ثلاثة وزراء زراعة في دمشق.. الرسائل السياسية تتفوق على الإنجازات الاقتصادية
دمشق ـ نورث برس
ربما كانت الرسالة السياسية بزيارة ثلاثة وزراء زراعة عرب لدمشق أهم من الحيثيات التي تمت مناقشتها في الاجتماع الرباعي الذي ضم كلاً من وزراء الزراعة في (العراق ولبنان والأردن)، إضافة إلى نظيرهم السوري، تحت شعار “نحو تحقيق التكامل الاقتصادي على المستوى الإقليمي”، وذلك بعد سنوات من القطيعة بين دمشق والكثير من الدول العربية.
وربما لإعطاء هذه الزيارة المزيد من الأهمية، فقد استقبل الوفد الوزاري العربي من قبل رئيس الحكومة حسين عرنوس، ورئيس مجلس الشعب حموده الصباغ، قبل أن يتم التوقيع على اتفاقية التعاون المشترك بين هذه الدول لمواجهة التحديات التي تنذر بمشكلة نقص الغذاء.
تحسين العلاقات
وفي تصريح لنورث برس، قال مدير سابق في وزارة الزراعة، إن هذا التعاون يمثل فرصة لتحسين العلاقات العربية التي تأثرت كثيراً خلال الحرب.
وعن دور هذا الاجتماع في مواجهة التحديات التي تعاني منها الزراعة، قال أحد الحاضرين إنها لن تتجاوز الحديث والتصريحات، لكنه بين أن لها دور سياسي أكبر من دورها الاقتصادي.
في حين أشارت إحدى المشاركات في “الاجتماع الرباعي” كما تسميه وزارة الزراعة، إلى أن الحديث عن التكامل العربي، وتحقيق نتائج على صعيد الأمن الغذائي سيظل مجرد كلام إذا لم يلمس المواطن فرقاً في تكاليف الحصول على كيلو الخضار بموسمه.
وطرح المجتمعون الكثير من القضايا التي تحتاج إلى عمل مشترك، خاصة أن هذه الدول تتشابه في المشاكل التي تواجه من حيث الجفاف أو الأزمات المالية والأمنية.
ومن العوامل التي ذكرت في سياق الحديث عما يدفع بهذا الاجتماع قدماً نحو تحقيق غايته هو حجم المعاناة الذي تعرضت له هذه الدول بسبب الأزمة السورية. حيث أن إغلاق المعبر الأهم بين سوريا والأردن أثر كثيراً على الوضع الاقتصادي في الأردن، وكذلك الحال مع لبنان الذي تعرض لخسائر كبيرة لأن سوريا هي المنفذ الوحيد له.
وأشار وزير الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن، إلى أن تجربة النقل البحري لتعويض الشحن عبر سوريا قد فشلت.
التغيرات المناخية
ومن القضايا التي ناقشها المجتمعون أيضاً تأثير التغيرات المناخية على الزراعة، خاصة بعدما أصبحت الأمطار تهطل في الصيف، وتنحبس في الشتاء، الأمر الذي تسبب بخسائر زراعية كبيرة.
وأشار وزير الزراعة السوري حسان قطنا، إلى تراجع الأراضي القابلة للزراعة وتراجع الإنتاجية والموارد المائية. مشدداً على أن الموارد الطبيعية لم تعد متوافرة بين الأيدي، وأنه إذا لم تتوفر الإرادة لمواجهة هذه الصعاب متحدين، لن يتمكنوا من الصمود سواء في الأمد المتوسط أو البعيد.
وبين وزير الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن، أن الأزمة الأخطر هي أزمة نقص الغذاء، وأن مواجهة هذه المخاطر “لا يمكن أن يتم بشكل منفرد”، حسب قوله.
ونوه المتحدثون إلى ضرورة العمل على إيجاد حلول لمشكلة نقص الغذاء الذي تسببت فيه الحرب الروسية الأوكرانية، التي تلت جائحة كورونا وما تسببت فيه تلك الجائحة من ارتفاع في أسعار المواد والنقل، بحيث أنها أصبحت أعلى من الدخل عموماً.
منذ عام
فكرة العمل المشترك بدأت منذ عام، حيث انطلقت باجتماع مماثل من بغداد ثم بيروت وعمان، والآن يتم توقيع الاتفاقية في دمشق.
وحظي موضوع التشجيع على الاستثمار في القطاع الزراعي الاهتمام أيضاً. حيث أشار المتحدثون أن ذلك يتم من خلال تعديل الأنظمة والقوانين وتقديم التسهيلات للتشجيع على الاستثمار في هذا المجال الهام.
ودعا المشاركون أيضاً إلى ضرورة التنسيق المشترك في الإنتاج الزراعي، لتحقيق التكامل الزراعي بين هذه الدول ومن ينضم إليها من دول عربية أخرى.
وأشار وزير الزراعة العراقي عباس العلياوي، إلى أنهم مقبلون على تعزيز التبادل التجاري وانسياب السلع الزراعية ووضع أطر وتفاهمات من أجل تبادل الكفاءات وتطوير التعاون الفني في القطاعات الزراعية والحيوانية.
في حين أشار وزير الزراعة الأردني، خالد الحنيفات، إلى أنه سيتم خلال الاجتماعات القادمة بحث القضايا العالقة، وخاصة فرص الاستثمار في القطاع الزراعي، وتبادل الخبرات الفنية بين الدول الأربعة.