكون إلا من خلال دولة وحل سياسي يشارك فيه الجميع، يمكن حينها أن ينتج أريحية في إدارة كل منطقة ليس على مستوى درعا فقط، إنما على مستوى مدن كبرى وتجد المنظومة المناسبة لها”.

ويضيف “الحاج علي” أن “هنالك سياسة ممنهجة لعدم إنجاح أي سلطة إدارية ذاتية في المنطقة؛ وحتى دول الجوار والدول المتدخلة في سوريا لا تريد نجاح هذه التجربة، لأسباب وهي منع تطور هذه الحالة إلى فيدرالية على المستوى السوري، وتنتقل فيما بعد إلى دول الجوار”.

المشروع الإيراني يشمل كامل سوريا

السيطرة على محافظة درعا هدف استراتيجي لإيران، لغاية استثمار اقتصاد الظل في تمويل أذرعها في سوريا، وفقاً لمحللين.

يقول المحلل السياسي والباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي، إن “المشروع الإيراني لا يقتصر على درعا فقط بل يشمل كافة التراب السوري”.

ويضيف النعيمي أن “مشروع إيران يهدف للهيمنة على حدود سوريا ويتخذ من محافظة درعا، قاعدة ارتكاز متقدمة للوصول إلى محافظة القنيطرة والتي من خلال تواجدها تضغط على إسرائيل، ويزعجها من أجل تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية ولوجستية”.

ويرى المحلل السياسي أن “إيران تركز على درعا، لاستخدامها منطلقاً لتجارة المخدرات نحو المنطقة العربية واستثمار عائداتها لتمويل العمليات العدائية تجاه المنطقة العربية”.

ومن وجهة نظر المحلل، ترى إيران “تعتبر هيمنتها على درعا تتيح لها توظيف الهيمنة للضغط على الدول العربية أيضاً،  وذلك من خلال مشروع المخدرات وتفكيك المجتمعات القريبة من الحدود ليسهل لها مستقبلاً العبث في المنطقة واستخدامها كموطئ قدم تمهيداً لاحتلاها مستقبلا”.

ويعتقد النعيمي، بأن طبيعة المجتمع القبائلي والعشائري يعيق مشروع إيران وذلك من خلال الحملات التي يجرونها في مواجهة مشروع إيران للهيمنة على المحافظة.

ويشدد على أن الإصرار الإيراني بالهيمنة على درعا “يتطلب حملات لزيادة الوعي في درعا نظرا لأن إيران تعمل ضمن مشروعين (اقتصادي – عسكري) فعلى الجانب العسكري تقوم بتجنيد بعض أبناء المحافظة وتمنحهم نفوذاً يفوق مؤسسات النظام، وبالتالي تستثمر في توظيف تلك المكانة لمشروعها التوسعي في الجنوب السوري”.

وعلى الصعيد الاقتصادي، “تمنح المقاتلين المنتمين لمشروعها أموالاً أكثر من المقدمة من النظام وبالدولار الأميركي، مما يساهم في فرض نفوذها كضرورة محتمة من خلالها تبدأ بالقضم المتدرج للمدن والبلدات تباعاً وصولاً إلى هيمنتها الكاملة على الجنوب السوري”.

لا يمكن لروسيا احتواء درعا

يجزم العميد الركن عبد الله الأسعد، أن “الروس لن يتمكنوا من احتواء محافظة درعا نهائياً ولا حتى  بشكل جزئي”.

ويضيف الأسعد لنورث برس، أن “التسويات التي تمت هي اتفاق بين روسيا والنظام السوري وهي ليست شيء عابر”.

ويشدد على إن “الروس لا يختلفون عن الأفرع الأمنية لنظام الأسد وهم داعمين أساسيين له”.

إعداد: إحسان محمد- تحرير: فنصة تمو